أيــام الأيــام..ميزانية عدن 2006م ليست مفاجأة .. والأسوأ لم يأت بعد

> بدر سالمين باسنيد:

> ميزانية محافظة عدن لم تكن مفاجأة.. صحيح أن الكثيرين استغربوا من هذه الميزانية وصحيح أن هذا الأمر أثار الحنق والغضب لدى البعض.. إلا أن كل هذه المشاعر لم تخلو من ابتسامة العارف بحقيقة هكذا تصرف من قبل الدولة.. كنا فعلا نبتسم بسخرية.. لأننا ندرك أن تقدير ميزانية عدن بهذا القدر - مليار وسبعمئة مليون ريال يمني- أمر يستحق فعلاً أن يسخر أبناء عدن منه.. نسخر لأننا ندرك مسبقا أن هذه الميزانية لم تكن قد صدرت على أساس مواجهة متطلبات هذه المحافظة ولكن تقدير هذه الميزانية بهذا الشكل وبهذا المقدار هو امتداد طبيعي واستمرار لما يحدث دائماً وما حدث كثيراً في هذه المحافظة وغيرها من المحافظات الجنوبية، هذه الميزانية في حقيقتها جزء من السلوك الذي تتعرض له هذه المحافظة.. هو امتداد لأعمال النهب والسطو على أراضي هذه المحافظة على سبيل المثال.. هو امتداد للاستحواذ على خيرات هذه المحافظة وعلى الفرص التي كان يجب أن تكون لأبنائها.. هل حرمان هذه المحافظة من ميزانية عقلانية هو أول الحرمان الذي نواجهه كسياسة منتظمة، ألم نتعرض لمثل هذا الأمر في موضوع أراضي عدن وأراضي المواطنين.. ألم نشاهد الاستكبار في الاستحواذ على مباني وممتلكات الحكومة التابعة لهذه المحافظة، ألم نر مجاميع شبابنا الموقوفين في إطار سياسة (خليك في البيت).. ألم يستحوذ أولئك الإخوة على أهم الوظائف القيادية، ثم فرص العمل وأبناؤنا يتسكعون في الشوارع.. ألم يستحوذ إخواننا حتى على وظائف خصصت في سياسة التوظيف لبعض المديريات ثم تأتي المكالمات التلفونية بتوظيفات من صنعاء.. سوف أقول لكم ألف مرة ألم..وألم.. والفضائح كثيرة. أبناؤنا في هذه المحافظة قادرون مهارة وعلماً وخبرة على إدارة الكثير والكثير من المرافق، إلا أن (الثقة) بهؤلاء منعدمة، ونصر 1994 قد أعمى بصر إخواننا وبصائرهم.

المهم في الأخير ميزانية عدن المعلنة إهانة تدور وتدور وتعود لتسقط على رأس أصحابها ... عدن كما نعلم تزود ميزانية الدولة بأرقام خيالية - بالنسبة لرؤيتي- ومن الصعب القبول بالرأي الذي يقول إننا نرفد الميزانية العامة بـ 37 مليار ريال، هذا الرقم ربما يكون الرقم المعلن الحكومي، ولكن إذا كنا نتحدث عن الاطمئنان فضاعف هذا الرقم ثلاث أو أربع مرات، وبالمقابل ما ندفعه تعطى لنا ميزانية تعادل نصف ميزانية (مستشفى الثورة).. هذا المنطق اليوم هو السائد وهو المهيمن وهو المسيطر فلا عجب أن يحدث لنا هذا الأمر ضمن ما يحدث لهذه المحافظة من تصرفات المهيمنين والمسيطرين الذين علوا في الأرض بعد7/7/1994م المشؤوم وأقول أن الأسوأ لم يأت بعد.. من أهم العوامل والاسباب لما يحدث لنا هنا في عدن.. وما تتعرض له هذه المدينة من هجمة منظمة منذ سنوات وكذا أبناؤها.. يعود أساساً للترتيبات الخاطئة والمدمرة لرسم نظام الحكم في دولة (الوحدة) فلا ذابت الدولة المنتصرة ولا انصهرت الدولة المهزومة في دولة واحدة، كما قيل لنا.. نعم.. السبب أننا في عدن لا نملك حق اتخاذ القرار الفعلي في إدارة شؤوننا، لا نملك حق المشاركة الفعلية (ليس بعدد السكان- فهذه مغالطة) في الحكم.. لا نملك الحق لا في السيطرة على أرضنا ولا على ثرواتنا ولا ايراداتنا.. ولا نملك حتى المشاركة في كل ذلك.. عدن اليوم ليس فيها موارد غير هذه المعروفة لدينا.. ليس فيها نفط.. ولكن غدا سيظهر النفط حتما فهل سنملك منه شيئا.. هل سيكون لنا حصة فيه.. انظروا اليوم هل نملك حق السيطرة على الايرادات العامة والميناء والمصافي.. هيهات لنا ذلك في ظل هذا الوضع.. هل استطعنا بعد خمسة عشر عاماً أن يكون لنا حكم محلي حقيقي.. كرروا بعدي هذا القول.. حقيقي.. لكي نرفع الظلم والمهانة التي تحدق بنا في كل موقع في الأرض وفي الوظائف وفي الفرص وفي الحكم وفي الإدارة وفي الدارسة والتعليم بل وفي المساواة الآديمة الإنسانية مع إخواننا وغير ذلك كثير.. لكي نرفع كل ذلك من حقنا الطبيعي والقانوني وفي كل مقاييس القيم الدولية أن نختار ونقرر أن نكون نحن الحاكمين لأنفسنا حكماً محلياً واسع الصلاحيات.. من حقنا نحن فقط أن نقرر شؤون أموالنا وثراوتنا وميزانياتنا وإداراتها.. نحن أبناء هذه المحافظة قادرون على الإدارة والتصرف بشؤوننا ولا نحتاج لقيم مؤتمن ولا وصي ينتزع منا ومن أيدينا فرصنا في الحياة.

أقول لإخواننا أولئك.. عليكم أن تفيقوا وبسرعة فالزمن يتسارع في الدوران.. والتغيير لن تعيقه دعايات الإعلام الرسمي ولا زعماء اللسان الفصيح المتحدثون كما يقال(بالحكمة اليمانية).. أفيقوا وبادروا بإعادة الحقوق لاصحابها و أولها الأرض التي ظلت تنهب وتستباح. وعندئذ ستكون حتما لعدن الميزانية التي تستحقها.. عندها سنكون نحن من يقرر إيرادات عدن..

إيرادات عدن.. عدن أحق بها.. كاملة.. كامل.. والمركز يمكن أيضا أن يدفع إضافة ويمكن بالحوار والتفاهم أن تخصص نسبة للمركز إذا لم تكفه نسبة من إيرادات ثروة - كما يقولون- سيادية ولكن لا يمكن القبول بهيمنة المركز لا في المال ولا في الإدارة.. التوجه في كل العالم يسير في هذا الاتجاه ولن تختلف محافظات الجنوب عن الآخرين في هذا الكوكب.. التسوية والتفاهم اليوم أفضل من أن تكون غداً.. فالنوايا قد كشفتها الأفعال.. ولم يكن النهب المنظم والسطو الجاري علينا وحده السبب، فميزانية عدن قد أصبحت جزءاً من هذه الأفعال.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى