لا تظلموا هذه الفئات والشرائح الهامة في المجتمع

> عبدالعزيز يحيى محمد:

>
عبدالعزيز يحيى محمد
عبدالعزيز يحيى محمد
من خلال تتبعنا لما قامت به واتخذته - وما زالت - الأجهزة والمؤسسات الحكومية من إجراءات وقرارات منذ الإعلان عن زيادة أسعار المشتقات النفطية التي تمت في 19/7/2005م، بشأن تحديد أسعار السلع والخدمات وإلزام المعنيين بها من صغار المنتجين وأصحاب الدكاكين والمطاعم والمشارب ووسائل نقل الركاب والبضائع الفردية وغيرهم، ممن يطلق عليهم خطأ بـ (التجار)، لاحظنا أن الهدف منها هو تحميل تلك الفئات جزءا من الأعباء التي أحدثها وخلفها إعلان الحكومة الخاطئ ذلك، بعد أن تحمل المستهلكون وبالذات الفقراء منهم الجزء الأكبر من التبعات السلبية لذلك الإعلان.

ولأن تلك المعالجات والقرارات تفتقر وتفتقد أبسط الأسس والمعايير الاقتصادية، لذلك فإنها انعكست وستنعكس سلباً ليس فقط على الأوضاع المتصلة بالأنشطة والأعمال التي يقدمها ويؤديها أفراد تلك الفئات، والاحتياجات المعيشية لهم ولأسرهم فحسب، بل انعكست وستنعكس على مجمل الأوضاع المتصلة بكافة الأنشطة والأعمال على جميع الصعد والمجالات، وعلى كافة فئات وشرائح المجتمع.

ففي حين نجد من خلال تقييمنا لتلك القرارات والإجراءات أن أياً من تلك الشرائح التي ذكرناها أعلاه، لن تتمكن من تحقيق أية زيادة في معدلات دخلها الصافي، كون نسبة هامش الربح لباعة التجزئة بقيت على ما هي عليه، وتركت - كما كانت عليه- مسألة تحديد أسعار المنتجات الزراعية والحيوانية والسمكية، لا لقانون العرض والطلب، وإنما تركت لاستغلال واحتكار كبار السماسرة والوكلاء، وما تم إضافته إلى تعرفة أجور نقل الركاب والبضائع بالكاد تغطي تلك الزيادات التي طرأت على أسعار مادتي الديزل والبترول.

فإننا في الوقت ذاته نجد أن على أفراد تلك الفئات تحمل ومواجهة الأعباء والالتزامات التي انتجتها وأحدثتها قرارات زيادة أسعار المشتقات النفطية، ومنها مثلاً:

- الزيادات التي حدثت لأسعار المواد والسلع والخدمات، سواء تلك المتصلة مباشرة بالأعمال والأنشطة التي يقوم بها ويؤديها أفراد تلك الفئات، أو تلك المتصلة باحتياجاتهم المعيشية لهم ولأسرهم.

- انخفاض معدلات النشاط الذي يقومون به نتيجة للانخفاض الذي طرأ على مداخيل السكان، وحتى لو افترضنا أن الزيادات التي ستضاف إلى أجور ومرتبات الموظفين ستغطي الزيادات السعرية للمواد والخدمات الأساسية التي سيحتاجون إليها وأسرهم، فإذا عرفنا أن نسبة الموظفين والعاملين مع أفراد أسرهم لا تشكل سوى 20% من إجمالي عدد سكان البلاد، فمن أين ستتمكن البقية الساحقة وهي النسبة المتبقية والبالغة 80% من تغطية فارق الزيادات في أسعار جميع السلع والخدمات التي حدثت؟

ولمواجهة الانعكاسات السلبية الخطيرة لتلك الحالتين، فأمام أفراد تلك الفئات للحصول على مداخيل تضمن لهم تغطية متطلبات أنشطتهم وأعمالهم وتلبي احتياجاتهم المعيشية وبنفس المستويات التي كانت عليها قبل إصدار قرارات الزيادة في أسعار المشتقات النفطية، إما زيادة معدلات النشاط الذي يقومون به بما يتوافق ونسب الزيادات السعرية التي حدثت لكل المواد والسلع والخدمات.

ولأن ذلك ستعترضه جملة من الصعوبات والعراقيل المتمثلة بمحدوية القدرات والطاقات البشرية والشرائية والإنتاجية لهم ولوسائل عملهم وللمتعاملين معهم، حيث يتعذر على معظمهم حل ومعالجة تلك الصعوبات والمشكلات.. لذلك سيضطر البعض من هؤلاء للحفاظ على استمرار وبقاء أعمالهم وأنشطتهم إلى خفض معدلات استهلاكهم من السلع والخدمات التي يحتاجون لها وأسرهم، بنفس نسبة الزيادات في الأسعار التي لم يقدروا على تغطيتها عن طريق زيادة معدلات نشاطهم، مضافاً إليها تلك النسبة التي أحدثتها عملية الانخفاض التي حدثت بمعدلات تدني القدرة الشرائية للمواطنين، أما الجزء الآخر منهم فسيضطر إلى خفض معدلات نشاطه وأعماله واحتياجاته معاً، لعجز دخله عن تغطية كل تلك الزيادات السعرية.

فإذا كانت هذه المسألة ستؤدي حتماً إلى مزيد من الإفقار لأعداد كبيرة من أفراد هذه الفئات والشرائح الاجتماعية الهامة، فإنها ستؤدي كذلك إلى إصابة كل الفروع والقطاعات الاقتصادية بحالات من الانكماش والتدهور الاقتصاديين، وبالتالي إصابة المجتمع ككل بنفس تلك الحالات المرضية.

وللتخفيف من الأضرار التي لحقت وستلحق بهذه الفئات، فإنني أقترح أن تقوم الحكومة باتخاذ عدد من الإجراءات والخطوات التي من شأنها تحقيق ذلك، ومنها على سبيل المثال:

- إعفاء كل المواد والوسائل التي تدخل ضمن الأعمال والأنشطة الإنتاجية التي تقوم بها هذه الفئات من أية رسوم جمركية، ومن ضمنها وسائل نقل الركاب والبضائع.

- إعفاء المهن والأعمال التي تقوم بها هذه الفئات والتي لا يزيد رأس مالها عن (خمسة) ملايين ريال من أية ضرائب ورسوم باستثناء رسوم البلدية. ومن المفارقات التي تبعث على الضحك والبكاء معاً، أن الدولة في حين تعفي المشاريع الاستثمارية الكبيرة من الرسوم والضرائب ولسنوات طويلة، تفرض ضرائب حتى على صغار الباعة، إذا يقوم موظفوها باحتساب ضريبة على من لا تتجاوز مشترياته (خمسة) آلاف ريال، وذلك كما يحصل في سوق حراج الأسماك بالمعلا.

- منح الراغبين منهم قروضاً مالية وعينية دون فوائد بفترات سداد طويلة، بضمان محلاتهم أو أراضيهم الزراعية.

- تخفيض تعرفة الكهرباء والمياة التي يستخدمونها في أعمالهم وأنشطتهم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى