المكلا .. عروس في زرقة البحر

> عامر علي سلام :

>
عامر علي سلام
عامر علي سلام
ها هي .. في ربيع عمرها الوحدوي، وقد بلغت الخامسة عشرة بالذكرى، عروس تتزين بعبق تاريخي وقد لبست ثوبها الأبيض.. تدهن جسدها بالنورة البيضاء المكلاوية.. نعم إنه الفرح الآتي إليها في زمن من عمر الوحدة اليمنية.. تتكئ على سفح طودها المنيع، تتجلى فيها أجمل آيات الخالق في خلقه فيلتحم البحر بالمحيط ليصنعا بساطاً أزرق على امتداد سمائها الزرقاء، توازيها شواطئ الموج الذي يقبل قدميها دون خجل، وقد خضبتها بالحناء الحضرمية، وألوان من نور البهجة والفرح في امتداد كورنيش المحضار، أمواج نقية ودافئة يقبلها البحر يومياً في مده لتمنحه مثلها من القبلات في جزره.

إنها المكلا .. عروس في زرقة البحر، فكما كانت هي «الخيصة» و«بندر يعقوب» وكانت أول إمارة لآل كساد في القرن الثامن عشر الميلادي، وعاصمة للسلطنة القعيطية في حضرموت مهد الإشعاع الأول وبداية جذور التاريخ والحضارة، إنها المكلا اليوم تختلف عن الأمس وتقترب من ملامح اللحظة الآتية، فكيف لنا أن نحلم بها وقد طافت في المخيلة نوافيرها البحرية الحديثة وطرقاتها من مطارها حتى ساحتها الكبرى، وارتسمت لوحات الفرح من كورنيش المحضار بامتداد البصر.. نحو الآفاق، فاتحة الحكاية لعظمة مجد الإنسان ومطلع رسالة المحبة والسلام، كانت ترسلها مقرونة بروائح العطر والعنبر واللبان.. محطتها الأولى في دربها الطويل على طريق لبانها الشهير لتصل إلى كل محراب في شرق الأرض وغربها، ليتهجد حول دخان نارها كل المتهجدين، ويترجموا عبر الزمان بها رسالة السماء، من وحي حضرموت موطن الأنبياء الأول «عليهم السلام» .

وفي ربيع عمرها الخامس عشر من تاريخ الزمان في المكان.. تتزين اليوم المكلا، وهي على موعد من الفرح وقد رصفت شوارعها الداخلية وتزينت بالأنوار والألوان، وخلعت ثوبها الداكن، لتلبس ثوبها الأبيض المطرز بالنورة البيضاء المكلاوية وسط محيط البحر، في زمن العشق، في رزقة البحر وبنمط معمارها الفريد الذي كان يسود المدن الواقعة على سواحل البحر العربي وموانئ البحر الأحمر، مثل مدينة العقبة وجدة والحديدة واللحية والمخا وعدن خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلادي إلا أن جميع هذه المدن فقدت طابعها الأصلي واندثر، ولم يبق غير نمط المكلا الذي يجمع بين عناصر المعمار اليمني والعربي ونمط العمارة في جنوب شرق آسيا، ليستقبلك عنوانها التاريخي القابع عند مدخل المدينة على رابية صخرية يشهد تاريخ المدينة من على صخرته كشبح هرم جالس، وعلى رأسه عمامة بيضاء من نور النورة المكلاوية المشهورة «إنه حصن الغويزي» المعجز في بقائه وصموده .. وعنوان المكلا الذي لا نفقده أبداً.

فهنيئاً لك .. العيد .. وهنيئاً العيد فيك.. ياخيصة العمر ..وبندر اليعقوب الحضرمي، وهنيئاً لك المحافظ بن هلال .. وملحمة الحب الأبدي بين اليابسة والماء.. في حوار لا ينتهي مع وعود البحر الغامضة .. والمفاجئة .. ليلتقي حيناً بالمكلا وحينا آخر بالشحر، ويحكي معهن قصص الغرام التي لا يزال عشاق (الدان الحضرمي) يتغنون بها وفي روعة السمع من لحن الإنصات.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى