راقية حميدان..استحقاق نوبل بجدارة

> د. هشام محسن السقاف:

>
د. هشام محسن السقاف
د. هشام محسن السقاف
فلا التأنيثُ لاسم الشمسِ عيبٌ...ولا التذكيرُ فخرٌ للهلالِ...المتنبي...لسنا مجبرين على حمل أوزار التاريخ المذكر من (ألفٍ) مضت هدراً إلى اليوم، كما لا نتحمل شعار المتاجرة بتحرير المرأة من منطلق ايديولوجيا، ينتكس الشعار خلف الأبواب المغلقة ويصبح «التحرير» لا أكثر من تخدير. لكننا ندعي هكذا أن هذا المخلوق شريك أصيل في كل منابت الحس والعقل والشعور، ويوم نلتحف قسراً برداء الحيف والظلم، فإن الرجل والمرأة سواء، وكلاهما في الهم شرق، وحين تسربلنا شمس الحرية بأشعتها الذهبية فإن النصيب واحد، وصواع «الملك» نكتال بميعاره رجالاً ونساءً.

في التاريخ كان البحث عن لآلئ أنثوية تزين أمهات الكتب، وكأن لا فعل خارج نطاق الزينة من امرأة كليب إلى حبيبات العذريين والماجنين، وإذا تعاطين القريض فلا أفضل غزارة من دموع الخنساء. إنها وطأة التاريخ لم تنصف يراعه شقيقات الرجال، فنصاب بإرث الجمود ولم نخرج من جلباب الجاهليين إلا قليلاً.

أما في الحكم والسياسة فإن الخروج عن المألوف يدحض فهم البعض لمقاصد «لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة»، باتساع نطاق الحكمة في السياسة لدى السيدة الحرة بنت أحمد الصليحي، التي ارتأت أحقية أن تحكم بالوصاية أو بالإنابة من طبيعة جبلة الجميلة وسهولة المعشر لدى أهلها بعد أن خلّفت وعورة المكان وخشونة النفس في صنعاء.

لقد امتازت عدن الساحلية عن الداخل اليمني باتساع أفقها المنفتح على العالم، وقد حملت مشعل التنوير بيد واثقة كتلك التي تخطفت الشعلة المقدسة من يد الآلهة في الأسطورة الإغريقية القديمة. وكانت المشيئة أن الإدارة البريطانية قد حملت بيدها الأخرى مشروعاً مدنياً سرعان ما وجد صداه في العقول المتيقظة التي ألهبت الحماس من حولها، ولتظهر التجليات النهضوية في عدن المدينة التي تحتضن العصر بكلتا يديها. وكان للمرأة العدنية وهجها المتدفق حزماً من ضوء تلقيه على فيحاء عدن وأرجاء الوطن.

ظهرت الأسماء البارزة في الحياة الأدبية والثقافية والاجتماعية، و«تريّدت» في الصحافة، وشاركت وتشاركت مع أخيها الرجل في صنع التحولات التاريخية المختلفة. وعندما أطلت علينا أخبار السبق الذي تحرزه المرأة المثقفة، صاحبة اليد الطولى في مهنة المحاماة: راقية حميدان بترشيحها لنيل جائزة نوبل العالمية ضمن ألف امرأة أسهمن في الحياة العامة وميادين السلم الاجتماعي، فإن هذا الخبر/ المفاجأة استحقاق للمحامية الأكثر صيتاً على مستوى الوطن، وجدارة بامتياز للفوز من جوانب عدة تتجاوز المحاماة كمهنة، إلى المحاماة كفعل إنساني، إلى الانخراط في الشأن الحياتي اليمني، وتحديداً في مجال الدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان، والوقوف في وجه الدعوات الارتدادية المظلمة التي تريد العودة بالمرأة إلى عصر الحريم. فمن منا لا يعرف راقية حميدان التي تصول وتجول في قاعات المحاكم بحثاً عن العدالة والحق، ثم يتعدى نشاطها العام النطاق اليمني ليصل إلى كثير من المنظمات العربية والدولية، وضمن هذا الألق وزحمة العمل والنشاط الاجتماعي، تجد راقية حميدان متسعاً من الوقت لجونب إنسانية أخرى تغدق من خلالها العواطف والمشاعر الطيبة على من حولها من الأهل والأصدقاء والزملاء وآخرين.

مبارك لراقية جائزة نوبل العالمية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى