الشيخ العلامة محمد أحمد باشميل (1915- 2005) محارب الشيوعية في جزيرة العرب بالكلمة الصادقة في (أكذوبة الاشتراكية) وكتابه الأشهر قبل أربعين عاماً (صراع مع الباطل)

> «الأيام» سند بايعشوت:

> هجرة آل باشميل...هاجر آل باشميل، أجداد العلامة السلفي الشيخ محمد أحمد باشميل، رحمه الله، من منطقة (العبر) شمال حضرموت في الطرف الغربي من صحراء الربع الخالي منذ أربعمائة عام، واستقر أكثرهم في (العرسمة) وهي من كبريات قرى وادي الأيسر بدوعن، وآل باشميل مشهورون بالعلم والصلاح.

ومنهم من آل باشميل من هاجر إلى الهند وأندونيسيا وارتيريا، ويرجع نسب آل باشميل إلى قبائل الأزد الكهلانية، ثم القحطانية، والأسر التي استوطنت في العرسمة من آل باشميل كانت من الأسر الشهيرة بالعلم والمآثر الدينية، كما ذكر ذلك جمع ممن أرخ لتلك الجهة وسكانها.

الميلاد والنشأة
ولد العلامة السلفي الشيخ محمد أحمد باشميل في منطقة العرسمة بدوعن عام 1336هـ الموافق 1915م، نشأ يتيماً وحيداً في حجر والدته، رحمها الله، حيث توفي والده وهو في الثامنة من عمره، قرأ القرآن الكريم، وحفظ معظم اجزائه واهتم باللغة العربية والفقه، ومن محفوظاته (ألفية ابن مالك)، ومتن (الزبد) في الفقه الشافعي، وبعض المتون المختصرة في الحديث، وقرأ بعض هذه المتون وغيرها على بعض مشايخ حضرموت متفرغاً لطلب العلم عليهم لمدة ثلاث سنوات.

كان باشميل في بداية طلبه للعلم كثير القراءة للمطولات من أمهات كتب التاريخ يجردها جرداً، ويكرر إعادة قراءتها مثل (مروج الذهب) للمسعودي، الذي كان أول كتاب في التاريخ يقرأه الشيخ باشميل، و(تاريخ الرسل والملوك) للطبري و(الكامل في التاريخ) لابن الأثير، و(البداية والنهاية) لابن كثير وكثير من كتب المغازي والسير كـ : (مغازي الواقدي) و(سيرة ابن هشام) و(الطبقات الكبرى) لابن سعد و(الروض الآنف) للسهيلي وغيرها من أمهات كتب التاريخ والسيرة.

سلفي العقيدة
كان - رحمه الله - سلفي العقيدة على الفطرة السليمة، نابذاً ومتصدياً لمخالفيه من الخرافيين منذ أيام شبابه، مما كان سبباً لكثير من الوشايات التي وقعت له من بعض خصومه ومعاديه، وقد استمر باشميل على دعوته إلى التوحيد والعقيدة الصحيحة حتى وفاته.

باشميل في ارتيريا
هاجر الشيخ محمد أحمد باشميل، من حضرموت إلى ارتيريا عام 1356هـ الموافق 1935م حينما كان عمره عشرين سنة، وتزوج في ارتيريا من بنات عمومته. كان أجدادها ممن هاجروا إلى مدينة كرن، وقد مكث في ارتيريا حتى عام 1368هـ الموافق 1947م، ثم عاد مرة أخرى إلى مسقط رأسه (العرسمة) بدوعن.

وقد عده الدكتور أحمد محمد الطاهر من أشهر كتاب مجلة (الهدي النبوي) في رسالته للدكتوراه من قسم العقيدة بجامعة أم القرى عن جماعة أنصار السنة المحمدية في المبحث الثالث (أشهر كتاب مجلة الهدي النبوي) واصفاً باشميل أنه من مناصري منهج السلف في حضرموت وارتيريا، ثم المملكة العربية السعودية.

باشميل صادع بالحق
وفي عام 1370هـ/ 1949م هاجر باشميل إلى المملكة العربية السعودية متنقلاً بين جدة ومكة المكرمة، مقر عمله في هيئة الأمر بالعمروف والنهي عن المنكر، كان - رحمه الله - محباً للعلم والعلماء، مقبلاً على طلب العلم والبحث والكتابة، قوي الحجة في مناظراته. وتتجلى قوته في الدفاع عن الدين وأهله في كثير من كتاباته ومقالاته، وتجلى ذلك بوضوع أيضاً خلال عمله مع فضيلة الشيخ عبدالملك ابن إبراهيم بن عبداللطيف آل الشيخ 1324هـ-1404هـ، والذي كان رئيساً عاماً لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الحجاز.

كان نشاط باشميل كثيفاً في الحسبة بكتابة المقالات في الصحف والمجلات والدوريات وتأليف الكتب ونشرها وبالخطابة وإلقاء المحاضرات والبرامج الإذاعية الأسبوعية، عبر برنامج (نداء الإسلام) من مكة المكرمة، ومن خلال عمله عضواً في اللجنة الثقافية في رابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة. كان مدافعاً لمشكلات المسلمين خارج الجزيرة في الهند وباكستان والصومال وارتيريا وغيرها من الدول.

وقد تعرض باشميل لحملة شرسة عما يكتبه في الصحافة السعودية من مخالفيه، فرموه بما لايليق به وقالوا فيه المقالات المنكرة، محاولين الوشاية به وتشويه سمعته، وقد ناصره وآزره علماء السعودية وعلى رأسهم وقتها الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ، والشيخ العلامة عبدالله بن محمد بن حميد، والشيخ العلامة عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - رحمهم الله- ولقي منهم التقدير والتأييد لما علموا من حقيقة ما كان يقوم به صدع بالحق وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر ونصرة لهذا الدين.

مدافعاً عن قضايا المسلمين
على مدى خمس وثلاثين سنة من عمره كان باشميل ذاباً مدافعاً عن الإسلام وقضايا المسلمين بأسلوب فيه اللين والعرض تارة، والشدة في الحق تارة أخرى، فقد جاهد باشميل تيارات عصره الفكرية، والتي امتلأت بها الساحة العربية والإسلامية في تلك الحقبة من الزمن، من علمانية وقومية وشيوعية وبعث واشتراكية وإلحاد، ونبه لخطرها، وقد استخدم في جهاده ضد هذه التيارات الكلمة الصادقة المخلصة، المبنية على الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة، بفهم السلف الصالح، فدحض حجج القوم وفند شبههم مستخدماً أسلوب النصح والتوجيه تارة، وأسلوب المواجهة والمجابهة تارة أخرى.

وعلى مدى سنوات عمره في الكتابة والتأليف، ألف عدة مؤلفات أثرت المكتبة العربية والإسلامية منها: العرب في الشام قبل الإسلام، حروب الإسلام في الشام، القادسية ومعارك العراق، الإسلام ونظرية داروين، القومية في نظر الإسلام، أكذوبة الاشتراكية، صراع مع الباطل، لهيب الصراحة، هل هذا من العروبة، (شعر) لا يا فتاة الحجاز، موسوعة الغزوات الكبرى ( من بدر إلى تبوك)، كيف نفهم التوحيد، كيف نحارب الإلحاد، إسكات الرعاع بأدلة تحريم الغناء والسماع، أفي الله شك (مخطوط)، مجموع مقالات متنوعة (مخطوط) نشرت في الصحف والمجلات، الدعوة الوهابية كما عرفتها (مخطوط).

ترجمة مؤلفاته لعدة لغات
وقد أعيد طبع بعض مؤلفاته عدة مرات خلال العشر السنوات الماضية، كمجموع (غزوات الرسول [ الكبرى)، والتي عنون لها بـ (موسوعة الغزوات الكبرى) وطبع من كتابه (كيف نفهم التوحيد)، حيث تطبع منه الجهات العلمية والخيرية منذ عشرين سنة مئات الآلاف من النسخ وتوزعها مجاناً على الحجاج والمعتمرين والوافدين على مكة والمدينة المنورة من جميع أنحاء العالم، وذلك لسهولة عباراته مع قوة حججه وأدلته، ومن أشهر تلك الطبعات طبعة دار البحوث العلمية والإفتاء سابقاً بتوجيه من سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز، رحمه الله، وطبعة الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، ومؤخراً طبعة وقف السلام الخيري بالرياض بتوصية من الدكتور عبدالعزيز السعيد، رئيس قسم السنة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وقد ترجم إلى عدة لغات منها الإنجليزية والأردية.

وفاته
كان - رحمه الله - يعاني من تصلب مزمن في شرايين الدماغ، لازمه منذ بلوغه الخمسين من عمره حتى وفاته، وقد تعرض لحادث سير عام 1410هـ كان سبباً في توقف نشاطه العلمي، وقبل ثلاث سنوات من وفاته تعرض لتجلطات في شريان الدماغ، سببت له شللاً نصفياً، عانى منه وألزمه الفراش حتى وفاته مغرب يوم الجمعة 26 ربيع ثاني 1426هـ، وكان صاحب السمو الملكي الأمير ممدوح بن عبدالعزيز آل سعود محباً للشيخ العلامة باشميل كثير السؤال عنه، يزوره باستمرار أيام مرضه في بيته، ثم في المستشفى التي أمضى فيها قرابة ثلاث سنوات على فراش المرض، وقد شارك سموه في تشييع جنازته بل ودفنه أيضاً.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى