المحطة الأخـيـرة..خطوة ظافرة في جامعة عدن

> د. سمير عبدالرحمن الشميري:

>
د. سمير عبدالرحمن الشميري
د. سمير عبدالرحمن الشميري
بعيداً عن التطبيل والتزمير والمزايدة أقول بملء فمي: إن انتهاج نظام المفاضلة في شغل الوظائف الأكاديمية في جامعة عدن خطوة ظافرة تثري الحياة العلمية وتعطي إمكانية للتحرك في ملعب متحضر بمنأى عن المراوغات والمظنات والغرف المظلمة والتجهيل الغاشم الذي يفضي إلى فساد الجو المعنوي والبيئة التعليمية.

فهذه سُنة حميدة لا بد من تطويرها وإذا جاز لي التمني أتمنى على جامعة عدن والمراجع الأكاديمية المسؤولة أن تحافظ على هذا التقليد الأكاديمي المفعم بالحكمة والتبصر والذي يمزق أقنعة المحسوبية ويفتح الباب واسعاً على أساس المواطنة المتساوية لكل الموهوبين والمؤهلين للالتحاق بالحرم الأكاديمي الجامعي مع تجنب الزلات والنقائص والخروم التي عادة ما تظهر هنا وهناك في غميس واقع مترع بالاشتباكات والضغوطات بألوان شتى.

إن اتباع منهج المفاضلة الشفافة في انتخاب هيئة التعليم في الجامعات يمثل أفضل سبيل للخروج من عنق الزجاجة ولرفع الجودة الأكاديمية في الجامعات ورفد المؤسسات العلمية بدماء شابة تزخر بالعلم والمعرفة والحيوية والعطاء الثاقب والثقافة العامرة بالمعارف والتسامح والانفتاح والتي تطعم طلاب الجامعات من بيادر العلم خيراً ونماء ونباهة، وتجنب الكثرة الكاثرة منهم الوقوع في المسالك الزاخرة بالمعاطب والمهالك. حينها سنتجنب الأحكام التي يطلقها بعض الكتاب، حيث إن لفيفاً منهم يرون أن «الجامعة تعلم كل شيء حتى الغباءِ»، ومرد ذلك يعود لعدة أسباب منها: العطاء الأكاديمي الفاتر لرهط من الأكاديميين الذين لا يتكئون على ثروة علمية وثقافية رصينة ولهم مستويات أكاديمية هابطة متشحة بالركاكة والغثاثة، ولا تساعد مطلقاً على نماء سنبلة العطاء الأكاديمي، فتجلب الكوابح والمصدات والكسل وتطفئ مصباح العقل المبدع ليكون فريسة للجهل والعتمة الدامسة والتفكير المتصلب الذي يلجأ دائماً لسلة الحلول الجاهزة من دون كدح في التفكير والتدبير.

عندما توصد الأبواب في وجوه العقول النيرة وتحرم من شغل الوظائف حسب الكفاءة والموهبة والمؤهل العلمي تهدر الأمة عنصراً من عناصر قوتها ومجدها، فتهاجر الأدمغة إلى الخارج، أو قد تموت في الداخل حسرة وتندماً جراء أزمة الانشطار الروحي، ويتحول البعض إلى مخلوقات مريضة أو غير سوية، وقد يضطر نزر مهم إلى أساليب أكثرها بعداً عن الكرامة فيستسلمون للذل والمهانة والارتزاق والنفاق الأبله.

تقدر إحدى الدراسات عدد الأساتذة العرب في الجامعات الكبرى الأمريكية والكندية (بزهاء 720 أستاذا جامعيا). ويشير في هذا السياق الباحث الصوفي ولد الشيباني إلى (مجموع الكفاءات العربية التي هاجرت فقط إلى بريطانيا وألمانيا وأستراليا في الفترة من 1960-1995م بحوالي 320 و222 من أصحاب الكفاءات العالية).ونحن نرفع اليوم شعار الإصلاح الشامل في الجامعات والهيئات النظامية الرسمية والمدنية نعتبر أن توطيد أسلوب المفاضلة في شغل الوظائف الأكاديمية جزء من الإصلاح في المؤسسات التعليمية، هذا الاصلاح الذي لا بد أن يشمل مصفوفة متكاملة من الإجراءات:

ابتداء من الأستاذ الجامعي ومروراً بالمناهج الدراسية وسياسة قبول الطلاب والبيئة الأكاديمية والتجهيزات المادية والأنظمة الإدارية والحرية الأكاديمية والعمل بمبدأ الثواب والعقاب.. فلا بد من تنمية الإبداع الأكاديمي، ولا بد من خطوات جريئة تتجاوز القيود المادية والمعنوية وتخترق الأقفاص الصغيرة والكبيرة، وتضبط التوازنات الأكاديمية والمعرفية وتحرك النفوس وتوجه العقول للخروج من كهف التخلف.

«فالأمة التي تكون أضراسها معتلة تكون معدتها ضعيفة، وكم أمة ذهبت شهيدة عسر الهضم» جبران خليل جبران.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى