بعض من متطلبات الحوار الوطني

> عبدالعزيز يحيى محمد :

>
عبدالعزيز يحيى محمد
عبدالعزيز يحيى محمد
على الرغم من أن جميع الأحزاب اليمنية تقر وتتبنى في أدبياتها ووثائقها وخطابها السياسي مبدأ الحوار مع الآخرين ، فنجد منها من يطلق من حين لأخر دعوات لإجراء حوارات مشتركة بصدد جملة من القضايا والمواضيع، فيتم الاستجابة لها والقبول بها من قبل الأحزاب والقوى الأخرى، إلا أننا - وبكل أسف- لاحظنا أن الفشل هو المصير الوحيد الذي آلت إليه كل الدعوات والحوارات التي تمت بموجبها.

والسبب في ذلك يعود في رأيي إلى أن تلك الدعوات والحوارات التي تمت بموجبها ، قد افتقرت للخطوات والإجراءات التي ينبغي على كل حزب وقوة سياسية القيام بها واتخاذها، ومن شأنها إيجاد وخلق الأجواء والمناخات المناسبة والملائمة، لتتحول النوايا والمقاصد الصادقة والنبيلة التي تقف وراءها إلى أفعال وأعمال إيجابية يلمسها ويشعر بها كل فرد من أفراد المجتمع.

فمن أهم الاستنتاجات التي لم تستفد منها كل القوى والأحزاب السياسية اليمنية تقريباً، هو ذلك الاستنتاج الذي توصل إليه القائد الفرنسي الشهير(نابليون بونابرت) قبل أكثر من مئتي عام ومفاده: أن السياسة لا تعرف الصداقات أو العداوات الدائمة، وإنما تعرف المصالح الدائمة ، حيث يتجسد عدم استفادتها من ذلك الاستنتاج من خلال الإفراط والمبالغة التي أبدتها وما زالت تبديها كل قوة وحزب سياسي في خصومته أو تصالحه ليس فقط مع الأحزاب والقوى السياسية الأخرى فحسب بـل وحتى مـع التيارات السياسيـة بداخلها .

فلو تتبعنا مسيرة العلاقات التي نشأت بين الأحزاب والقوى السياسية اليمنية منذ قيام الثورتين اليمنيتين سبتمبر وأكتوبر في مطلع ستينات القرن العشرين وحتى اليوم، وقمنا بمقارنة حجم ومقدار ما بذل وأنفق وسخر لها من جهد وطاقة ومال وإمكانيات لخلق الخصومات والعداوات فيما بين أطرافها ، بما تم إنفاقه وتسخيره لصالح التصالح والوفاق والتقارب فيما بينها، سنجد أن ما أنفق على الخصومات والعداوات يفوق وبصورة لا تقارن ما أنفق على التصالح والوفاق ، فكان من الطبيعي أن يؤدي كل ذلك إلى أن تنتهي العلاقات بين الأحزاب والقوى السياسية اليمنية إلى صراعات وحروب دامية كلفت الشعب اليمني مئات الآلاف من خيرة أبنائه، ومئات المليارات من الدولارات للدمار والخراب الذي خلفته ومازالت تخلفه تلك الحروب والصراعات.

ولتجاوز هذه الأوضاع المأساوية في حياتنا السياسية ، ولخلق أوضاع صحية بديلة عنها، ينبغي - كما أرى- أن يدرك كل حزب وقوة سياسية في السلطة والمعارضة أن إجراء حوارات وطنية وخروجها بنتائج مفيدة ومثمرة يستفيد منها الجميع يتطلب فيما يتطلبه التالي:

إفساح المجال أمام الجميع للمشاركة في تحمل المسؤولية بصدد كافة القضايا والمواضيع التي تهم الوطن وأبناؤه، فمن أولى وأهم الخطوات التي يجب القيام بها بهذا الصدد هي: تسخير وإخضاع كل مؤسسات الدولة وأجهزتها المختلفة لخدمة مصالح وطموحات كل مواطنيها دون استثناء ، بغض النظر عن انتماءاتهم وقناعاتهم ومكانتهم السياسية والفكرية والمناطقية والاجتماعية والطائفية .. إلخ.

اعتماد وتبني كل حزب وقوة سياسية برنامجاً وخطاباً سياسياً وإعلامياً واقعياً ومسؤولاً ، يراعى فيهما الأوضاع التاريخية المختلفة التي يمر بها ويعيشها ويواجهها المجتمع والشعب اليمني ، وأن لا يضخم أو يقلل من الايجابيات أو السلبيات التي تحققت وتعتمل ، بحيث يمكن للمواطن اليمني من خلالهما أن يجد ويعرف وبصورة صحيحة العوامل والأسباب الموضوعية والذاتية الحقيقية ، التي تقف وراء النجاحات أو الإخفاقات التي تتحقق لصالحه ، وتلك التي يعاني منها ويواجهها.

الربط الوثيق والسليم بين ما تعبر عنه الأحزاب والقوى السياسية على الصعيد النظري من ناحية وبين ما تمارسه وتقوم به فعليا على صعيد الواقع من ناحية أخرى، وذلك من خلال:

1- المقارنة بين ما ينص عليه الدستور من مبادئ عامة لتنظيم شؤون الحياة السياسية، وما تمخض عنه من قوانين بهذا الشأن، وبين ما تتضمنه وثائق وأدبيات وخطاب كل حزب وقوة سياسية بهذا الصدد.

2- المقارنة بين ما تتضمنه وثائق وأدبيات كل حزب من مبادئ وآراء وتصورات لتنظيم شؤونها الداخلية وشؤون المجتمع ، وللتعبير عن همومه ومشاكله .. إلخ، وبين ممارسته العملية لها على صعيد حياة المجتمع بصورة عامة وحياته بصورة خاصة.

3- تقييم دور الأحزاب والقوى السياسية في تنشيط وتفعيل أوجه الحياة السياسية، على أن يعاد النظر في تشكيلة اللجنة المكلفة بتطبيقه، بحيث يمثل فيها كل حزب لديه ممثلون في مجلس النواب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى