أين مجتمع عدن المدني؟

> م. محمد شفيق أمان:

> أقولها باعتزاز وفخر: نحن ساكني عدن ما قبل 1967م نساء ورجالاً، شيوخاً وأطفالاً، مدنيين وعسكريين ولدنا ونشأنا، تربينا وترعرعنا، على مقاييس المدنية البحثة، المدنية بمعانيها البسيطة الراقية والخالية من التعقيد والغوغائية، البعيدة عن كل ما يعكر ويخدش صفو سمائها، حيث كنا جميعاً عرباً وعجماً مسلمين وهندوسا ومسيحين ويهودا، صغاراً وكباراً، فقراء وأغنياء، شرائح المجتمع المدني العدني بأطيافه، نخضع للنظام والقانون السائدين حينها، جميعنا أمامهما سواء، فلا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى، بمدى احترام الفرد وإكباره لهما، ولأن التقوى تعني الخشية والخضوع للتعاليم المنظمة لحياة الإنسان السوية، فقد كان الوافد إلى عدن من مناطق البلاد، خصوصاً القادم من قرى الريف، لا يلبث بعد حين من استقراره فيها أن يقوّم بتلقائية (كأنها الفطرة) اعوجاجات كان يعتقد أنها سوية، لا أقول عادة حمل السلاح بنوعيه الناري والأبيض، لا، فقد كان الوافد يُنزع عنه سلاحه قبل دخوله إليها، أو يعود أدراجه إن هو أبى من حيث أتى، ولكن ما يتعلق بهيئته وطريقة مخاطبته للوسط الذي يعيش فيه، ثم إذا بهيبة النظام والقانون تصنع منه شخصية أخرى حديثة غير تلك التي نشأ عليها.

فأين نحن اليوم من هيبة النظام والقانون وحضورهما؟ من احترام النفس لنفسها قبل احترامها لغيرها؟ من التعامل الراقي مع ما حولنا ومن هم حولنا؟ لقد اضمحل ذلك المجتمع المدني الذي صنعته عدن بأيد شغوفة محبة له، وهو اليوم يخطو بخطى مخيفة نحو المزيد من الاضمحلال، لذلك فإننا ندعو كل القوى الوطنية وما بقي من الشخصيات التي كان لها دور في تأسيسه وبنائه إلى التصدي لأسباب ذلك، والعمل قبل فوات الأوان على إحيائه من جديد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى