يوم من الأيــام..البقاء للأسفل

> محمد سالم قطن:

>
محمد سالم قطن
محمد سالم قطن
عندما كتب (نيتشه) كتابه الشهير (هكذا تكلم زرادشت) ازداد شططا في الفلسفة ليخرج بمقولة تنادي بالبقاء للاقوى. فتسبب للبشرية المسكينة من جراء تطبيق مقولته في عشرات الكوارث والحروب. حاول (داروين) في كتابه (أصل الانواع) التلطيف بعض الشيء فابتدع مقولة (البقاء للأصلح)، وهي المقولة الاقرب إلى ما يعتمل في وجدانات الناس وعقولهم عما يجب أن تتمخض عنه الاشياء. وحتى بدون أن ندرس ونحلل التاريخ الاجتماعي، كما فعل (نيتشه) وبدون أن ندرس ونحلل التاريخ الطبيعي، كما فعل (دارون) أصبح الواحد منا، ونحن نكتوي بالعيش في زمن رخو المظاهر عصي الظواهر، اختلط فيه الجد بالهزل، ولبس فيه الجهل رداء المعرفة، تلاشت الكثير من القيم النبيلة والمعاني الجميلة من قاموس الواقع المعاش. اختل الميزان كثيراً بعد تعطيل مبادئ الحساب، الكل أضحى في عجلة من أمره يستعجل الثراء السريع، المنصب العام كان تكليفاً يستشعر شاغله مسؤولية ينوء بها كاهله. فصار بين عشية وضحاها مطية للتكسب بالفهلوه وقلة الحياء.

يحتار اللبيب وهو يبصر هذه النماذج البشرية تتحرك بهذا القدر المتعالي من الغطرسة، بينما الجميع من حوله يعرفون كل شيء عن البئر وغطاها، وتزداد حيرته عندما نحكي له ما حكته البروباجندا ووسائل الإعلام عن أجمل الأوقات التي لم تأت بعد، وعن أجمل الأطفال الذي لم يخلق بعد. نستفزه بهذا الحكي فيسرد علينا ما استظهره من علامات وردت في الأثر الشريف عن الظواهر المصاحبة لاقتراب آخر الزمان: تكثر الفتن يخون الأمين ويؤتمن الخائن ويرتفع الأسافل.

نستروح من معاناتنا من هذه الحيرة المتبادلة بمحاولة إضافة البعد الثالث لمقولة البقاء من شواهد ظاهرة الزمن الجديد. نتجاوز تحليلات (نيتشه) عن التاريخ الاجتماعي ونقفز على تحليلات (داروين) في التاريخ الطبيعي. ولأن الحياة كتاب مفتوح ولأن الدنيا كرة دوارة فالبقاء للأسفل!!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى