رياضة الكلام

> «الأيام الرياضي» عوض بامدهف :

> الوسط الرياضي.. الداخل فيه مفقود والخارج منه مولود.. والواقف المتأمل على الضفاف.. لا يدرك ولا يعي ولا يستوعب.. مهما بلغت قدرته على الإدراك والوعي والاستيعاب للأبعاد الحقيقية لنوعية وماهية العلاقات السائدة، والمهيمنة على الوسط الرياضي.

ففي هذا الوسط يوجد كثيرون من هواة ممارسة رياضة الكلام، وللأمانة فعند ممارسة رياضة الكلام تجد - والحقيقة تقال- أساطين وجهابذة هذا النوع من الرياضة يتمتعون بمواهب خارقة في رص الكلمات رصاً متقناً، ويبنون من خلال ذلك صرحاً وهمياً هلامياً أساسه مهتز ومتأرجح، وينتصب واهياً بخيلاء كاذبة لا يسمن من جوع، ويحلقون عبره في سماء ضبابية مزدحمة بالأقاويل والافتراءات، وفي ظل هذا الوهم يكونون أول من يضحى ويبذل الغالي والنفيس من أجل تحقيق التطور الرياضي المنشود، ولكن بالكلمات ذات الوزن الثقيل فقط، لتهتز رؤوسهم على إيقاع ذلك الزيف والوهم، فتطمئن نفوسهم وتغمض عيونهم في استرخاء وهدوء مزيف، ولكن - وما أصعبها من كلمة -فما أن يحين موعد العطاء والبذل حتى تتبدد الكلمات البلهاء، وتهدر الأماني على مذبح الرياء.

فتجد الأساطين والجهابذة قد فقدوا كل شيء حتى القدرة على الكلام، ويسود الزمن برهة إيجابية تتنفس من خلالها الهواء النقي، ونشعر بأن كل كوامن الخير في داخلنا قد حققت الانتصار النهائي والدائم، ولكن - دائماً لكن- ما أن نبدأ في الاستمتاع بهذا الانتصار، حتى نصل إلي نقطة النهاية لأن انتصارنا هذا لنقائه، كان في عمر الزهور، والذي هو عبارة عن فسحة زمنية قصيرة سرعان ما تنتهي عادة وقبل أن تبدأ في أحيان كثيرة، حتى تعاود طاحونة الكلام الهوائية في دورانها المتجدد والممل .

وما أسهل ممارسة رياضة الكلام، لأنها لا تحتاج إلى تدريبات سويدية ولياقة بدنية عالية سوى لياقة اللسان، وهي عادة ما تكون متوفرة وبشكل واسع ونعود إلى نقطة البدء مجدداً وكأننا.. يا رياضة لا رحنا ولا جينا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى