في العيد الوطني الـ (15) للجمهورية اليمنية أبين تِكرم العطروش

> «الأيام» مختار مقطري :

>
المحافظ والأمين العام للمجلس المحلي ووكيل المحافظة في مقدمة الحضور
المحافظ والأمين العام للمجلس المحلي ووكيل المحافظة في مقدمة الحضور
برعاية الأخ م. فريد أحمد مجور، محافظ أبين، نظم مكتب الثقافة والسياحة بأبين حفلا فنياً مساء الجمعة الماضية، حققت أبين من خلاله هدفا كبيرا بتكريم الفنان الكبير محمد محسن عطروش من خلال تخصيص فقرات الحفل كلها لتقديم عدد من ألحانه الرائعة التي قدمها على مدى مشواره الفني الطويل الذي بدأه مطلع الستينات من القرن الماضي، ولم ينته بعد، وفيما يلي تغطية موجزة لوقائع هذا الحفل.

كان في مقدمة الحضور الأخوة م. فريد أحمد مجور، محافظ أبين، ناصر عبدالله عثمان، الأمين العام للمجلس المحلي، محمد صالح هدران، وكيل المحافظة ،عبدالله لقمان، الوكيل المساعد، العميد حمود إسماعيل شيخ مدير الأمن ، حسين محمد ناصر، المدير العام لمكتب الثقافة والسياحة، مدراء فروع ومكاتب الوزارات والمؤسسات، ومن خلفهم جمهور غفير امتلأت به قاعة (أماسي) للأفراح والندوات .. إلخ، بعاصمة المحافظة زنجبار.

العطروش أدهش الحضور بأغنية قديمة
العطروش أدهش الحضور بأغنية قديمة
بدأ الحفل بآي من الذكر الحكيم ثم ألقى الأخ م. فريد أحمد مجور كلمة المحافظة التي تخللها إشارات لأهم الإنجازات الخدمية والاقتصادية التي تحققت في المحافظة خلال 15 عاماً من عمر الوحدة والإنجازات قيد التنفيذ، وقد اتسمت كلمته بالشفافية خصوصاً فيما يتعلق بالعلاقه بين السلطة المحلية والمواطنين، إذ لا يمكن أن تحقق السلطة المحلية أهدافها إلا بتعاون المواطنين وقيامهم بواجبتهم والتزاماتهم.

ثم قرأ الشاعر الشعبي الكبير كور سعيد قصيدة طويلة ، ولأول مرة لا تعجبني قصيدة لكور سعيد، فلقد هلهلها وأضر بها بالإطالة فاختفت فيها تلك الومضات الشعرية والصور الجميلة، كما أضرت بها المباشرة، ومع ذلك أعترف بأن لا حظ لي في نقد الشعر الشعبي المكتوب بلهجة لا أتكلمها لعدم معرفتي بمعان كثيرة من المفردات ، كما شارك كل من الشعراء علي البدوي، علي قاسم، يحي السليماني وزايد السليماني.

ثم بدأ الغناء بفرقة كورال (شبان وشابات) عزفت لها الفرقة الموسيقية التابعة لمكتب الثقافة بأبين بقيادة عازف القانون الفنان محمد سالم عبدالله، فقدموا لوحة فنية مكونة من مقتطفات من بعض أغنيات العطروش الأصيلة التجديدية مثل:(هيب هيبه، بنلحق الذاري، ذي طرحوا البوش، معاكم يا صراب، بنا جاد خيره، بالله اعطني، قولي كرهتك، يمنا إيمان) وكانت اللوحة افتتاحية للفقرات الغنائية فلم أشأ لها أن تنتهي ليس لأنها من ألحان العطروش فحسب، بل للحس الفني الرفيع والرقي في الأداء والعزف لفرقة الكورال والفرقة الموسيقية.

عوض أحمد
عوض أحمد
وتخصيص حفل بمناسبة العيد الوطني للجمهورية اليمنية لتكريم الفنان العطروش بأن تكون كل فقرات الحفل الفنية من ألحانه تعد سابقة فنية رائعة ومدهشة تستحق الإكبار والتقدير والشكر الجزيل لمكتب الثقافة بأبين الذي نحى منحى مختلفاً هذه المرة، ولكنه منحى واع مدرك لأهمية وقيمة المبدع الحقيقي، وهل هناك أروع من تكريم للفنان بتقديم حفل خاص بأعماله الفنية في مناسبة وطنية؟ فكيف الحال إذا كان هذا الفنان هو محمد محسن عطروش صاحب الريادة في تقديم الأغنية الأبينية الحديثة، نعم أنجبت أبين فنانين كبارا، ولكنها لم تنجب فنانا بحجم ومكانة العطروش، الذي استوعب تراث أبين وألوان الغناء اليمني المختلفة ليقتحم عدن في مطلع الستينات من القرن الماضي ويضع الأغنية الأبينية التجديدية في مصاف الأغنية اليمنية في عصرها الذهبي بعدن، وما زالت أغانيه بصوته أو بأصوات غيره من المطربين الكبار خالدة إلى اليوم وتزداد ألقا وتألقاً مع تقادم السنين، لذلك كان الحفل أشبه بما تقدمه دار الأوبرا المصرية احتفاء بذكرى رحيل سيد درويش ومحمد عبدالوهاب أو أم كلتوم، مع فارق الامكانيات، ولكن لا فارق في مكانة وجمال الفن الأصيل، مع امتياز لحفل أبين بأنه قدم والعطروش ما يزال على قيد الحياة- أطال الله في عمره- وليت المحافظات الأخرى تقتدي بهذا السبق الفني الكبير لمحافظة أبين في أعيادنا الوطنية أو دون انتظارمناسبة، لتفعل كما فعلت أبين مع ابنها العطروش الذي ضحى وعانى ولكن ليبدع فنا راقياً صنع لأبين أغنية حديثة تجديدية لم تنفصل عن تراثها ولم تعبر سوى عن مشاعرها وآمالها وأفراحها ومشاعر وآمال ومنجزات الشعب اليمني الواحد.. وفي الحفل شارك الطفل الموهوب حلمي محمد عوض بأغنية(حبيب قلبي نكرني) وغنى رائد الهدار(تسأ لني كيف الحال) وغنى محمد يسر (يا لومتك) وغنى عوض دحان (يا بائعات البلس والقات) وهي أغنية وحدوية في نظري قدمت في الستينات قبل إعادة تحقيق الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990م، ثم غنى عوض أحمد (يا أنتي) وقد تألقوا جميعاً. ولكن الإنصاف يحتم علي القول إن عوض احمد ومحمد يسر كانا اكثر تألقا. وكانت مفاجأة الحفل مشاركة المنلوجيست الشهير عثمان عبدربه بعد غياب طويل بأغنية (الزواج). وإلقاء قصيدتين شعبيتين.

عثمان عبدربه
عثمان عبدربه
واختتم الحفل بمفاجأة أخرى، حين غنى العطروش أغنيته القديمة المعروفة (القافلة) من كلمات شاعر أبين الكبير عمرعبدالله نسير، وهي أغنية ذات طابع تنويري ، قدمها العطروش في شهر مايو 1965م، ولكن المفاجأة كانت في الأداء التجسيدي الجديد للعطروش وهو يغني (القافلة) مرتديا ملابس شعبية ريفية، ليبدو كالبدوي الذي لم ينفصل عن بعيره، وكان العطروش مدهشا، فراح يقلد حركة جسد البدوي الراكب على ظهر بعيره، ويطلق همهماته وصيحاته وهو يوجه ويحث بعيره على المضي في السير دون توقف، ولكن همهمات العطروش كانت مفتاحا موسيقيا لعازف الإيقاع والفرقة الموسيقية لليدء بعزف مقدمة الكوبليه التالي من الأغنية. إن التأكيد على أهمية الجمع بين التراث والحداثة، رسالة أراد العطروش توصيلها من خلال أدائه التجسيدي لأغنية قديمة، هذا ما فهمته على الأقل، لنتحلى بخلائق البدوي النقية وصدقه ووفائه وصراحته وصفاء سريرته، لننبذ النفاق والتزلف والضغائن والتنابز والتفرقة المناطقية والسياسية ونواجه الفساد بحزم ومصداقية في تصميمنا على القضاء عليه، لكي تصل (القافلة) بأمان الى محطات أخرى لم تبلغها بعد، نحو تطور وازدهار المجتمع، فقافلة التنوير لا تتوقف، والفنان الأصيل هو قائدها في كل المراحل، لتنمية الوعي الاجتماعي وتبصير المجتمع بواقعه ومستقبله. أخيرا.. أقول لمكتب الثقافة بمحافظة أبين ممثلا بمديره العام الأخ حسين محمد ناصر: لقد أبدعتم وتألقتم بوعي مثقف وإدراك واع، وكنتم كبارا في تقديمكم حفلا فنيا رائعا بكل المقاييس، وكنتم أوفياء في هذا السبق الفني الذي كرمت فيه أبين كلها ابنها (العطروش) المحب والمخلص لها هذا التكريم المعنوي في هذا الحفل الكبير، مع إجلالي وتقديري الكبير للأخ م. فريد احمد مجور لرعايته التي بدت شاملة وتامة لهذا الحفل فلم تتخلله أخطاء أودقيقة واحدة من الملل والرتابة، وهو بذلك حفل يؤكد خصوبة أبين الفنية بمبدعيها من المطربين وفرقتها الموسيقية الكبيرة التي تعد واحدة من فرق موسيقية قليلة جدا..جدا، قادرة على تقديم حفل فني بهذا المستوى من جمال العزف المتقن والاحساس المرهف والأداء الفني الرفيع.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى