مهلاً..أيها القائد

> محفوظ سالم شماخ:

> قد تكون مفاجأة للبعض أن يعلن قائد المسيرة المشير علي عبدالله صالح أنه لن يرشح نفسه للرئاسة في الانتخابات القادمة، غير أن البعض ممن عرف أو حتى يتظاهر بأنه يعرف بعضاً من الجوانب النفسية لذلك القائد لم يفاجأ بما أعلن، لإدراكه أن ما كرره القائد قبل إعلانه من أن (رحم الله امرءاً عرف قدر نفسه) لا يعني سوى إشارة واضحة لما نواه بعد ذلك.

وطوال فترة حكمه كان مشغولاً بالأحداث الجسام، فحقق الكثير من الإنجازات العظيمة التي سنترك للتاريخ وحده أن يقول عنها ما يجب أن يقال.

ولعل انشغاله بالأحداث الجسام ألهاه عن ما هو دون ذلك ويشمل الإدارة و تحديد الاتجاه حكماً ونهجاً.. الخ، مما جعل الجسم اليمني يعاني من بعض النتوءات والروائح غير المستحبة وجعل وجوهاً تتلمع زيفاً وليس وزناً وعملاً وعلماً.

ولعل شعوره بما حصل جعله يرجع أن يكون في وضع الأب الناصح وفي بعض الأحيان الفاضح لبعض تلك التشوهات، وقد تصدى لبعضها لمعالجتها، ولكن في إطار شعوره بالأبوة ومن مبدأ (من كان منكم لم يخطئ فليرمها بحجر) وهكذا ترسبت، بل وتحجرت تلك النتوءات حتى أنها أصبحت العائق الأساسي أمام انطلاق اليمن نحو آفاق المستقبل قولاً وفعلاً لتكون على الأقل في ركاب الدول النامية وليست الدول المتراجعة.ولهذا وحده فقط أقول بأن مهمة القائد لم تنته بعد وإن إدراكه كما صرح هو لخفايا أمور كثيرة يجعله أقدر على المعالجة من غيره وبأسلوب ناجح وسريع.. إذ إن الزمن لن ينتظر حتى يأتي من هو بحاجة إلى اكتساب خبرة تحتاج إلى سنين بل دهور.

ولعل القائد المجرب الحكيم يدرك ذلك وماهو أبعد منه وكما قال الشاعر:

فالليالي من الزمان حبالى

مثقلات يلدن كل عجيبة
ومانود أن نشير إليه هو ما هي الآلات والأدوات والأساليب الإدارية التي ستستخدم لتحقيق ما ذكرناه؟.. هل بتلك الأدوات والشلل والإدارة نفسها التي (تعودت) إن جاز التعبير على مبدأ الهدم والتعقيد والتشويه والهش والنتش، أم أن الأمر يتطلب أدوات أخرى توضع لها الضوابط وتحدد لها الأعمال والمهام والصلاحيات وأجهزة تقييم الأداء والافراد؟ إننا على يقين بأن المعاول التي تعودت الهدم لا يمكنها أن تكون يوماً أدوات للبناء، والمثل يقول (اللحم الذي سبق غليه لا يمكن أن يخرج منه مرق).

إنني لم ولن أكون في يوم من الأيام من المؤيدين أو المشجعين لديمومة السلطة حتى في أبسط صورها إلا لله، فالتداول للسلطة مهم ونافع ولكن يجب أن يوضع لذلك معايير ومقاييس تمنع تكرار الخطأ وتكرس وتنمي الصواب.

لهذا كله أقولها صريحة (مهلا.. أيها القائد) وأمعن النظر في ما يقال وفي الواقع المعاش وتلمس هموم شعبك لتقول لهم بدأت مرحلة جديدة سريعة وحاسمة لإبعاد المعوقات من الطريق والدفع بعجلة التنمية لتدور بأقصى سرعاتها، مدركاً أن ذلك يتطلب تنازلات مؤلمة قد تمس أقرب المقربين وأصدقاء عمر منتفعين وقلع عادات سيئة ضربت جذورها في أعماق المجتمع، بل قد تصل إلى تغيير مفاهيم السلطة والمتسلطين لبناء حكومة واحدة تؤمن باللامركزية فهماً وتطبيقاً وغير ذلك من الإصلاحات المؤلمة، ولكن لا بد مما ليس منه بد. والله الموفق.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى