بانتظار التغيير

> د. هشام محسن السقاف

>
د.هشام محسن السقاف
د.هشام محسن السقاف
تقرير التنمية البشرية العربي الثالث، أكد على ضرورة إجراء إصلاحات سياسية وقانونية في البلدان العربية أكثر مما هو معلن ومما يجري على وتيرة خطوات السلحفاة، ابتغاء مرضاة الولايات المتحدة الأمريكية في أحسن الأحوال وليس استجابة موضوعية لحالة التململ الجماهيري في أقطار العروبة من طنجة الى المنامة، لأن الطبيعة المنهجية التي قامت الدولة القطرية العربية عليها بعد الحرب العالمية الثانية، ظلم على الشعوب مستقى من منابع ديماغوجية ترفع الشعار وتمارس نقيضه، بتوافق مبدئي مع رعاة هذه النظم من الخارج العربي شرقاً وغرباً ليغدو الوجه الديمقراطي المشرق في المنطقة دولة إسرائيل- دون سواها- لصالح أهلها طبعاً.

وعندما ترتفع اليوم أولويات التغيير في اتجاه ليبرالي، تقع الشعوب في فخ الاتكالية على القادم من الخارج بعد أن أعياها المكوث طويلاً تحت قاع العصر، في ظل وهم التغيير عن طريق المستبد العادل.

إن الحالة العربية شبيهة بثقب أسود يزداد قتامة كلما جرى تقنين الإصلاح الديمقراطي عن طريق أجهزة الدولة الصدئة، التي لم تعرف وجهاً لممارسة الحياة من أجل الجماهير في المقام الأول، بقدر ما ألفت ممارسة القمع وتطويع القوانين لصالح أنظمة الحكم التي تبدل كل ما حولها في العالم، ولم تتبدل إلا بمقدار التحايل على الديمقراطية شكلاً لإطالة أمدها في البقاء بعد انتهاء وقتها الافتراضي عدة مرات. وتزداد أزمة النظام السياسي العربي بحالة الفوضى التي تعيشها النخب السياسية والثقافية التي لم تستطع حتى الآن تقديم بدائل مقنعة جماهيرياً للحال السائد، يعتاش بعضها من فتات موائد السلطة، والبعض الآخر يوهم الخارج بالنفخ في ذاته كما تفعل الضفادع لمزيد من الإقناع بأحقيته كبديل لا نستطيع أن نصفه إلا بغربته الشديدة عن حراك الجماهير التي تستطيع أن تراهن على مقدرتها الكامنة، بالمرور على كل التعبيرات السياسية المعارضة، بل وتوجيه الكل في حركتها المنتظرة عن طريق الاحتلال القادم الذي لم يقدم سوى أنموذجاً آخر للاستبداد الداخلي في ظل معادلة المصالح التي لا يفرط بها حتى وإن جرى التفريط بشعاراته الرنانة في إصلاح أنظمة الحكم المستبدة، التي ظل يرعاها عدة عقود في سبيل بقاء مصالحه.

إن أكثر ما يخدر الشعوب العربية هو الاستكانة في ظل متوالية الفساد والاستبداد بانتظار أن تشع أنوار التغيير المفترض من خارج الحدود، بينما برهنت تجارب عديدة في العالم على أن العامل الخارجي ليس إلا عاملاً مساعداً في ظل الانفتاح العالمي، وانتفاء الحواجز السياسية والاقتصادية والتعويل أن تهب الشعوب - كما حدث في أوكرانيا وجورجيا وقرغيزيا ولبنان - لصنع مقاديرها بإرادة حرة وتضحية لا بد منها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى