نجوم عدن.. طه فارع

> فضل النقيب:

>
فضل النقيب
فضل النقيب
بوفاة الفنان المرموق المنقوش في الذاكرة كوشم فرعوني على حد تعبير نزار قباني، فقيد الوطن طه محمد فارع انطفأ عمود مضيء من العاطفة المرهفة والخلق الجميل الذي عزّ نظيره لكأنما صاحبه ينوء بحمل جبل من المحبة يوزعها على الناس ابتسامات خلوقة وسجايا كريمة واستعداداً دائماً لتقديم الجمائل بفرح «كأنك تعطيه الذي أنت سائله».. هكذا في الحياة، وأما في الفن الغنائي الذي برع فيه فقد كان أحد النجوم اللامعة التي أطلقتها مدينة الشيخ عثمان الحبيبة من قاعدة محمد مرشد ناجي الفضائية للغناء الأصيل والتي تعدت اليمن بأسره وتجاوزت إلى الجزيرة العربية التي تلقف فنانوها الأغاني اليمنية الرائجة وفي مقدمتها ذلك الأداء الممتع والتوزيع الراقي الذي صاغه الفنان الراحل لأغنية أحمد فضل القمندان: يامنيتي ياسلا خاطري .. ونا حبك ياسلام.

مدينة الشيخ عثمان ابنة «الغوبة» و«مَبْرَك» الجمال الشاهقة الأعناق هي بمثابة «عجـّانة» عملاقة للمواهب القادمة من كل فج عميق من وطننا وهي البستان الأخضر الأجمل في محيط عدن الزرقاء سليلة البحار المتوّجة بالجبال ، وكان طه فارع إحدى الماسات اللامعة في تاجها حيث ولد في الشيخ عثمان في 6 أبريل 1941 وعاش في كنف والده محمد فارع صالح أحد أعيان الشيخ والموظف في سلطة الضواحي وعميد منتدى دغبوس في هذه المدينة التي طالما خاضت المعارك لإثبات وجودها المتوسط ما بين الواحة اللحجية الغنـّاء التي تدفقت بنهر من الغناء من ينابيع الأمير أحمد فضل القمندان الذي توفى بـُعيد ميلاد طه بعام واحد، وبين عدن التي استيقظت عقب الحرب العالمية الثانية لتؤكد جدارتها بالعبء الذي ألقاه عليه الوطن لكي تكون واجهته على الدنيا ومرآة العالم أمام ناظريه، ولتكون أيضاً حارسة على تراثه الغني ومخزونه الحضاري، وقد نهضت حسناء المدن بالمهمة وأدت الأمانة بهمم أبنائها ومواهبهم والذين قدموا إليها واستوطنوها من مختلف أصقاع اليمن ولو أحصاهم مُحْص وأرجعهم إلى جذورهم لرسم خارطة للوطن وارفة الظلال ممتدة الأفنان وسيعة القلب والجنان.

يقول الأستاذ خالد الرويشان، وزير الثقافة والسياحة الذي كان يلتقي طه حين يذهب إلى صنعاء «كان ساحر الصوت والأداء عندما يغني وعذب الحديث فهو لا يـُمل، غزير المعلومات بديع الثقافة ونادر الطباع والأخلاق الكريمة» .

ويقول فناننا الكبير محمد مرشد ناجي أمد الله في عمره وهو الذي اكتشف طه فارع ولحّن له وقدمه إلى الناس «كان طه فناناً متعدد المواهب وخلوقاً محباً للجميع، وقد فقدت الساحة الفنية برحيله أحد فنانيها الكبار، فقد كان رائع الصوت مجيداً لأصول الغناء وعلى قدر كبير من الثقافة التي مكنته من التأليف في مجاله حيث يعد كتابه (تاريخ الأغنية اليمنية الحديثة) من الكتب المرجعية في هذا الميدان». ويضيف المرشدي في حديث ذكريات الزمن الجميل: «كان طه أحد تلاميذي في مدرسة النهضة العربية التي كنت مديرها مع زميله الفنان محمد صالح عزاني وكان الاثنان من الطلبة الأذكياء وقد شجعتهما وتبنيتهما خارج المدرسة حيث بدءا بالعمل معي في الكورس».

الأستاذ نجيب يابلي بأسلوبه الجميل ونهجه التوثيقي قدم في عدد «الأيام» الغراء 4 سبتمبر الحالي إطلالة شاملة على حياة وأعمال طه فارع لمن يريد الاستزادة.

أمام الموت لا نملك سوى حزننا ودموعنا ودعائنا للراحلين ممن نقشوا محبتهم في قلوبنا:

والموت نـُقاد على كفه

جواهر يختار منها الجيلا

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى