مع الأيــام..حصة كمثرية

> عبود الشعبي:

>
عبود الشعبي
عبود الشعبي
ما كان لمادر الذي يمص اللبن من ضرع الشاة، أن يتحف الجيران بإبريق حليب أو حتى فنجان، لأنه يكرم بطنه مثل (أشعب)، لذا كان من عادته أن لا يحلب الشاة إلى الطاسة حتى لا يسمع أولاد الجيران فيأتوه! فكيف يصدق إذا قيل أنه جاء بسلة (فلوس) يحملها على ظهره ليكرم البسطاء ويؤسس لمشروعات ما رأت العين مثلها قط! هذا ليس له مكان في كتاب (الجاحظ).

نحن نحب الوطن، لكن لا نحبه أشتاتاً، إننا نراه بعين العدل، وكما أننا نحب البرتقال المأربي فإننا نحب المانجو اللحجي، وكما يروق لنا مشاهدة غيمات جبل نقم، كذا نحب أن نرى الضباب النازل إلى جبل شمسان، لأن الوطن لا يبغي (المفاضلة) .. المطر هو المطر، والأرض كلها مسجد وطهور.. ليست هناك بقع نجسة، إنما محاريب صلاة وثقافة لا يشوبها كدر.

إن المواطن الألماني الذي صفع أحد وزراء الحكومة هناك - روي أنه وزير العمل - لم يرسل إليه طقماً عسكرياً ليلقى حتفه في زنازين الدولة، ولكن تم التحقيق معه مثلما حقق مع الوزير، ولما اتضح أن المواطن عاطل عن العمل منذ سنوات، أعفاه مكتب التحقيق قائلاً لوزير الحكومة: واحدة.. بواحدة!

ولما نزل سكان روضة القلوعة والشيخ إسحاق إلى شوارع المعلا يطالبون بعودة الماء إلى بيوتهم كانت عصيّ الحكومة لهم بالمرصاد، وقد روي أنهم كابدوا فُرقة الماء، وحرموا من تبريد أبدانهم وغسل أثوابهم وأوعيتهم لمدة ثلاثة أيام، بينما الصيف يلتهب من فوق رؤوسهم ومن تحت أرجلهم.

لا ندري أين تذهب هذه المليارات (المفتعلة)، وأما انقطاعات الكهرباء في مدينة ساحلية مثل عدن فهو العذاب الواصب، وليس ينفع سكان المدينة العودة إلى أزمنة الشموع.. يا دكتور عبدالعزيز المقالح، لأن مدينة صنعاء باردة في كل المواسم وأضواء الشموع ستكون لا شك مؤنسة وذات بهاء وتذكرة بماضي الأجداد كما تفضلت .. ومع هذا أنت تتساءل أين تذهب المليارات التي يتم استقطاعها من قوت المواطن! رغم أن أمانة العاصمة ربما حاجتها إلى الضوء فقط.. بينما في عدن لا يستبعد إذا قيل إن مرضى الضغط والسكر قد قضوا بسبب نفوق (النفقات الرأسمالية) التي أحصاها المصدر المسؤول في (كتاب مبين)!

غلطة عدن حسب المصدر الحكومي أنها لم تناضل من أجل تحصيل الإيرادات، بينما لا غبار على إيرادات بقية المحافظات! أليس هذا يبشر بعهد جديد لو صدق المصدر؟.. وأن أحداً من مسؤولي التحصيل في المحافظات الأخرى لا يستحق المحاسبة لأن التوريد (مضبوط) إلا في عدن!.. لتحاكم السلطات إذاً واحداً من الفاسدين في مكاتب التحصيل إن أردنا (العالم) يقيم لتيك المصادر وزناً! بدلاً من قطع أرزاق المستضعفين ومحاصرتهم بينما (الحنش مزرقي) يفقش البيضة ويمصها - كما مادر- حراً يتبختر واثق الخطوة .. يمشي ملكاً.

نحن نحب الوطن.. ونتمنى لكل ربوعه من حوف إلى الجوف أن تنعم بخيرات وكنوز البر والبحر التي تزخر بها أرض اليمن، لكن أن نحسن توزيع الثروة ولا نجعلها (دولة بين الأغنياء منهم)، وربما يذهل (العالم) من موازاة موازنة محافظة بموازنة مؤسسة في محافظة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان، وأما تفصيل ما يسمى (البرنامج الاستثماري) الذي يشبه (السراب) ومثله النفقات الجارية التي تسبق المواطن إلى شقوق وأخاديد! فهذا فضل ما بقي في الضرع من حليب لو (دبشناه) في دبة حقين.. كانت النتيجة (حسواس) بحجم حبة كمثري.

أرقام المصدر مذهلة.. لكن تصوروا: وظيفتان لعدن فحسب!

و (قليل دائم خير من كثير منقطع)!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى