دولة الثقب الأسود

> أحمد عمر بن فريد

>
أحمد عمر بن فريد
أحمد عمر بن فريد
لست أدري ما وجه العلاقة تحديدا بين قسم الرئيس السوداني بالثلاثة، عدم تسليم أي مواطن سوداني للخارج للمحاكمة فيما حصل بدارفور، وبين إدراج اسم السودان ضمن قائمة ما سمي مؤخراً بالدول (الفاشلة) من قبل الإدارة الأمريكية، وهي الدول التي ترى الإدارة بأنه قد فات الأوان لإحداث أي تغييرات أو ضغوط سلمية عليها من أجل نقلها إلى مرحلة ما يسمى بالحكم الصالح.

وفي الجانب الآخر، وتحديداً فيما يخص بلادنا اليمن، لا أرى من وجهة نظري الشخصية، أي علاقة بين هذا التقرير الأمريكي الخطير الذي وضع بلادنا ضمن قائمة الدول (الهشة)، وهي وفقاً للمعايير الموضوعة من قبل مهندسي هذا التقرير، دول يمكن أن تتجنب الانحدار إلى مرتبة الدول الفاشلة، وبين قول أحد الوزراء اليمنيين مؤخراً بأن تقرير الخارجية الأمريكية الأخير الخاص بحقوق الإنسان قد جاء متأثراً (بجلسات القات) التي قضاها واضعوه بمعية القات اليمني وجلساته السياسية.

وإذا سرنا مع كلام الوزير، فيما يخص التقرير الخاص بحقوق الإنسان، وسلمنا جدلاً بأن أحدا منهم قد تأثر (بقاتنا) وشطح كثيراً فيما رأى وكتب، فإنني أعتقد بأن أحدا ما سيتفق معي بأنه لا السيد وولفويتز، مدير البنك الدولي الجديد، ولا جون بولتون مرشح الإدارة الأمريكية للأمم المتحدة، ولا ثالثهم كارلوس باسكوال مدير الإدارة الجديدة بوزارة الخارجية الأمريكية المعروفة باسم (إدارة إعادة البناء والاستقرار)، كانوا ثلاثتهم متأثرين بالقات، حينما أعدوا تقريرهم السري، وصنفوا اليمن إلى جانب لبنان وجيبوتي من الجانب العربي ضمن قائمة الدول الهشة التي ضمت 25 دولة أخرى.

إن الغضب العربي الرسمي حتى وإن كان مقروناً بالقسم، والتصريحات النارية، والفذلكة الكلامية، التي يظهر بها علينا هذا الوزير أو ذاك، لا يمكن أن تقدم شيئاً مفيداً للواقع العربي المعيب الذي تؤكده التقارير الدولية، ولا يمكن في الوقت نفسه أن يلغي استحقاقات المرحلة الحالية الملحة جداً، التي لا يمكن الفرار من تنفيذها إلا بالفرار إلى المزيد من الكوارث المحققة للشعوب والأوطان.

وإن قيل لنا -عذراً - إن هذه التقارير الدولية تحمل في طياتها أهدافاً استراتيجية سياسية لواضعيها، فإن تقرير التنمية البشرية العربي الأخير 2004م، الذي عكف على إخراجه للشمس أكثر من مائة خبير أكاديمي عربي مؤخرا، وجاء في 274 صفحة، قد قدم للمرة الثالثة على التوالي الحقيقة المرة كما هي، أوضح أن عملية الإصلاح المنشودة لم تحقق أي تقدم يذكر في أي قطر عربي خلافاً للتقدم في الكلام والوعود الكاذبة المقطوعة.

هذا التقرير قدم تحذيراً واضحاً للدولة القطرية العربية، التي سمّاها بدولة (الثقب الأسود) التي تتصف بأنها تجسد هذه الظاهرة التي تحول المجال الاجتماعي المحيط بها إلى ساحة لا يتحرك فيها شيء ولا يفلت من اسارها شيء.

الخطير هذه المرة أن التقرير قد حذر مما سماه (الخراب الآتي) بسبب إمكانية تحقيق تداول قادم للسلطة عن طريق العنف المسلح، في حال استمرار العجز التنموي والقهر في الداخل والاستباحة من الخارج.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى