ما بين الشبامي الشاب وأصدقاء التنمية والإبداع الصدق بوجه واحد لا بوجهين!

> «الأيام» علي سالم اليزيدي :

> في مارس من العالم الجاري، كنت في شبام، واستضافني منتدى (شبام) الثقافي وتمت ليلة بحضور رائع وأقاصيص وحكايا وأدب حقيقي، وجدت نفسي ووجد الحاضرون أنفسهم أننا نقف في مواجهة وضعنا الأدبي والكتابي والنثري والفكري، التحمنا ببعض من واقع المطاردة التي تلاحقنا وتسحقنا وتمحو الأدب فينا وتزرع التزلف، وصناعة كلام المناسبات وإحياء ليالي الموالد للسلطة وأقربائها، غير مدركين أننا نقصف، وأن خيامنا ومراعينا ومضاربنا الأدبية بعيدة عن النوايا التي نسخرها نحن الأدباء لضرب بعضنا البعض والتآمر على ذواتنا، هذا يتكتل ضد ذاك! تغير اتجاه القلم، فبدلاً من أن يذهب إلى تلاحم قوانا، انتزعنا أسنانه وشحذناه بقوة لا دخل للأدب والثقافة والقصة والشعر والنقد الأدبي بها، من يقف مع من؟ حتى داخل اتحاد الأدباء أصبحت وجوه تصعد، وعلى وجوه أن تمنع ما بين قرب وبعد طريق وباب السلطة وعنايتها، ويفضل البعض هذه اللعبة وما أكثرهم هذه الأيام! وقد أضحكني زميل مثقف وأديب عتيق عندما قال لي: وأنت تجلس تخزن جنباً إلى جنب مع الأديب الآخر، وتشعر وكأنما هو يأكل كتفك، أدباء نتآمر بيننا البين ونخلي ساحة الأدب والفكر، ونتعلم صراع السياسيين الذين دسوا لنا السم في سن القلم، يوم الانتخابات وما قبلها لا نبحث عن أديب ومثقف يقودنا، بل عن قريب من باب الحاكم ويجيد الفهلوة وعلى طريقة (باينفع نحن مع الجماعة) وهذه وقائع تسربت فينا، وتخجلنا كأدباء.. حقاً تخجل!

المثل الرائع والعظيم جاء من عدن، وحدها، عدن صنعت لنا حقيقة أن الإجماع على الأديب والناشط الأدبي، وأن تاريخ الفكر والمنتديات العدنية في مطلع الستينيات وصحافة عدن وآراء المثقفين، قد خلقت تراثاً نفخر به ويسعدنا، وحري بنا الكتابة عنه والاحتفاظ به داخل القلوب كعودة للأنغام الجميلة والزمن العريق وصدق الرجال وواقعية التراث الأدبي والفكري، وليس ادعاء وشهرة.

أجمع أدباء عدن الكرام على قيادة أدبهم واتحادهم، ولم يتكتلوا هذا من هنا وهذا من هناك! حينما نجح القائمون أعادوهم إلى الصدارة بفخر، وقبلها أقدم الصحفيون أيضاً في عدن على نمط ممتاز في مواجهة تحدّ يعلمونه، وهو اختيار نقيب الصحفيين بعدن الأستاذ المثقف واثق شاذلي بإجماع دون انتخاب، ويومها قلت له: إنه أعظم تكريم لا تمنحه حكومة لشخص، منحتك إياه عدن يا واثق!

وفي شبام حيث الصدق سألني شاب في ربيع العمر حضر يساندني عندما قرأت مجموعة قصصية هناك، وسألني سؤالاً قوياً، قال لي محمد ربيع بلسود، ابن الـ 14عاماً: «لماذا نشاهد العناوين للقصة عند هذا الكاتب أو غيره بها بعض التركيبات للكلام مثلاً (أريد أن آكل لأنني جائع!)» ومن تبادل الحديث معه وشرح المدارس الأدبية وفنية الكاتب وتقنية المفردات، هناك إسقاطات تتم للإشارة للمعاني وإعطاء معان رفيعة حتى تتواكب الفنية ودرجتها. نصحت الشاب الأديب القادم، بالقراءة وعدم التوقف عند هذا السؤال أو غيره، فالوقت سيحسم أمورا ثقافية، من مدرسة دستوفسكي إلى برناردشو إلى بوشكين ونجيب محفوظ إلى بتراندرسل وهوجو وسارتر ومحمود درويش والعقاد حنا مينا وكولن ولسون وتشيخوف وبلزاك وكافكا وغيرهم، أمام هذا الولد الشاب الصدق كله، وهو الشبامي، وكلام الشبامي حكمة.

وحينما يظهر أمامنا الصدق بوجه واحد لا بوجهين، فإننا نسعد وننفعل لحد البكاء، وهو ما نبحث عنه في حياتنا الراهنة! ومن بوابة جمعية الشباب للتنمية والإبداع التي ظهرت في المكلا، وقدمت نموذجاً للإبداع والصدق وحرية الانطلاق الجديد، بدلاً عنا نحن الأدباء الكبار الذين نتآمر على بعضنا، نتمنى لهذه الجمعية والأدباء الشباب الأنقياء والمندفعين، أن لا يتعلموا منا الكيد. الفراشات حينما تقترب من النار تحترق، وهؤلاء الصادقون الجدد ونشاطهم أمنية قادمة لأدب يتجدد.. ولهم التوفيق، بعيداً عن التقليد إلا في صدق النوايا. والله من وراء القصد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى