قصة قصيرة بعنوان (مخالفة)

> «الأيام» عبدالله سنجل:

> ينطلق سائق التاكسي «الأجرة» بسيارته.. يطوي خط الإسفلت ويقذفه خلفه ليختلط مع الدخان المتدفق من عادم السيارة نتيجة احتراق الديزل,يمضي في طريقه يدندن بأغنية مجهولة من تأليفه وألحانه، ويبدو أنه المستمع الوحيد لهذا الإبداع من وجهة نظره، فركاب سيارته لا يعبأون به، ولاينصتون إليه، ويبدو أن الجميع غارقون في سيل عارم من الخيالات، وحديث طويل مع النفس.

لم يمض الكثير من الوقت وهو ينعم بهذه الفرحة التي اصطنعها لنفسه..

يلتفت إلى الركاب المحشورين في سيارته، فيبتسم داخله.. ثم ينهي ابتسامته فجأة على صوت مزعج لبوق يزمجر من خلفه، وصيحات من «ميكروفون» .

- قف.. قف يا أجرة.. قف يا أجرة.

يميل بسيارته جانب الطريق وهو يحدث نفسه عن مصدر الصوت.. تقترب منه سيارة كانت تلاحقه، وتقف بمحاذاته.. يلتفت إلى السيارة فتسري في جسمه قشعريرة.. يتحسس جيبه وهو يحدق في ضابط الشرطة وسائقه.. تتسابق إلى فكره عشرات الأسئلة.. يترجل سائق سيارة الشرطة ويبقى الضابط يتصنع الانهماك في مكالمة هاتفية عبر جواله.

يصرخ الشرطي في وجهه:

- ملكية السيارة ورخصة القيادة.

يرسم سائق الأجرة علامات الدهشة على وجهة ويتساءل:

- ليه! ايش عملت؟!

- عليك مخالفة .. ضابط الشرطة الذي أمامك أصابه الاختناق من الدخان المنبعث من سيارتك.. إدفع ألفي ريال قيمة المخالفة دون أي سؤال.

يلتفت سائق سيارة الأجرة مستنجداً بضابط الشرطة فوجده منهمكاً في مكالمة ويرمقه بين الفينة والأخرى بنظرات كالسكين.

يعود بنظراته إلى الشرطي متسائلاً:

- ليه؟!

- من غير أي سؤال وإلاّ ستتضاعف قيمة المخالفة حتى تلتهمك أنت وسيارتك.

أحس سائق الأجرة بأن الدائرة تضيق حوله.. تلفت إلى الركاب الصامتين حوله، وخيل إليه أنهم أصيبوا جميعاً بنوبة قلبية.. يمد يده إلى جيبه ويدس في يدي الشرطي قيمة المخالفة.

يبتسم الشرطي بخبث المنتصرين.. ثم يطلق قهقهة وهو يغلق باب سيارته، وينطلق بها، ويقذف خلفه كومة من الدخان الأسود المنبعث من سيارته الديزل، فيلجم ذلك التاكسي ومن فيه في موجة من الدخان الأسود وعشرات الأسئلة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى