راقية حميدان وشيرين عبادي وما أشبه الليلة بالبارحة

> نجيب محمد يابلي:

> كم أثلجت صدورنا المنظمة السويسرية عندما رشحت المحامية المعروفة راقية حميدان ضمن ألف امرأة من جميع دول العالم لنيل جائزة نوبل للسلام. لم يأت الترشيح من فراغ، لأن مثل هذه المنظمات خالية من أوبئة الواقع المتخلف عامة، والعربي خاصة واليمني خاصة الخاصة.

لا شك أن اختيار المحامية راقية حميدان قد خضع لمعايير ومقاييس ولم يخضع لاعتبارات سياسية أو مزاجية، وهي شهادة حقة وحصيفة لصالح المحامية راقية بأنها استطاعت النفاذ عبر سراط الغربال وبنفاذها قدمت راقية شهادة بنقاوتها.

بدأت راقية حميدان رحلة الألف ميل في مجتمع مدني عرف الصحافة والأحزاب والمنتديات الأدبية والنقابات والحركات الطلابية والنسوية والكشفية، مجتمع مدني خبر النظام والقانون وخبر واقع المدينة الدولة وواقع الاندماج الاجتماعي الذي ما زلنا ننشده حتى اليوم.

تألقت راقية في تحصيلها الدراسي الذي توجته بنيل شهادة الثقافة العامة (G.C.E.) ورحلت بعد ذلك إلى بلاد الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، إلى بريطانيا وخرجت منها وعلى رأسها إكليل البكلاريوس في القانون وعادت إلى المدينة الدولة، عدن لتبدأ مشوار الحياة العملية والحياة الاجتماعية والحياة الزوجية، وخرجت من نجاح إلى نجاح بفضل مثابرتها وفروسيتها في مجال القانون وفوق هذا وذاك بفضل شخصيتها الحديدية، ولا غرابة في ذلك لأن في التاريخ نساء عظيمات وما أكثرهن.

إن عراقة راقية ما هي إلا تراكمات عراقة انطلقت من عراقة أسرة (حميدان) ومن عراقة المجتمع المدني في ظل المدينة الدولة، ومن عراقة المؤسسات التعليمية التي أقامت عليها صرح شخصيتها العامة، ومن عراقة المؤسسات التي تعاملت معها سواء أكانت منظمات حكومية (خذ مثلاً عضويتها في اللجنة العليا للانتخابات) أو منظمات غير حكومية، والشواهد على ذلك كثيرة منها: اسهاماتها في التنظيمات النسوية ومشاركاتها في فعاليات مختلفة أقامتها نقابة الصحفيين أو نقابة المحامين أو غيرها، إلا أن ما يحز في النفس أن وسائل الإعلام الرسمية اليمنية أدارت ظهرها لحدث بارز مثل هذا الذي يشرف الوطن، إلا أن الشرف نسبي عندنا، وما أشبه الليلة بالبارحة عندما تحدث العالم بأسره عن ترشيح المحامية وأستاذة الحقوق بجامعة طهران والمناضلة الإيرانية من أجل حقوق الإنسان شيرين عبادي لنيل جائزة نوبل للسلام عام 2003م، ولزمت وسائل الإعلام الإيرانية الصمت وكأن على رأسها الطير.

قد لا يعلم القارئ بخلفيات ما حدث لشيرين عبادي وسأطلعه في هذه العجالة على بعض المعلومات عنها.

كانت شيرين عبادي أول امرأة إيرانية تعين في سلك القضاء عام 1974م، إلا أنها تركت الوظيفة بعد عام 1979م بعد ثورة إيران الإسلامية وصدور الفتوى بعدم صلاحية المرأة للقضاء.. كانت شيرين عبادي من أنصار حقوق المرأة والطفل في إيران، ولعبت دوراً أساسياً بصفتها متحدثة غير رسمية باسم الإيرانيات في انتخاب الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي عام 1997م ودفعت شيرين ثمن ذلك برميها في السجن عدة مرات، لأن المرأة في إيران رجحت كفة خاتمي في الانتخابات على عكس المرأة اليمنية التي تضاعف وزنها أثناء التسجيل للانتخابات عدة مرات لكنها مسلوبة الإرادة في اختيار من تشاء.

كسر عبدالله رمضان، المتحدث باسم الحكومة الإيرانية آنذاك جدار الصمت عندما قال: «إن الحكومة الإيرانية الإصلاحية سعيدة لأن امرأة إيرانية مسلمة تميزت لدى الأسرة الدولية بنشاطاتها من أجل السلام» غير أنه عاد فيما بعد عن تصريحه موضحاً أنه تحدث «بصفة شخصية» حتى لا يهيج الملالي.

يكفي راقية حميدان فخراً أنها دخلت التاريخ من أوسع أبوابه بترشيحها من قبل منظمة سويسرية لجائزة نوبل للسلام وهي المنتمية للمجتمع المدني، الذي يعتبر (ويفر) داخل اليمن. أن يأتي ترشيح راقية في هذا الظرف يعتبر حدثاً غير عادي، رغم صمت وسائل الإعلام الرسمية، لأنه انتصار للمجتمع المدني، التربة الصالحة والوحيدة لقيام ديمقراطية مثمرة باعتبارها صمام أمان دولة النظام والقانون.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى