في تكريم الدحان والجريك

> «الأيام» العميد محمد علي الاكوع :

> كرمت «العفيفية» الأديبين الصحافيين البارعين الأستاذين سعيد الجريك وصالح الدحان، والمؤسف أن من جلسوا على المنصة كادوا يفوقون الحضور على الصالة، رغم مرور أسبوع من الإعلان بالصحف عن التكريم حتى تذكرت السخرية«عشرة عرائف وواحد قوم»، وتذكرت قول الأستاذ علي الكميم بـ «العفيفية» من ميكرفونها(الشعب اليمني بلا تريبة) فأضفت بالميكرفون قبل إلقاء قصيدتي لصالح الدحان وأبيات لسعيد الجريك الذي لم أعلم بتكريمه أيضاً إلا مؤخرا فقلت:«لو كان المكرمان من البلطجية المهرجين المنافقين المداحين لامتلأت الصالة والحجرة والسلم وربما الشارع» مع أن المكرمين ملء السمع والبصر، وقد شغلا دنيانا الثقافية بأدبهما وجرأتهما وإبداعهما فصاحب «الصباح» قد تصدى للفردية والفساد والعنجهية و(العنطاط) والحبس والرفس سواء بعدن أو بالحديدة أيام النقيب سنان الذي قال لي عنه بأنه لو كان سنان جنب سنان لكانت اليمن جنان - بكسر الجيم - أي محنة، أو جنان - بضم الجيم - أي جـــنة».

وطالت الندوة بخلاف انضباط وقتها كحد السيف «حتى لو غاب راعي المؤسسة ولكن لعيون سعيد وصالح طال مطالها فأطنب ستة من على المنصة في المكرمين وأنا سابعهم بقصيدة وأبيات، ثم تكلم الشيخ الوالد صالح فرمى بنا عن الموضوع خلف الشمس بخمس، فأحتضن عدن بحنان ووفاء ورفعها فوق (أعدانه) إعزازاً ومحبة .. ولو غير صالح لرفضنا نشوزه عن مدار الحفل، لكنه قليل الخير كثير الكارزمية، قد سمرنا على مقاعدنا لساعة كاملة فأوفاها مستحقاتها وجعلها قرة عين اليمن والزمن.

ولأني أدرى فهو خبزي وعجيني في (المرفالة) من خمسين عاماً فقد عرض لنا نفسه باستعراضه لتجليات مفاتن عدن وماضيها المجيد ولافضالاتها على الشمال وأبنائه وللجنوب وأهلية شعباً وسلاطين.. ولم ينته الا قول (الفضول): «يا ترى لو لم يخلق الله عدن إلى أين كنا سنهرب»، ناهيك عنها منهلاً للعلم ومــعادن للــكسب والاقتصاد والغــنــى.

وقال صالح: ولو أردنا توثيق أحداث اليمن الموحد لكان موجزها عدن ولأغنت عن طول اليمن وعرضها وما جرى فيها. وكانت كلماته بكاء وجملة مرثاة لعدننا الحبيبة، وكيف كانت درة في تاج الأمبراطورية البريطانية بأحلى واغلى من درة الهند عندها يومئذ، وسايرته وهو يستعرض نشأته طفلاً ويافعاً وكهلا وشيخاً مسشتتا بينها وبين صنعاء والجزيرة والخليج وبيروت وبكين، لكن أيام طفولته الرغدة كانت يوم كان يلعب على العيال بالهللة والعانة فيكسب منهم شلنا على تراب الشارع وما كان ذلك منه شرانية أو ابتزازاً أو قرصنة أو ترفاً وإنما ضرورة لحفظ الريق بعد تنكر أهلاته من التجار لديون لأبيه عندهم ومشاركة تجارية، ولما يتجاوز الإعدادية، فالتفت نحوهم كاتباً قصته وابيه بعنوان (أين أبي؟) وكان وهم يعلمون أن أباه عبده عبدالله الدحان حينها نزيل ظلمات سجون حجة من أجله ومن أجلهم ومن أجل اليمانيين أجمعين في ثورة 1948م فراضوا صالح وتكفلوا بصون ماء وجهه وفاقته وضحكه على أقرانه الأطفال في القمار في الشوارع وليوقف نشر روايته (أين أبي؟) وليته اليوم يعيد ويطــيل كتابتها لـيرينا عــجباً. ويستمر صالح في وفائه لعدن فينعاها اليوم بعد الوحدة وكيف أمست لا وجه ولا قفا ، ولا ملاذا خائفا لأمثالي والنعمان والزبيري والحروي وسيف الحق إبراهيم والمعلمي والحكيمي والاحمدي والفسيل، وإنما صارت نهباً لطامع أو مسرحاً لبلطجية الأوغاد من كل فج خبيث، فعبثوا ببرها وبحرها وسهلها وجبلها وتقاليدها وحق مبادئ احترام الحق والعرض والمال، فهذا حقك وهذا حقي إنما أصبح كلاما فارغا فأدمتها الاقطاعيات والاغتصابات، واستولى البلطجيون على الحق العام بما لا يخطر على البال، وسقى الله يوم كانت (الباكورة) مرقمة وبرخصة (والله يحفظ السركال).

وانتهى بنا صالح إلى مناحة وعويل على عدن الحبيبة، وكيف صارت بشعة ولا ترتاح اليها النفس ولا العين فقال:

«وصارت عدن مكة وأنا سعيد اليهودي»، وكررها ثلاث مرات ، ويقصد بأنه رغم عشقه وسحره بها لم يعد يأنس للسكون إليها، وقد لا يزورها إلا لماماً، فماذا فعلتم بعدن يا أولاد الـ (اللعينة)..؟ وللعلم فإن ما قد اعتمد لعدن من المليارات فإن الفساد بالوعة بلا قاع، قد أجهض النتائج، إلا أن صالح قد جبر خواطرنا فأبدى اقتراحاً عملياً طريفاً باختيار عبدالعزيز عبدالغني من لعدن أفضال عليه نشأة وتعليماً، وعلي محمد سعيد افضالات رأسمالية بحيث تحول عمه العبقري العصامي هايل سعيد من عتال في الدكة بالمعلا إلى أغنى أغنياء اليمن وحسين السفاري المالي سابقاً و(سيعوضونه) وكمتعلم مديراً عاماً للجنة عون وتنفيذاً لنية الرئيس، وجهود ومحاولات د. الشعيبي في رد الاعتبار لعدن وطنا وإنساناً.

ولما حاولت ضم من آوتهم عدن رفض صالح الدحان ذلك لأن أمثالي والفسيل وعلي محمد عبده وصالح نفسه (شفاليت) فقط.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى