جبل شمسان (قمة العشوائية)

> «الأيام» فردوس العلمي:

> تتنوع السلالم التي يرتقيها الإنسان صوب تحقيق مراتب أعلى وأوضاع أفضل في مختلف شؤون حياته، وفي مدينة تعرف بالعاصمة الاقتصادية والتجارية (عدن) وتحديدا في الخط الدائري لهذه المدينة المعروفة بحي العمال في مديرية المعلا، إحدى أرقى مديريات المحافظة، تنتصب سلالم ولكنها من نوع آخر.. سلالم تقودنا إلى بؤرة سكانية كل ما فيها لا يمت للعالم الحديث الذي نعيشه بصلة، بل تعود بنا أشواطا كبيرة إلى الخلف، حيث توجد مدينة من العشوائية وغياب النظام في أي شيء وكل شيء، غابت معها الطرقات وتردت الخدمات وبات الفقر ولا غيره العنوان الأبرز وبالبنط العريض. عدسة «الأيام» ارتقت السلالم وتجولت في المنطقة راصدة واقع معاناة يعيشها أهالي هذه المنطقة.

أم أحمد عبدالله وصفت لنا وضع أهالي هذه المنطقة قائلة بألم: «أكثر ما تعانيه المنطقة هو رمي القمامة داخل الأحياء وأمام المنازل، وهذه مشكلة المواطنين فهم لا يكلفون أنفسهم عناء التخلص منها في الأماكن المخصصة لذلك، وكذا انتشار الأغنام التي تسبب لنا الكثير من الأمراض».

وعن البناء العشوائي تقول: «هذا هو أصل المشاكل.. تصوري أننا لم نعد قادرين على السير ما بين الأحياء، وتحولت الطرقات إلى ممرات ضيقة بالكاد تتسع لعابر، فالأحواش تنتشر وتتوسع بفوضوية.. همنا ايضا هو ضعف الكهرباء ونقص المياه ولكن الحمد لله حاليا أفضل بالنسبة للمياه، والكهرباء نحاول أن نرفع رسالة إلى إدارة الكهرباء لإيجاد الحلول، فقد تلف الكثير من أجهزتنا الكهربائية».

إحدى المواطنات في المنطقة تقول: «أنا كل اولادي من مواليد المنطقة وكذ أحفادي لكنهم بعكس من يقطنون في المناطق الأخرى يعيشون في وضع معيشي غير صحي جراء تكدس القمامة ما بين الأحياء، إضافة إلى حرمانهم من ممارسة هواياتهم وألعابهم كون المنطقة لا تحوي ملاعب أو متنفسات».

جلست بجانب أم أحمد وسألتها عن معاناتهم في المنطقة فقالت لي «بتكتبي اسمي» فأجبتها مبتسمة نعم، فقالت «لا يابنتي لا تحرجيني سوف يغضبون مني، لكنها واصلت حديثها قائلة: «لو تكتبوا عن منطقتنا باتعملوا خير، فنحن نشكو من طفح مياه المجاري فعندنا المجاري تطفح إلى الأحياء ولا أحد يقينا من تبعاتها، وعندما نشتكي من القذارة الموجودة أمام منازلنا لا أحد يسمعنا، ونحن لدينا أطفال والقاذورات مكانها فوقنا.. نتكلم فلا يسمع أحد نشتكي نبلغ ولا يأتون إلينا إلا بطلوع الروح، وعندما نتعب من المتابعة يرسلوا واحد ليصفي (أي كلام) وعاده يطالبنا بالمشقاية».

وتقول: «زمان كانت المنطقة نظيفة وواسعة والسيارات تصل إلى أمام بيوتنا بعكس الآن».

أما أم عمرو فتقول: «نحن بصراحة (تعابى) في هذه المنطقة، فالكهرباء ضعيفة وكل اجهزتنا المنزلية تعطلت بسببها، وحتى إسطوانات الغاز لا نجدها وإن وجدناها فثمنها غال».

وتشتكي أم عمرو من إغلاق الطريق وما سببه من معاناة لهم : «حين يحترق منزل في المنطقة لا سمح الله لا تستطيع سيارات المطافئ الوصول إليه لتقوم بعملية الإطفاء والإنقاذ.. حتى الموتى لا نستطيع إنزال جثامينهم من المنطقة بسهولة بسبب الضيق الشديد للممرات التي بسط عليها العشوائي».

وتتذكر أيام زمان وتقول: «المنطقة كانت منظمة ونظيفة، ولكن الآن لا يوجد فيها نظام، تصدقي منطقتنا بلا شوارع مجرد أزقة ضيقة لا يستطيع حتى الطفل المرور فيها».

اتجهت صوب شيخ الحارة وأنا أحمل هموم أهالي المنطقة لنعرف المزيد، وسألت الأخ زيد عبده الصباحي، شيخ حارة منطقة حي الطبقة العاملة عن هذه المعاناة فقال: «منطقة حي الطبقة العاملة منطقة كبيرة وواسعة تضم أربع وحدات هي لبوزة، الشعلة، كاسترو وأول مايو، وقديما كان هنالك 300 منزل فقط في المنطقة وأغلبها منازل خشبية وعدد سكانها قليل، وأكثر ما كان يميزها وجود الطريق والنظافة التي كانت تعطيها رونقا جميلا، ولكن اليوم افتقدنا كل هذا بسبب العشوائية وجشع بعض الناس الذين أتيحت لهم الفرصة للتوسع العمراني بعشوائية وبشكل غير عادي بسبب غياب الرقابة وعدم ردعهم أو تنظيمهم فافتقدنا الطريق لغياب التخطيط السليم».

وعن أهم الصعوبات التي تواجه المنطقة وأهلها يقول: «طفح مياه المجاري يصل إلى أمام المنازل، إضافة إلى عشوائية في مد الخدمات وعدم وجود مجاري رئيسية، رغم اضافة رسوم المجاري على فاتورة المياه، فعند إصلاح المشروع الصيني للمجاري الرئيسية عمد وا إلى إصلاح نقاط تفتيش وإيصالها إلى المجرى الرئيسي، ولكن لم يتم ربط المساكن بها ولا نستطيع الوصول إلى المجاري الرئيسية بسبب التكاليف التي تتراوح ما بين 10 - 20 ألف ريال، إضافة إلى خسائر الأنابيب والحفر».

وعن سبب خروج المنازل عن المخطط العام للمنطقة يقول: «سبب عدم وجود طريق أدى إلى توسع عشوائي في بناء الأحواش وتوسعوا في منازلهم، فبعد ماكانت المنازل من مخزن ودارة أصبحت من غرفتين وثلاث بعشوائية، إضافة إلى إقامة أحواش، ولا بد من إعادة تخطيط سليم للمنطقة حتى نستطيع أن نتجاوز هذه الصعوبات، فنحن نعاني الكثير في حالة حدوث حريق، حيث لا تستطيع عربات الإطفاء الوصول إلى المنطقة، وكذا سيارات الاسعاف، وأقرب مثال عندما احترق منزل المواطن راشد أحمد سيف لم نجد طريقاً، ولابد من ايجاد طريق للمنطقة وتعويض أصحاب المنازل التي يتطلب إقامة طريق اجتزاء مساحات منها من أجل المصلحة العامة، فالمنطقة توسعت وأصبح عدد المنازل فيها 1200 منزل وعدد سكانها نحو 20- 25 ألف نسمة وهم بحاجة إلى طرق ومدرسة ومستوصف وبريد».

ويضيف مختتما: «أغلب المنازل عشوائية ولكن حسب القانون أصبحت بعد 15 سنة من إقامتها رسمية». استفسرته عن اسم المنطقة هل هي ردفان كما تدعى أم حي الطبقة العاملة فأجاب «هذا ايضا من العشوائية، فالمنطقة معروفة بحي ردفان والكثير من المواطنين لا يعرفونها باسم حي الطبقة العاملة لأنها اشتهرت بحي ردفان، ومنطقة ردفان تبدأ من حي الرياض والشوارع المحيطة به».

الكثير من المناظر الموجعة تشاهدها في هذه المنطقة: أنابيب المياه الممتدة على الأرض، ممرات خلفية تفوح منها روائح كريهة، أطفال لم يجدوا مكانا للعب إلا على القمامة المنتشرة أو بالقرب منها، وكبار لا تتسع الممرات لعبورهم صوب مساكنهم، والاغنام تقاسم البشر معيشتهم وتنتصب زرائبها في كل مدخل ومخرج.

«الأيام» برصدها هذا انما تقدم صورة ملحة لتدارك أوضاع منطقة حي العمال (حي ردفان) والمبادرة من قبل الجهات الرسمية المختصة بوضع الحلول العملية المناسبة، ووقف الزحف العشوائي فالمنطقة تختنق بـ 25 ألف مواطن و1200 منزل دون أدنى تخطيط وفي وضع مزر، وحتى هذه اللحظة ما يزال غول العشوائية يزحف إلى قمم الجبال فمتى يتوقف؟ سؤال على جهات الاختصاص الإجابه عنه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى