د. معن عبدالباري ود. سمير الشميري في ندوة منتدى «الأيام» حول الجريمة وسبل مكافحتها..سجن المنصورة بعدن حاز أمام المنظمات العالمية الدرجة الأولى في التعامل مع النزلاء في إطار بلادنا

> عدن «الأيام» خاص:

> في الحلقة الأخيرة من الندوة الخاصة بالجريمة وسبل مكافحتها، التي نظمها منتدى «الأيام» الاربعاء الماضي نقف على إجابات كل من ضيوف الندوة على استفسارات وأسئلة طرحت من قبل المشاركين في الندوة أو تم إرسالها عبر الفاكس أو البريد الإلكتروني من المواطنين.

الملاحظات والاستفسارات
في الندوة جرى تقديم عدد من الملاحظات والاستفسارات من قبل الاخوة: هشام باشراحيل، سعيد نعمان، صلاح الاغبري، علي السيد عبدالله، فضل الربعي، سمير علي يحيى، عبدالله ناجي علي، أمين أحمد عبده، حسين علي ناصر، نعمان الحكيم، رياض فيصل الزايدي وسالم عبدالله ياسين، حيث تطرقت الملاحظات والاستفسارات إلى موضوع الجريمة وأنواعها وأسبابها، وركزت على أهمية تفعيل أنشطة التوعية للوقاية والحد منها من خلال التمسك بالوازع الديني وبالموروث الثقافي والحضاري والعادات والتقاليد الإيجابية، وخلق ثقافة مجتمعية أمنية تتكامل فيها جهود ودور مختلف المؤسسات والمرافق الحكومية وكذا منظمات المجتمع المدني والمواطنين لدراسة ومعالجة المشاكل القائمة، وتقديم المعلومات التي تساعد الأجهزة الأمنية في تحقيق أداء أمني فعال يمكنها من المتابعة والسيطرة على الحوادث الأمنية ومكافحة الجريمة قبل وقوعها.

الردود على الملاحظات والاستفسارات
رد الأخ د. راشد سعيد مانع، مساعد مدير أمن محافظة عدن لشؤون الشرطة، على الاستفسارات والملاحظات، حيث قال: «شكراً جزيلاً للإخوة الذين توجهوا بأسئلتهم وملاحظاتهم فيما يخص الجانب الذي تطرقت له والذي تطرقه له الزميلان د. معن ود. سمير، في اعتقادنا أن هذه الفترة الزمنية المحدودة التي أشرتم فيها إلى الإيجاز وعدم التحليل وطرح بعض النقاط، لا أعتقد أن ظاهرة مثل ظاهرة الجريمة - التي هي ظاهرة تاريخية مرتبطة بالكينونة البشرية منذ بدايتها وحتى يومنا الحالي - نستطيع الإلمام أو الاستجابة لكل الأسئلة التي تدور بشأنها في مخيلات أو في فكر كل منا، إذا ما لمسنا فإننا أوردنا وحصرنا حالة الجريمة على محافظة عدن، لأن الحديث وكأن الجريمة منتشرة، نحن أوردنا حالة الإيذاء العمدي الخفيف وهي نسبة 62- أو 63% من إجمالي نسبة الجرائم كل سنة مثل جرائم السرقة وشرب الخمور، بمعنى أنه إذا واحد صايح واحد يريد بلاغا جنائيا وهي حالة لم تكن جريمة، ولكن أنت مضطر وفقاً للقانون أن تكيفها وفقاً للمادة القانونية جريمة.

نجد أن 21% من الجرائم المرتكبة في المحافظة هي إيذاء خفيف، إذن جزء من السؤال أعتقد أن الرد عليه واضح، لكن الجرائم المعقدة والخطيرة والتي أشرنا إليها بأنها جرائم جسيمة فهي محدودة، وأشرنا إلى أنه بشكل عام حتى على النسبة المئوية التي نحن رصدناها في إطار المحافظة أو عموم الجمهورية، نجد أن حالة الجريمة في المحافظة لكل ألف نسمة 3.4% مقارنة بالدول الأخرى أو المجتمعات العربية حالة الجريمة عندنا، بالرغم من وجود السلاح والنمو السكاني المضطرد في المدن، نجدها حالة أخفّ، لكن هناك جرائم كما أشار لها الأخ هشام تثير الناس لأسلوبها.. الأسلوب الإجرامي سيظل مبتكرا، وأسلوب الرد على الأسلوب الإجرامي سيظل أيضا مبتكرا، وهو سباق بين حالتين، بين المجرم ومتتبع الجريمة، والسباق في فن التكنولوجيا وفن وصول الآثار، وفي فن الضبط .. هل هذه الجرائم التي نتحدث عنها مجهولة أم مكتشفة؟ إن الاجهزة الموجودة بكل إمكانياتها التي هي معروفة للجميع سواء كانت راقية أو عكسها، سنجد أن أغلبية الجرائم في إطار محافظة عدن هي مكتشفة، ولكن الجرائم المجهولة نسبتها محدودة جداً جداً، وتُتابع وتُكتشف من حين إلى حين، وسنرد على مثل: الجرائم التي تمت في أعوام سابقة اكتُشفت في أعوام لاحقة، لأن المتابعة تظل دائمة، والمجرم لا يفلت من العقاب، لأنه لا توجد جريمة بدون أثر، وعدم وجود جريمة بدون أثر يعني أنه توجد متابعة لهذه الجرائم وتُكتشف.

وفيما يخص المجموعة الذين يحمون السواحل المتعلق بمضايقة المواطنين، لدينا رقم (199) هذا الرقم معمم على كل مواطنينا في عموم الجمهورية، عند حدوث أي مضايقات فما على المواطن إلا أن يتصل بهذا الرقم.

بخصوص المسجونين وتعليمهم هناك برامج خاصة لهم، وللمعلومية إن سجن المنصورة بعدن حاز أمام منظمة الصليب الأحمر الدولية والمنظمات العالمية على الدرجة الأولى من حيث التعامل مع النزلاء في إطارنا طبعاً، وليس الدول الأخرى.

الجانب المتعلق بالسلاح أعتقد إذا أخذنا أغلبية الجرائم المرصودة في المحافظة عدن سنجد أن نسبة استخدام السلاح متدنية جداً، وإن كانت هناك حالات، لكن نقول إن نسبة الجريمة المدونة وفقاً لقانون العقوبات والتي اتخذت فيها الإجراءات وحولت إلى النيابة والقضاء وتم اتخاذ التدابير العقابية، فنحن قد أشرنا إلى أن هناك تدنياً في مسألة العقوبة، ومسألة العقوبة لها اتجاهات مختلفة، من الجرائم ما يتطلب العقوبة المشددة ومنها ما يتطلب أسلوب التربية، وهذه نظريات يؤخذ منها الأفضل فيما يخص التعامل الإنساني مع هذا الإنسان، لأن هذا الانسان لم يأت مجرماً بفطرته من رأينا الشخصي، ولكن نتيجة ظروف وملابسات موجودة حصل للبعض منهم كما أشار الاخ د. سمير، ولكن ليس مجرم اللحظة .. يسمى مجرم اللحظة .. نقول إن هناك ظروفا وعوامل، والظروف والعوامل تختلف من حالة جريمة إلى أخرى، اذا أسهبنا سنجد أن كل حالة بحاجة إلى دراسة خاصة لها من أجل أن نعطي إجابة عميقة وصحيحة، في كل حالة جريمة نبدأ بشخصية الجاني، أحيانا يكون المجني عليه هو السبب في ارتكاب الجريمة، لكن لإفراد شخصية المجرم وموقعه وعلاقته وثقافته وتربيته وتنشئته ومن هو هذا الانسان وما هي الظروف الملابسة، والظروف المحيطة به هل هي ظروف أسرية أم اجتماعية ...إلخ، فحالة الجريمة الواحدة تحتاج إلى كم كبير من المتابعة.

أرى أنه في الجانب القانوني هناك قواعد قانونية نحن نلتزم لها ونتقيد بها ونتعامل معها تجرم الفعل الجاني، المادة العقابية أو المادة في القانون الجنائي هي مادة تُحرم فعلاً وتجرّمه وفي المقابل تحدد له عقوبة معينة، ونحن في طريقنا نسلك وفق قانون الإجراءات الجزائية تنفيذاً لبند ونص قانون العقوبات المحدد للعلاقات الاجتماعية الموجودة في هذه المادة، والتي تحمي المجتمع من خطر المجرم.

ونأتي نحن بحكم وظيفتنا الضبطية لممارسة إجراءاتنا التي يتطلبها القانون منا وفقاً للمادة 92 من قانون الإجراءات الجزائية لمدة 24 ساعة، ونسلمها للنيابة كجهاز تحقيق، وخلال هذه الفترة لازم أن نقوم بالبحث والتحريات والإجراءات واستكمال الملف وتقديمه للنيابة، ومع هذا هناك انتداب وفقاً للقانون أيضاً نستطيع من خلاله التعامل مع حالة الجريمة، كل جريمة على حدة إذا تطلب ذلك، ونقوم بإجراءاتنا للوصول إلى تحقيق العدالة وضبط المخلين بالأمن والنظام والاستقرار والأمن الاجتماعي.

نحن أعطينا الفصل للواقع وللأرقام وللجرائم التي تم ارتكابها في المحافظة بدقة، ومن إحصائيات دقيقة في المحافظة، ومن ملفات تحركت من إطار الضبطية الى النيابة ومن ثم إلى القضاء، وهذه الجرائم التي تم ارتكابها مقيدة ومعروفة ومحددة، والعناصر المرتكبة لها محددة منهم المدنيون والعسكريون وحالات البطالة الذين ارتكبوا فيها، محدد جميعها بالتفصيل، وقد طرحناها لنشرها .. عندنا شفافية وليس لدينا مانع من ذلك لأننا نطمح في أن نضع الصورة الصحيحة، لأن حالة الجريمة المعقدة أو المنتظمة لم نصل إليها بعد، والجهود التي تبذل من قبل الاجهزة الضبطية القضائية ومن قبلنا كبيرة فهي أجهزة لا يستهان بها، وقلنا إن كل مركز شرطة يخدم أكثر من 34000 نسمة في إطار المحافظة مع ملاحظة ازدياد عدد السكان المضطرد.

أحد الزملاء إشار إلى موضوع الجانب الاقتصادي، أقول بطبيعة الحال مثل الإنسان إذا استطعت الإلمام بكينونته، أقصد جانبه المادي والروحي، تستطيع أن تلم بالجريمة هذه، وهل السبب هذا لوحده المؤثر أو غيره، هناك جملة من الاسباب، وقلنا نحن بعض الأسباب والمعالجات وليس كل، ولكن بعض من كل، وهناك جملة من هذه الاسباب متى ما تكاملت واستطعنا أن نلم .. وأشرنا إلى أن كل جريمة يجب أن يكون لها عاملها الخاص، ومن ثم نأتي بالكم من الأسباب هذه، ونحددها ما هو السبب الذي يتعمم في كثير من الجرائم، ونقول هذا سبب، أما كل جريمة فلها أسبابها الخاصة، وكل شخصية لها نمطها الخاص مثل البصمة سواء بصمة اليد أو بصمة الصوت أو العين.

أعتقد أنني سأكتفي بهذا القدر وأترك المجال لزملائي لأنني أخذت حيزا أكبر وإذا كان هناك سؤال مباشر ومحدد أنا على استعداد تام للإجابة عليه وشكراً».

د. معن عبدالباري قاسم: السؤال الأول المتعلق بكم نسبة دقة علم نفس الملامح في تشخيص المجرمين؟ طبعاً هناك تطور كبير لهذا العلم، ويستخدم ولكنه ليس معمما بشكل ثابث لأن له محاذير من خلال مشكلة التعامل مع الأجناس، أكثر الأجهزة المتطورة في هذا المجال الجنائي هو الجهاز الفيدرالي الأميركي (F.B.I) يستخدمون مثل هذه التقنية لأنه حتى عندهم هناك شعوب وأجناس من مختلف القوميات، لكن له محاذير أحيانا .. الانتقادات التي على هذا العلم أنه مثلاً ما يُصنف أن هذا الشكل يتميز بالشخصية الإجرامية قد يأتي من قومية أو أجناس أخرى لا يكون بهذه الصفات، رغم أنه قد تم العمل في هذا المجال، وحاولوا أن يقسّموا مدى العضلات الموجودة على الوجه، حدة الزوايا للعيون والشفاه.

إلى جانب أن هناك علم تصوير بالرنين المغناطيسي يتم من خلاله تصوير دماغ الانسان، وهذا العلم الأكثر شيوعاً، وهناك أيضاً أجهزة تقنية مثل جهاز كشف الكذب، إلا أن هذه الاجهزة كما قلت لها أحياناً محاذير خطيرة، حيث إن بعضاً من الناس ممن ارتكبوا جرائم وآلت بهم إلى الإعدام ولم يستطيعوا التأكد من دقته ومدى مصداقيته، لأن الجهاز المسؤول عن الذاكرة الموجود في الدماغ لم يستطيعوا معرفة كيف يؤدي هذه الوظيفة بحيث ينتزعون منه هذه الذكريات.

أما السؤال الآخر المتعلق بالأمراض النفسية الأكثر انتشاراً بين المجرمين عندنا، بأمانة أقول إننا نفتقد- ليس في هذا المجال فحسب وإنما في كثير من المجالات - إلى المسوحات والاحصاءات المتعلقة بالمشكلات الاقتصادية والاجتماعية، فما بالك في الجانب النفسي الأكثر صعوبة، وبالتالي من الصعب أن نتحصل على مسوح، نحن لم نستطع الحصول عليها عند الناس الأسوياء، لكننا نستعين بالتصنيفات الإحصائية عن طريق المعادلات الرياضية المستخدمة من قبل منظمة الصحة العالمية من أن 20% من واقع أي تجمع سكاني يعاني من مستوى الاضطربات النفسية والسلوكية.

فحسب الورشة الثانية التي تم تنظيمها في صنعاء بالتعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر حول واقع ومستقبل الصحة النفسية في اليمن، تم تطبيق هذه المعادلات على الواقع اليمني وأفرزت أن 20% (قرابة مليونين) يعانون من الاضطراب، أكثر هذه الاضطرابات شيوعاً هو مرض الفصام، ويأتي بعده الاكتئاب وبالتالي حتى كثير من الشخصيات التي تعاني مثل هذه الاضطرابات المفجعة، أنا حذر لأن التشخيصات من أجل أن تعطي تحليلا علميا دقيقا يجب أن تدرس دراسة الحالة للمشكلة، مثل ما سمعنا حالة (اللي شرب دم ابنه) بعضهم يعانون مرض الفصام، وبالتالي يرتكبون أشياء لا يدركون ما يقومون به في هذا الفعل، تكون مثل هذه الاضطرابات أو الاكتئاب هي المسؤولة عن مثل هذه الافعال، وللأسف لا يوجد تشخيصات .. المفروض أن لا نكتفي بعرض الظاهرة، ولكن ما هي المقترحات؟ نحن نطلب زيارة الخدمات المقدمة في هذه المجالات، وزيادة البرامج التشخيصية والعلاجية، والرعاية الاجتماعية.

هناك سؤال عن ما يجري من هذه المشكلات هل هناك قلة في الكفاءة، ولماذا هذا التدهور؟ طبعاً إن العالم كبر والتكنولوجيا زادت، والعالم صار قرية، وكل ما حدث من تدهورات وحروب أو نكبات طبيعية مثل حادثة تسونامي، وبالتالي ستظهر مشاكل ستلقي بظلالها علـى المجتمعات، فإذا كانت لا تمتلك البنى التحتية القادرة على تحمل مثل هذه الضغوط أكيد سيتصاعد الرسم البياني لحجم المشكلات.

لهذا علينا مزيد من التقبل للتغيير والتواصل، وأن يكون لنا قدرات على ذلك، لكي تساعدنا على تغيير مفهوم السلوك الإجرامي، فإذا لم نتقبل المتغيرات خصوصاً بين الذكور والإناث، سنظل نفكر، وبالتالي سيؤدي بنا إلى الدخول في صراعات بين الأجيال، لهذا كلما كنا قادرين على التقبل قل مستوى هذه الانحرافات السلوكية.

د. سمير عبدالرحمن الشميري، أستاذ مشارك في علم الاجتماع، رئيس قسم علم الاجتماع كلية التربية عدن:

طبعا هناك ملاحظة فيما يخص أيضاً الجرائم، هناك عالم في علم الإجرام اسمه «إدوين سودرلاند» يقول: «ليس بالضرورة أن نربط مشكلة الجريمة بالفقراء فقط، ولكن ايضاً يجب أن ننظر إلى الجرائم التي يرتكبها أصحاب الياقات البيضاء». فهو ربط الجريمة بالتركيب الاجتماعي أو بالطبقات الاجتماعية العليا داخل المجتمع، وقال ايضاً إن هؤلاء يرتكبون فساداً داخل المجتمع ويرتكبون جرائم مكلفة للمجتمع. وبالتالي نحن نقول يجب أن تكون نظرتنا منصفة أن من يرتكبون الجريمة هم من الطبقات الدنيا والعليا وفي الحالتين يشكلون كلفة على المجتمع، وأيضاً خطراً على الأمن الاجتماعي.

علماء الاجتماع يؤكدون - امثال «اميل دوركايل» و«درهاند روف» و«لويس كوزر» - حول أهمية القيم الاجتماعية، وهنا يضعون الإصبع على الجرح ويقولون عندما تنهار القيم الاجتماعية فإن هذا يؤدي بالضرورة إلى بزوغ الإجرام وشيوعه بألوانه وظروفه المختلفة داخل المجتمع.

هناك نقطة جوهرية ومحورية عندما نتحدث عن الإجرام وخاصة في المجتمعات التي تشهد تحولات اجتماعية في فترة التحول الاجتماعي من مرحلة تاريخية معينة إلى مرحلة تاريخية أخرى .. هنا تحدث هزات عميقة في حياة المجتمع فتنبجس حينها جرائم بظروف شتى وبألوان مختلفة، لأن هذه الهزات الاجتماعية وهذا التحول الذي يحدث، سيحدث ارتجاجاً في العلاقات والقيم الاجتماعية وفي التنمية الاجتماعية، وارتجاجاً في الأخلاق والضمير إلى غير ذلك، ومن هنا تتناسل الجريمة وتظهر بصورها المختلفة داخل المجتمع، وهذا أيضاً مرتبط بسؤال الاستاذ هشام لماذا تظهر أحياناً جرائم بشعة ومجلجلة داخل المجتمع؟ طبعاً هذه مسألة طبيعية تظهر في كل المجتمعات، لكن في تقديري أن صاحب الجرائم موجودة في كل المجتمعات ولكن تختلف نسبتها من مجتمع إلى آخر، وبالتالي أن الجريمة هي تعبر اساساً عن الاشكاليات التي يعانيها هذا المجتمع، وتأخذ سمات هذا المجتمع، وطبيعة الانهيارات الاجتماعية والاخلاقية والاقتصادية والثقافية التي تحدث في رحم هذا المجتمع أو ذاك.

علي واجب الإشارة إلى أن هناك علماء أمثال المفكر الفرنسي «مابلي» الذي يؤكد مسألة النمو السكاني، حتى أننا نلاحظ أحياناً في الاحصاءات الرسمية سواء كانت لدينا أو لدى البلدان الأخرى، تقول تلك الاحصائيات إن أرتفاع نسبة الجريمة بسبب ارتفاع عدد السكان، أن لا أعتقد أن هذا السبب النسبي، لأنه إذا كنا نسير بهذا المنطق سنجد أن الصين أو الهند ستكون من أكثر البلدان التي ترتكب فيها الجرائم، وبالتالي نحن نقول صحيح أن العامل السكاني يلعب دورا معينا في عدد الجرائم، ولكن ليس هو السبب المركزي لهذه المسألة، رغم أن المفكر الفرنسي (مابلي) يؤكد حول مسألة النمو السكاني.

فيما يخص الجريمة والعوامل الجغرافية والمناخية المؤثرة في الجريمة مثل حالات الانتحار، يذهب رهط من علماء الاجتماع وعلماء النفس الاجتماعي إلى قائمة الاسباب المؤدية إلى الجريمة فينفق هؤلاء جل طاقاتهم في دراسة مثل درجة الحرارة والبرودة وسرعة الرياح وسقوط الأمطار وتقلب الفصول وتغييرات الطقس وكسوف الشمس وخسوف القمر وتراكم السحب الممطرة وإلى غير ذلك، طبعاً تلعب البيئة الجغرافية والمناخ أدوارا معينة، لكن نقول ونؤكد مرة أخرى أن هذه الأسباب ليست هي الأسباب الرئيسية أو الفعلية لحدوث الجريمة، ونؤكد أيضاً أن عامل الفقر وعسر الحياة المعيشية في المجتمعات، لأن هذا العسر تتناسل منه تفككات وجرائم في المجتمعات، طبعاً معروف أنه يوجد في المجتمع شيء يسمى انحرافات نفسية، وهناك انحرافات اجتماعية والتي يأتي من نتيجتها الجريمة، معروف أن الانحرافات النفسية هي عندما يعاني الإنسان أو المجتمع علة نفسية ما، وتكون سبباً لارتكاب الجريمة، هناك جرائم لا تكون سببها الرئيسي العلة أو المرض النفسي وإنما تكون لأسباب اجتماعية معينة مرتبطة بالتنشئة وبالأسرة ومرتبطة بالتفككات الاجتماعية وإلى غير ذلك، وبالتالي لا يجب أن نفصل هذين العاملين، لأن حقيقة أن لكل جريمة أيضاً مؤثرات نفسية معينة حتى وإن كانت تأخذ طابعاً اجتماعياً صرفاً، إلا أنه في نهاية المطاف لها موثرات نفسية معينة.

في سؤال لأحد الزملاء يقول لماذا لا تتحدثون عن جنح الأحداث؟ طبعاً ما هو موجود لدي لمثل هذه الاحداث، نجد أن المنتحرين في عام 2004م (18) حدثاً، والذين شرعوا بالانتحار أيضاً 18 حدثاً، يعني 36 من الأحداث انتحروا وحاولوا الانتحار في عام 2004م، طبعاً هناك أحداث جنح في السرقة والتزوير (38) حدثا، أما الاحداث المتورطون ايضاً في إطلاق النار(69) حدثا على مستوى الجمهورية اليمنية، وهذه الأرقام رسمية.

أنا أعلق على جملة وردت على طرف لسان زميلي د . معن، وهو يقول إن بعض الدراسات تشير أنه يوجد في اليمن (2 مليون) مصاب بالاضطرابات «الهيستيرية» ولكن يبدو أن الدراسات الحقيقية تشير إلى «000،700،2» مصاب بالهيستيريا.

هناك سؤال زميل آخر يقول لماذا د. سمير يتعرض لبعض الجرائم؟ طبعاً أنا يوجد لدى سلسلة كبيرة من الجرائم التي رصدتها، ولا أعتقد أن الوقت يتسع لأن أسردها على مسامعكم، ما ذكره حول الاستديو وموت الشيخ العجوز مانا، طبعاً هذه موجودة، لكن الوقت لا يسعفنا كي نرد على جميع هذه الملاحظات .. شكراً على إنصاتكم والسلام عليكم ورحمة الله».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى