الحل أن تدفع الزيادة بنسبة من المرتب مؤقتا ولا للتأجيل أو الإرباك

> محمد عبدالله باشراحيل:

>
محمد عبدالله باشراحيل
محمد عبدالله باشراحيل
كثرت الكتابات والمناقشات حول قانون الوظائف والمرتبات والاجور والاستراتيجية الملازمة له قبل صدوره عندما كانا مشروعين وبعد صدور القانون بتاريخ 18/7/2005م وحده (وبدون الاستراتيجية)، فقد نصت إحدى مواده على ان يعمل به من تاريخ صدوره، ولكن مع الاسف من حينها وحتى الآن لم ينفذ هذا القانون، وظللنا نسمع ونشاهد على شاشات التلفزيون ونقرأ في الصحف تصريحات ومناقشات وتخبطات المسؤولين، مرة عن الاستراتيجية الملغية ومرة عن إصدارهم لتعلميات وقرارات جديدة ومرة عن عقد دورات لشرح اللوائح التنفيذية والاستمارات الملحقة بها، والله وحده يعلم متى ستنتهي الدوائر الرسمية من إتمام ما طلب منها من جهة، ومتى ستستكمل الكشوفات في وزارتي المالية والخدمة المدنية من جهة ثانية، بينما الأمر اختلف عند صدور قانون الضريبة العامة للمبيعات في نفس اليوم (18/7/2005م)، فلقد بوشر بتطبيقه بدءاً من أول يوم وهذا يؤكد لنا صحة المقولة السائدة عن سلطتنا بأنها سلطة جباية وسلطة هات وهات يا مواطن، أما خذ يا موظف حقك الذي منحك إياه القانون، فالمسألة فيها نقاش ونظر وتأن وانتظار واصبروا يا موظفين حتى تستكمل كشوفات المرتبات الجديدة. وشاعرنا الكبير حسين المحضار يقول : «الصبر إذا جاوز حدوده قتل..قل لي اصبر إن رمت قتلي» إلى أن يقول : «يا قاتلي قل لي هل عاد شي في الحبل لفات.. يا ريت يرجع لي زمان ذاك لي فات» وقد قيلت هذه القصيدة في السبعينات من القرن الماضي وفيها اعتبر شاعرنا المحضار أن المسؤول الذي يقول له «اصبر» فهو قاتله لأنه لم يعد يتحمل الوضع الاقتصادي المتردي حينذاك والتاريخ يعيد نفسه ولكن من سيء إلى أسوأ. وموظفو الدولة بوجه عام والمتقاعدون بوجه خاص قد ضاق بهم الحال ونفد صبرهم وملوا الانتظار وتأجيل استلام مرتباتهم ومعاشاتهم الكاملة المستحقة لهم قانوناً، بينما أسعار السلع ترتفع ومبالغ فواتير الكهرباء والماء والهاتف تزداد بين الحين والآخر مع إضافة ضريبة المبيعات الجديدة والتي وعدت السلطة بأنها ستؤدي الى تخفيض الأسعار عند تطبيقها، وما حصل هو العكس حيث زادت الاعباء الضريبية على المواطن الذي يئن من لهيب الاسعار ولسعات حرارتها، ومعروف أن النار لا تحرق إلا رجل واطيها، ومن يده في الماء وغارق في غدق العيش والرفاهية، ليس كمن يده في النار وعائش في عش الفقر والجوع والمعاناة. ولا ندري كم سيطول الانتظار ؟ والى متى سيستمر الحال على ماهو عليه ؟ أليس هناك أمل في بزوغ فجر جديد تظهر معه زيادة في المرتبات ترفع الأذى عن المتقاعدين والموظفين المعوزين؟ ولا يفوتنا هنا أن نذكر أن مشروع استراتيجية الأجور عند عرضه قبل عدة أشهر تضمن ثلاث مراحل حددت فترتها بست سنوات تنتهي باستكمال الهيكل الوظيفي مع توصيف الوظيفة وتحديد المرتبات عام 2010م. فكيف لنا أن نختزل المراحل في شهرين ونستكمل هيكل المرتبات قبل نهاية سبتمبر 2005م، فهل حصلت معجزة اختصرت الزمن؟ إن منطق العقل يقول إن أي عمل يجب أن يأخذ وقته ويعطى الزمن الكافي لإعداده وإنجازه بشكل جيد وصحيح وهذا ينطبق على اللوائح التنفيذية لقانون الوظائف والمرتبات والاجور، حيث من الضروري عقد دورات لتأهيل مدربين يقومون فيما بعد بتدريب مجاميع في مختلف المديريات والمحافظات، يلي ذلك مراحل لاحقة لاستيفاء بيانات الاستمارات العديدة وتفريغها وعرض حالات على اللجان الفنية الواردة بالقانون وما اكثرها، ناهيك عن الاجتماعات التي لا تعد ولا تحصى والمتعلقة بهذا الشأن، كل هذه الامور تحتاج وقتا طويلا وتجعلنا نؤكد أن ما اعلن عنه من أن كشوفات المرتبات بالزيادة سينتهى منها مع نهاية شهر سبتمبر الحالي - بأنه عمل مرتجل وفيه شيء من الغرور وقصر النظر، وإذا ما تم بهذه الطريقة السريعة والمرتجلة، فإننا نتوقع حدوث اخطاء كبيرة وجسيمة في كشوفات بعض المرافق من ناحية، وعدم استلام الزيادات في المرتبات من قبل موظفي المرافق الحكومية الأخرى من ناحية ثانية، الامر الذي سيربك الامور ويعقد المشاكل بدلاً من حلها ويزيد الطين بلة ويساعد في كراهية السلطة ويهدد السلم الاجتماعي وينذر بالفوضى التي بدأت مرة وتم السيطرة عليها، ولكن -إذا لا قدر الله- أوجدت لها المبررات مرة أخرى فليس هناك ضمان للسيطرة عليها حين حدوثها ولنأخذ من تجارب الدول والتاريخ عبره. ولكيلا تتعثر أو تتأخر عملية دفع الزيادة في المرتبات، فإننا نقترح الآتي: أولاً: أن تدفع الزيادة في المرتبات بصورة عاجلة وعلى أساس نسبة من المرتب ويستحسن أن تمنح النسب الأعلى للمتقاعدين وللدرجات المتدنية مع مراعاة الحد الادنى للأجر 20000 ريال شهريا والأخذ في الحسبان سقف الميزانية الإضافية المخصصة لهذا الغرض، وعلى أن يكون هذا الإجراء مؤقتا، ثم تتم عملية تسوية المرتبات عند استكمال كشوفات المرتبات بصورة صحيحة وغير مرتجلة. ثانياً: أن تستمر وزارتا المالية والخدمة المدنية في عقد دوراتهما التدريبية على مستوى مديريات ومحافظات الجمهورية حتى تتمكن من استيفاء بيانات الاستمارات المطلوب تعبئتها من المرافق دون أخطاء، ليصار الى إعداد كشوفات المرتبات في صورته الصحيحة والنهائية تفادياً لأي إرباك أو خلل وأن تأخذ الوزارتان الوقت الكافي لإتمام ذلك ودون حاجة للارتجال والتسرع الذي غالباً لا تحمد عقباه. وختاماً فإنه انطلاقاً من شعورنا بروح المسؤولية الوطنية وحرصنا الشديد على رفع المعاناة عن أخواتنا وإخواننا المتقاعدين وموظفي الدولة، التي طال مداها خاصة وأن الزيادة في المرتبات لم تر النور حتى وقتنا الراهن، بالرغم من افتتاح المدارس التي متطلباتها من ملابس وشنط وقرطاسية ورسوم تمثل كاهلاً كبيراً وعبئاً ثقيلاً على أرباب الأسر، كذلك فإن شهر رمضان المبارك على مشارف الأبواب وله في مجتمعنا مقام وشأن عظيم ومصاريف إضافية، وفوق كل ذلك تأتي أعياد الفطر بعده ولها متطلباتها الضرورية الكبيرة، بالإضافة إلى ارتفاع الأسعار . أليس لهذه الأمور أي اعتبار عندكم يا أصحاب القرار؟ وعليه فإننا نناشد المسؤولين في وزارتي المالية والخدمة المدنية بصوتنا العالي: كفاية كفاية وألف كفاية من إحداث إرباك أو تأجيل زيادة المرتبات لسبب أو لآخر، فالوضع أصبح لا يحتمل وصبر الناس نفد، والديون والهموم زادت، والحال ضاق، وشهر رمضان المبارك قادم بعد أيام إلينا فأهلا وسهلا بك يا رمضان يا شهر الخير والغفران ونأمل فيك أن تزول عنا الهموم والأحزان والديون وقهر الرجال، والحديث الشريف يقول «اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن وأعوذ بك من العجز والكسل وأعوذ بك من الجبن والبخل وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال» . قولوا آمين.

كبير خبراء ورئيس قسم الإحصاءات الاقتصادية بالأسكوا الأمم المتحدة «سابقاً»

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى