نبذ النزعات..والنزاعات

> أحمد محسن أحمد:

>
أحمد محسن أحمد
أحمد محسن أحمد
كل الأحزاب اليمنية، صغيرها وكبيرها، تردد باستمرار في خطاباتها السياسية والإعلامية.. وفي مؤتمراتها الانتخابية.. بأن على الأعضاء (أعضاء هذه الأحزاب) نبذ النزعات الفردية والنزاعات والخلافات المناطقية والقبلية والعشائرية.. والتكتلات الشللية.. وشغل (المطافحات) من الأركان إلى المقاهي.. إلى مبارز القات! وبدلاً من كل ذلك عليهم الارتفاع إلى أعلى درجات المسؤولية، والكلام هذا جيد وهو المطلوب، لكن الأحزاب تقف في جهة وهذه النداءات والخطابات في جهة معاكسة، ولأن هذه الأحزاب تعرف يقيناً بأن أعضاءها (شاربين المِهْرة) ويعرفون بأن أحزابهم أول من يرمي بعرض الحائط هذه المبادئ وهذا الكلام الموزون، ولذلك أصبحت هذه الخطابات والمناشدات ديكوراً شكلياً ودعاية انتخابية لا تظهر إلاّ في المناسبات وبالذات في فترة ومواسم المؤتمرات والانتخابات الحزبية.

شاهدت بالعين المجردة في أكثر من حزب، وفي هذه المواسم التي نطلق عليها مواسم (المؤتمرات) والتكتلات.. شاهدت أكثر من عضو حزبي ممن يطمحون ويتطلعون إلى اعتلاء المناصب والمراتب الحزبية القيادية، هؤلاء يصرفون ويبذلون الأموال الطائلة لجذب أعضاء الحزب إلى صفوفهم وكسب أصواتهم الانتخابية، فهناك (العزايم) والولائم وهناك (أشكال) القات.. وتُغّلف هذه النفحات بالوعود التي لا تحدها حدود لإصلاح أوضاع الحزب.. بل إن بعضهم (يستغفل) أعضاء الحزب بتقديمه قائمة خيالية من الوعود.

هذه الوعود تجعلك تنظر الى هذه العملية من زاوية واحدة لا سواها.. وهي أن الحزب أصبح بعيداً عن قضايا الناس ومشاكلهم التي يدّعى أنه حامل رايتها وصاحب الحلول الأوحد لها .. فيتحول إلى حزب الكتلة.. أو الشلة أو أصحاب المصالح والمطامع الذاتية!

كنت أتمنى أن يقوم حزب من الأحزاب اليمنية برصد ووضع أسماء ذلك النوع من أعضائه في سجلاته ووثائقه، والذين يملكون الكفاءة والمقدرة على تحمل المسؤوليات القيادية لكنهم يتراجعون أمام الزحف الرهيب والمحموم نحو كراسي السلطة والمسؤولية الذي ينهجه أولئك النفر من الأعضاء الذين لا يعرفون من العمل الحزبي سوى الوجاهة والتسلط وجر الحزب نحو الاتجاهات المخلة والمسيئة له ولمبادئه وأخلاقياته. أتمنى أن تستغل الأحزاب هذه الأيام التي نسميها (مواسم التكتلات والمؤامرات.. والتحركات المشبوهة) وهي الأيام التي تعقد فيها الأحزاب مؤتمراتها الحزبية.. وكذا انتخاباتها لكي تتعرف هذه الأحزاب على حقيقة الانتماء عند أعضائها.. وتتعرف على ذلك النوع من الأعضاء الذين يعزفون ويرفضون الدخول في دوامة اللهث نحو كراسي المسؤوليات.. وتتعرف أيضاً على صدق وواقعية وضعها بين صفوف عامة الناس وبين الصفوة من الأعضاء الذين لا يشحتون المسؤوليات.. ولا هم بحاجة للتكتلات والشللية التي يركب موجها من يشعر بأن هناك نقصا وضعفا في انتمائه لمبادئ حزبه!

لفت انتباهي تصرف أحد القياديين البارزين في مؤتمر حزبي انتخابي.. عندما توجه لمنصة الخطابة بخطوات مجلجلة.. وألقى خطابه التوجيهي الذي طالب فيه أعضاء المؤتمر الحزبي الانتخابي بنبذ النزعات الفردية والنزاعات والخلافات التي تضعف الحزب وتُسيء لمبادئه.. وأكد صاحبنا في خطابه التوجيهي بأن ما يقوله هو قناعة القيادة العليا للحزب! لكنه لم يبتعد عن منصة الخطابة ببضعة خطوات (ربما لا تزيد عن عدد أصابع اليد الواحدة) حتى رأيناه يغمز لهذا ويومئ لذاك.. ويحث من هم في دائرة الثقة المشبوهة بينه وبينهم فيوجههم بعدم إعطاء أصواتهم لفلان وإعطائها لمن هم في دائرة هواه ومزاجه! ذكرت ساعتها وفي ذلك الموقف ما يردده (البتول) اليمني في مزرعته .. وشكل ذلك في أغنية بديعة وشهيرة فناننا الراحل أحمد بن أحمد قاسم (رحمه الله) .. مفاد ذلك.. «هروا جاء الليل.. والله ما روّح إلا وقا هو ليل» سألت بعض الزملاء المعنى الذي يرمي إليه (البتول)؟ فقال البعض إن القصد من ذلك هو: اهربوا قد جاء الليل.. فلو صح هذا التفسير.. فيا ويلنا من الليل الذي يخيف (البتول) اليمني في مزرعته.. ويخيفنا نحن في المدن.. وفي المجتمع المدني من أولئك الأعضاء الحزبيين الذين ينسجون خيوط ليلهم الطويل!

الله وحده يعلم الطريق الذي سيخلصنا من ليلهم، الذي لا يوحي لنا بأن ظلامه الدامس لن (ينقشع) عن سمائنا الزرقاء.. فيأتينا فجرنا الجديد.. وصُبحنا الذي لن يكون أشبه بذلك الليل الكريه. ويا رب سترك.. فأنت الملاذ.. وأنت المعين لكل من لا يملك معيناً ممن هم أصحاب الإعانات في هذا الزمن الرديء!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى