حوار حول حالة طلاق

> محمد عبدالله باشراحيل:

>
محمد عبدالله باشراحيل
محمد عبدالله باشراحيل
عند زيارتي الأخيرة لمحافظة حضرموت، وفي بيت صديق له مكانته الاجتماعية هناك، فقد حالفني الحظ للتعرف على جمع من الناس الطيبين فيه. فدخل علينا رجل جاء ليستشير صاحب البيت في قضية فضَّل أن يعرضها عليه ليتجنب اللجوء إلى المحاكم التي سيحرق المحامون والقضاة فيها الأخضر واليابس عليه حسبما قال. والقضية أن الرجل زوّج ابنته على شخص من غير سكان منطقته قبل خمسة عشر شهراً ويطلب حالياً تطليق ابنته من زوجها الغريب، وباشر بفتح الموضوع مخاطباً صديقي: «جئتك طالباً العون والتدخل في تطليق ابنتي من زوجها» فرد عليه مباشرة وباستغراب قائلاً: : «اتق الله يا رجل إن أبغض الحلال عند الله الطلاق هكذا يقول نبينا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام»، فأجابه والد البنت ببيت شعر (وبانفعال):

إن كنت تدري فتلك مصيبة
وإن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم

فقال له الصديق: اهدأ يا أخي ونريد أن نعرف منك وندري كيف ولماذا وصلت الأمور إلى حد طلب الطلاق؟ فأجابه: «ياعزيزي اكتشفنا مؤخراً أن زوج ابنتي ليس ذلك الشخص الذي انبهرنا به في البداية، وخدعنا بمظهره ووعيه كتاجر أستاجر محلاً تجارياً كبيراً وبإيجارعال لمدة ثلاث سنوات ودفع مقدماً إيجار نصف عام، وكان يتعامل مع التجار المحليين عندنا بأمانة ويحظى باحترامهم وهذا ما جعلنا نقبل به عندما تقدم للزواج من البنت، ولكن مع الأسف تبين لنا مؤخراً أن بعض التجار يشكون منه ويطالبون بدفع الديون الكبيرة التي عليه لهم، وأنه لم يدفع إيجارات المحل لفترة تزيد عن السنة، ولم يقتصر الأمر على ذلك بل تعداه إلى أنه ضحك على البنت وأخذ نصف ذهبها بحجة أنه سيعوضها بموديلات جديدة، كما لوحظ سوء معاملته لها في الآونة الأخيرة حسبما أخبرتنا البنت ونحن نريد أن نحافظ على ما تبقى من ذهبها وأيضاً خائفون عليها من الانهيار نظراً للمعاناة النفسية التي حلت بها وأصبحت حياتها لا تطاق ومليئة بالتنغيص والنكد»، فعلق أحد الجالسين ببيت من قصيدة غنائية حضرمية مستهزئاً قائلاً:

وإن تمت إلا هكذا الحالة نكد
ماشيء صفا بعد التنكاد

وأضاف إن طلب الطلاق وحده غير كاف بل يجب محاكمته واسترجاع كافة حقوق ومستحقات البنت منه أيضاً، وعندها تدخل شخص آخر وقال: «ياجماعة عليكم تحكيم العقل فالموضوع ليس بهذه البساطة وآراؤكم هذه لا تحل المشكلة بل تعقدها وتترك وراءها تبعات منها تفكك الأسرة وتفرقها». وهنا تدخل أحد الحاضرين وقال ساخراً «إن شاعرنا الكبير حسين المحضار يقول:

إذا كان في الفرقة الهدوء والرواق
أحب الفراق

وزاد طلقوه منها وخلو البنت ترتاح وتتنفس الصعداء وتعيش حرة فهذا الزوج لا يستحقها فهي المعروفة بخلقها وخلقها وأصلها الطيب»، عندها تدخل رجل كبير في السن وقال «لا تُحل الأمور بالانفعالات والتسرع في مثل هذه القضايا فالله سبحانه وتعالى يقول {فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} - (الآية 229 من سورة البقرة)». بعد ذلك تدخل صديقي صاحب البيت مخاطباً والد البنت قائلاً: «يفترض فيك أن تتحرى عن الشخص المتقدم للزواج وتدرس الموضوع مع أهلك وأقاربك قبل التسرع في اتخاذ قرار يتعلق بمستقبل البنت وأسرتها فالزواج مسألة مصير للزوجين للعمر كله وكان يمكنك أن تتفادى ما حصل لو كنت قمت بذلك مسبقاً، ومع أنني لست مع الطلاق من حيث المبدأ فإن عليك سماع بقية الآراء وتعكسها وتناقشها مع ذوي الحكمة من أهلك وأقاربك ثم تتخذون معاً القرار المناسب والذي يعتبر مصيرياً بالنسبة للزوجين».

ومع التعليقات المختلفة وبين مؤيد لهذا الرأي وذاك أو معارض خلصت إلى أن البعض من الجالسين يميلون إلى الحفاظ على وحدة الأسرة، وإن وجدت حلول في هذا الإطار وآخرون محتارون، أما البعض الآخر فيفضلون الطلاق. والله سبحانه وتعالى يقول في محكم كتابه {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين} (النحل آية 125) وربنا يهدي الجميع ويصلح الحال، قولوا آمين.

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى