الحكومة وما قالت النعامة

> علي سالم اليزيدي:

> وصلت النعامة مستعجلة رداً على دعوة حكومية عاجلة، وبناء على علاقات صداقة تجمع بينهما، دخلت من باب الحكومة وتوقفت في منتصف الغرفة، وعندها هلل الحاضرون الأعضاء والمساعدون وتبادلوا القبلات، ووصلت درجة العاطفة عند أحدهم محاولة القفز من النافذة لولا...! وجلست النعامة بحكم الضيافة على مقعد الوزير الأول، وخيم الوجوم وفضل البعض من الأعضاء هز الرأس مثلما يفعل إخواننا الهنود عند النوائب، وقالت:

جئنا إليكم تلبية للنداء. وتلفت كل إلى الآخر، وقال صاحب النظارات القريب منها: أحم. قالت فهمت، كنتم تبحثون عن السبب الذي يقول من علمك القسمة...إلخ، قال الأصلع فيهم لا، آه فهمت إذاً كنتم تبحثون عن البقرة بغت حشيش! وزعق صاحب الشنب الكثيف: آي، آي. وردت عندئذ النعامة التى تترأس الاجتماع لحظتئذ: معلوم، أنتم في حيص بيص، الاسعار ارتفعت والغلاء يريد حلولا، ورواتب الناس قليلة، والحكومة تريد فلوس والفلوس..إلخ، وهز القريب منها رأسه وكأنه شعر بأن هناك انفراجا قادما، نظرت إليهم النعامة بسخرية، والخوف من عدم اقتناع الموظفين والمعارضة والشعب والتجار ومواصلة الحيرة لديكم. وصاح آخر: ألا تعلمين أن هناك رعدا وبرقا وريحا والدنيا برع مقلوبة، أنت الأمل. ردت: أي أمل ما هو في أغنية بلفقيه أو لأم كلثوم.. وساد الصمت!

وتجرأ المثقف الجالس يساراً وأراد أن يقول شعراً، فأشارت له بطرف منقارها بالسكوت، وقالت: علمنا بالوضع ونحن في الغابة، وفكرنا في إيجاد مخرج لكم نعم، نعم جاءت صرخة قوية ومعها ما يشبه الشهيق. وواصلت: أنتم تطلبون خبرة النعامة، ولكن لدي سؤال إليكم، ونكس الجميع رؤوسهم ولسان الحال يقول: ليس ثمت أسئلة، الحل! أنا نعامة قادمة إليكم من وسط الاشجار ومن قبيلة طيور النعام، وأنتم من الشعب ألا تمس الجرعات والغلاء حياتكم وأهلكم، إذا أردتم الحل لا تخفوا عنا شيئا من مصادر الدخل كلها وكيف تدخل إلى جيوبكم، وقيل لي في الطريق أن أبناً سأل والده الوزير من أن أصحابه قالوا له إن أباك هو سبب البلاء والغلاء في كل البقالات والأسواق كلها. وألقت بنظرها نحو أحد المساعدين وسألته: ما الذي بيدك من أوراق؟ وتفحصته فإذا هي كلمات متقاطعة والبحث عن الكلمة الضائعة لممثلة مشهورة أولها (ليلى) وضحكت، هذا دفن المشاكل بالتسالي والتغابي والذي لم يعد مجدياً حالياً! وصاح أحد الجالسين: بس لديكم أيها النعام طريقة مشهورة! وصاحت: توقف عن هذا الكلام، هذا زمان، هذا جيل النعام القديم، لم يعد أحد يدفن رأسه في التراب! وإذا كنتم تبحثون عن نعام هذا النوع، فقد نفد يا سادة ويا لهول ما أرى، هل أنتم خارج المتغيرات ما الذي ===!

وعدل الرجل الكبير من جلسته وقال: نحن نقصد تبادل خبرات، أسمع يا سيدي هناك من يدفن رأسه بالغباء بدلاً من التراب! ومن سوء حظكم أننا حصلنا على كل القراءات والكتابات حول استراتيجية الاجور الأخيرة وما بها من انتقادات وكذا كشوفات الصرف للوزارات والنواب وكبار القوم، وأمام هذا كله من ترونه يستطيع دس رأسه في التراب في ظل تطور علوم التكنولوجيا، لدينا نحن النعام أجهزة معظمها تحت الطين ولم نعد ندس الرأس، وحسب علمنا لدى الإنسان ما يكفي لاكتشاف المريخ والكواكب. وفجأة سادت همهمة في القاعة، وقفت النعامة وضربت بطرف جناحها الطاولة: أخطاتم صداقتنا في تبادل دس الرأس في التراب لم تعد تصلح لكم، نحن تجاوزناها كطيور ومع هذا سنقدم لكم خبرة متواضعة وأخيرة قبل فك هذه الصداقة!

الله.. نعم.. يااا.. حسناً، بدلاً من دس الرأس في الارض وتجاهل مشاكل الناس وكلوسة هذا في هذا، فليضع كل واحد منكم زنبيلاً على رأسه لإخفائه وحتى تتوفر رؤوس تفهم التغيير وتحظى بصداقة النعام الذي لم يعد ينام، ومن لم يجد زنبيلاً فليضع فوق رسه (معشرة) بعد الاغتسال. والله من وراء القصد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى