اليمن والكويت..علاقات متميزة على الدوام

> د. هشام محسن السقاف:

>
د. هشام محسن السقاف
د. هشام محسن السقاف
اليمن - الكويت اسمان يتجاوزان دلالة اللفظ والتسمية وحتى ثنائيات العلاقة الأخوية والدبلوماسية إلى ما هو أكبر وأعمق في وجدان الشعبين من وشائج لم تستقم أبدا إلا بعراها الحقيقية التي يتماهى فيها الشعبي بالرسمي بتزكية الحقائق التاريخية التي جمعت بين الطرفين في فترات مبكرة، حين كانت الموانئ اليمنية وبخاصة ميناء عدن تستقبل السفن الكويتية التي تمخر عباب المياه الدافئة في الخليج للوصول إلى حاضرة البلدان (عدن) على بحر العرب محملة (هذه السفن) بالتمور وغيرها من خيرات الخليج لتأخذ من عدن حاجياتها العصرية الأساسية سواء للكويت أو البصرة أو لأجزاء من نجد.

ومع هذه الرحلات المكوكية تزاجت في الغدو والإياب العلاقات الأسرية وانتقلت الخصائص الثقافية من هنا إلى هناك والعكس، حتى أن أحد روافد النهضة الغنائية الجديدة في لحج كما تبدت جلية واضحة في ابداعات القمندان (أحمد فضل بن علي العبدلي) كانت الإيقاعات الكويتية التي انتقلت مع السفن التجارية الكويتية، حيث لا تخلو سفينة من بعض الأدوات الموسيقية وخاصة الإيقاعات التي يحملها البحارة للتسرية عن أنفسهم في الرحلة البحرية الطويلة، ثم تمتد آصرة الأخوة إلى مشاركة هؤلاء في بعض الزيجات التي يدعون إليها في عدن ولحج، وأكاد أجزم أن حضرموت كانت على هذه الوتيرة نفسها من التواشج الفني بين الطرفين.

أما تأثيرات الفن اليمني بتنوعاته المختلفة في الغناء والألحان الكويتية والخليجية إجمالا فهو أكثر دلالة من التدليل نفسه لسريانه في بحر الغناء الخليجي ماضيا وحاضرا.

ولعل ما لفت انتباهي مؤخرا أن قنوات العلاقات البرلمانية والأدبية والصحفية بين اليمن والكويت قد جرت فيها مياه دافئة تبعث على التفاؤل بعودة العلاقات اليمنية - الكويتية إلى سابق عهدها، وبما يحفظ لهذه العلاقات ثراءها التاريخي المشهود، متجاوزين أية نتواءات قد تبرز أحيانا بين الإخوة الأشقاء. كان في صنعاء وفد برلماني كويتي بينما شاركت فعاليات أدبية كويتية في معرض صنعاء للكتاب، في وقت كان فيه الأخ الأستاذ هشام محمد علي باشراحيل يقوم بزيارة ودية لدولة الكويت بدعوة من وزارة الإعلام الكويتية حظي فيها الأخ رئيس تحرير «الأيام» بحفاوة معهودة من الشعب الكويتي والمسؤولين وبلقاءات على مستوى عال مع مسؤولين حكوميين وشخصيات إعلامية وثقافية واجتماعية بارزة. كل هذه مؤشرات على أن ما يجمع الشعبين والبلدين أكبر من أي فتور طارئ في بعض جوانب العلاقات الرسمية، ومؤشر أيضا على أن رصيد العلاقة المتميزة شعبيا ورسميا لا بد وأن يتضاعف باستمرار لصالح الطرفين، فليس هناك بديل عن تعزيز العلاقات وتطورها باستمرار والعبور على أية عراقيل آنية هي في الأساس نتوءات دخيلة لا تحمل بصمات أي من الطرفين، والالتفات إلى إرث العلاقات المتأصلة بمشاعر الود المتبادل بين الشعبين الشقيقين.

لقد مدت دولة الكويت يد العون الأخوي النزيه لشعبنا اليمني في الشمال والجنوب في فترات مبكرة بعد الثورة، من خلال المساعدات التي ذهبت لتلبية احتياجات شعبنا في مجالات الصحة والتعليم والأوقاف والشرطة والتعليم الجامعي. وسيظل المرء يتذكر بعرفان ما قدمه الكويت عبر الهيئة العامة للخليج والجزيرة العربية من دعم سخي بعيدا عن الدعاية والترويج، بل اكتفت الهيئة بوضع لوحة صغيرة على جدار كل مشروع من مشروعاتها المقدمة لليمن كتب عليها (هدية من شعب الكويت إلى الشعب اليمني الشقيق) هذه اللوحة تكاد لا تراها العين، وقد احتفظت بعض هذه المشاريع بتسمياتها مثل مستشفى الكويت في صنعاء وبعض المدارس والمساجد، ولكن تسمية بعض المدارس والمستشفيات قد تغيرت للاسف الشديد في بعض المحافظات الجنوبية والشرقية بعد حرب 1994م بعد أن التصقت هذه المرافق بتسمياتها التي تشير إلى الكويت، وهو ما يتطلب من المسؤولين في هذه المناطق إعادة التسمية التي التصقت في أذهان المواطنين لهذه المرافق، كنوع من رد الاعتبار ولتعزيز مجرى العلاقات التي تتنامى بين الشعبين والبلدين الصديقين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى