زينة العقل في التفكير

> أحمد علي الأحمدي:

> لكل فعل رد فعل مثلما لكل شيء أسبابه ومسبباته، وما يحدث هذه الأيام في بلدنا اليمن من أعمال شغب مؤسفة، وممارسات ليست من عاداتنا ولا من تقاليدنا، وما كان لها أن تحدث لو أن حكومتنا الرشيدة لجأت إلى التعامل مع القضايا، خصوصاً المصيرية منها، بأسلوب علمي وتفكير مسؤول ومدروس، لكن ماذا عسانا أن نقول عندما تكون الارتجالية في الإصلاحات وإصدار القرارات من أبرز سماتنا التي تعودنا عليها دونما إدراك منا أو استيعاب لما اكتسبته الجماهير من وعي، عبر المتغيرات والمراحل التي مرت بها.

ولأننا إزاء قضية وطنية لا وقت فيها لإلقاء اللائمة على بعضنا البعض، وإنما علينا الاعتراف بالهفوة التي وقعت فيها الحكومة ليحدث ما حدث، وإن كنا نرفض تماماً جميع أشكال الشغب والاعتداء على ممتلكات المواطنين أو الممتلكات العامة، كما نرفض معه كل فعل يسيء لسمعة بلدنا اليمن ومكانتها الدولية، فما الذي كان سيضير الحكومة لو أنها تعاملت مع قضية الجرعة، وأخذتها بعين الاعتبار هذه المرة، بأن وضعت لها قائمة خاصة وأوجدت لها أولويات حين تنفيذها، حتى لا تثير مشاعر الجماهير وتلامس ما يخدش حياتهم المعيشية بهذه الطريقة، حيث كان على الحكومة القيام بتوعية إعلامية مكثفة، قبيل قرار الجرعة بوقت كاف يكون الهدف منها تهيئة الجماهير لتتقبل قرار الجرعة عن فهم وقناعة، فالجماهير اليمنية معروف عنها الصمود عند الشدائد، وتعقبها بعدئذ بإصدار قرار يشمل نصف الجرعة، بالتزامن مع قرار يشمل نصف تسوية الرواتب والأجور على أساس نسبة وتناسب، ومن ثم إصدار القرار في ما تبقى من الجرعة ومن التسويات الوظيفية بين فترات زمنية معقولة ومقبولة، وبهذا نكون قد حققنا المعالجات التي نسعى إليها. فالحقيقة أن الحكومة غفلت عن أنها في مواجهة قضية غاية في الحساسية، وأنها في مرحلة مختلفة، وغاب عنها كيفية التعامل معها وتطبيقها، ليتولد لدى الجماهير انطباع بأن الحكومة إنما تضيف لها عبئاً فوق ما تعاني منه من أعباء، لنقع جميعنا - حكومةً وجماهير- وسط أزمة وجد فيها المتربصون لليمن ضالتهم المنشودة، وفرصة سانحة لاستغلالها واستثمارها. لذلك، فإن المسؤولية الوطنية تفرض علينا وبوجه السرعة احتواء ما يجري، لتفويت الفرصة على من سميناهم بالمتربصين للوطن.

إذن ما هو المطلوب عمله في ظرف كهذا ؟ إن المطلوب من وجهة نظرنا هو توفير بعض التنازلات من جانب الحكومة، من خلال مراجعة قرار الجرعة وجدولته بحيث يتم تطبيقه على دفعات خفيفة كما أسلفنا، مهما تكن الانعكاسات التي ستضر بالميزانية العامة، والبحث عن مخارج أخرى، تساعد الحكومة على تجاوز هذه الأزمة وتشكل عاملا مساعدا آخر، تستوعب فيه الجماهير لماذا أقدمت الحكومة على مثل هذا الإجراء، بدلاً من التبريرات والمبررات الكلامية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى