يـوم من الأيــام...صوموا يافاطرين!!

> عبده علي البعيصي:

>
عبده علي البعيصي
عبده علي البعيصي
(طلع طلع جنّي اصطرع والمؤذن بايأذن بايقول الله أكبر عندنا دولة وعسكر عندكم قاضي مكسّر.. إلخ)..كان لنا في طفولتنا الكثير من الأهازيج التي نرددها في مناسبات مختلفة، من ضمنها المطلع المذكور لأهزوجة كنا نرددها طيلة أيام شهر رمضان المبارك، وتحديداً قبل أذان المغرب، حيث نلتقي في ركن الشارع نلهو ونغني ونمرح ونترقب ظهور الأستاذ الجليل محمد أحمد اليابلي - رحمه الله - من مئذنة (مسجد دغبوس في قسم ألف A بالشيخ عثمان) الذي كان إماماًَ له، ليعلن موعد أذان المغرب وإضاءة اللمبة الكهربائية في رأس المئذنة، لأن مكبرات الصوت لم تكن متوفرة آنذاك، وحين نرى الإشارة ننطلق كالريح تسبقنا أصواتنا العالية: «أفطروا يا صائمين» لتسمعنا كل بيوت الشارع.

تذكرت بساطة الحياة ومرح الطفولة في تلك الأيام الجميلة، يوم كانت الكلمة (طلع) مدعاة للبهجة، نستعذب ترديدها في أهازيجنا كأهزوجة (طلع طلع جني اصطرع) أو (طلع القمر وإلا عاده) في لعبة الاستغماية المعروفة بـ (الغميضان)، أما اليوم ومع جنون الحاضر، صارت الكلمة (طلع) مبعثاً للخوف ومرادفة لكلمة إرهاب، نسمعها فتقشعر أبداننا لأنها نذير شؤم يهددنا بتحمل ما لا طاقة لنا به، (طلع) سعر الدولار، الذي هو فارس الساحة وحنش الميدان المطلق، إذن الأسعار يجب أن تطلع من الذرة إلى الصاروخ.. وإذا طلعت (كيه عر) تنزل. هكذا فهمنا اقتصاد السوق كما قال لنا (عياله)، وكلما التقطنا أنفاسنا وحاولنا تكييفها مع واقع الحال، اكفهرت الأجواء تنذر بقدوم جرعة عاتية تحمل الرقم كذا.. إنها فرصة لا بد أن يهتبلها تجار الفرص في إخفاء البضائع والتلاعب بأسعارها. وأنت لك الله يا مسكين!

بالمناسبة أعتقد أن كلمة (جرعة) وثيقة الصلة بالمجرع، ذلك الوعاء المعدني الصغير الذي كان وسيلة أمهاتنا لتجريعنا الصبر عنوة، كدواء لبعض الأمراض ووقاية منها رغم مرارته التي مازلنا نتذكرها، لكن شتان بين مرارة ومرارة و بين مجرع ومجرع.

إن وجه الشبه في الموضوع بيننا وبين الإخوة تجار الفرص، يتمثل في هرولة الطرفين فرحاً، نحن أطفال فرحون نهرول لنفرح أهلنا بموعد الإفطار، بينما هم مكرّشون فرحون، يهرولون بسعادة لإعلان موعد الإفقار.. لا حول ولا قوة إلاّ بالله.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى