استدراك مداخلة حول موازنة محافظة عدن

> محمد عبدالله باشراحيل:

>
محمد عبدالله باشراحيل
محمد عبدالله باشراحيل
المداخلة المقدمة في ندوة منتدى «الأيام» المنعقدة يوم 14/9/2005م بهذا الخصوص، والتي لم تنشر في وقتها لأسباب فنية في التسجيل، تتناول هذه المداخلة المتواضعة والمختصرة ثلاثة محاور وهي كالآتي:

المحور الأول: اعتبارات خاصة بعدن
تتميز عدن المدينة والمحافظة عن غيرها من المدن والمحافظات في أمور لها استحقاقات مالية ومعنوية من الضروري عكسها في الموازنة السنوية وتتمثل في:

أ- كانت عدن ثاني ميناء في العالم في منتصف القرن الماضي من حيث عدد البواخر المارة بمينائها، وتأتي قبل ميناء نيويورك وبعد ميناء امستردام حينذاك.

ب- عاصمة اتحاد الجنوب العربي الذي كان يضم مستعمرة عدن والمحميات الغربية.

ج- عاصمة جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية بعد الاستقلال 30/11/1967م والتي تحول اسمها فيما بعد إلى جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، وضمت بعد الاستقلال اتحاد الجنوب العربي وحضرموت والمهرة.

د- موقعها وتاريخها في التجارة الدولية.

هـ- منذ الوحدة 22/5/1990م أصحبت العاصمة التجارية والاقتصادية في الجمهورية اليمنية، كل هذه الاعتبارات يجب أن يكون لها وزنٌ وثقلٌ اقتصادي وسياسي، يفترض أن ينعكس مالياً لصالح موازنة محافظة عدن ومن الضروري أن يلعب من يهمهم أمر محافظة عدن الدور المطلوب منهم تجاه محافظتهم في الإلحاح والضغط كل من موقعه وضمن تنسيق تكتل مشروع، لتمكين المحافظة من حصولها على الموازنة اللائقة بها، وذلك بدءاً من المحافظ والدوائر والمكاتب التابعة له أو الأعضاء - من أبنائها - في مجلس النواب وفي مجلس الوزراء وفي الحزب الحاكم، أو في المجالس المحلية.

المحور الثاني: السكان
لن أخوض هنا في قضايا تتعلق بالفئات العمرية للسكان ومتطلباتها ولا بالخصائص السكانية، ولكن سأكتفي بالرقم المطلق لعدد السكان لمحافظة عدن، لما له من تبعات تتعلق بموازنة المحافظة وتمثيلها النيابي أو البرلماني. لقد أظهرت النتائج الأولية لتعداد السكان لعام 2004م أن عدد سكان محافظة عدن 590413 نسمة في 16/12/2004م وفوجئ الكثير من المهتمين بالشأن الإحصائي والسكاني من هذا الرقم، إذ جاء أقل بكثير من التوقعات التي اعتمدت على عوامل عدة والتي أهمها:

1- معدل نمو السكان لمحافظة عدن المبني على تعدادين سابقين. ب) الهجرة الداخلية حيث الوافدين إلى عدن من محافظات أخرى أكثر من المنتقلين منها.

وقد قام الجهاز المركزي للإحصاء- فرع محافظة عدن - بنشر تقديرات لسكان المحافظة في كتاب الإحصاء السنوي لعام 2004م الذي شمل تقديرات حتى عام 2003م، حيث كان عدد سكان المحافظة 754021 نسمة ونحن نرجح صحة ذلك التقدير والأسلوب الذي اتبعه، وبناء عليه فإن تقدير عدد سكان محافظة عدن يوم 16/12/2004م سيكون 786066 نسمة والفارق بين هذا التقدير ورقم التعداد يقارب 196000 نسمة وهو فارق كبير له انعكاسات - في حالة إهماله - على تقليص التمثيل البرلماني الحقيقي وعلى انخفاض الموازنة المطلوبة للخدمات بوجه عام والتعليم والصحة بوجه خاص. ومما تجدرالإشارة إليه أن التعداد الفعلي يعني باختصار عدد السكان في لحظة معينة من يوم معين (الإسناد الزمني) وفي اعتقادنا أن السبب الرئيسي في انخفاض عدد سكان المحافظة يوم التعداد جاء نتيجة نص في التعليمات الواردة بوثائق التعداد يقول «يتم تنفيذ التعداد العام 2004م في الجمهورية اليمنية وفقاً لأسلوب العد الفعلي، وبموجب هذا الأسلوب فإن كل فرد سيسجل في المكان الذي أمضى فيه فعلياً منتصف ليلة الإسناد الزمني 16-17/12/2004م مع الأخذ في الاعتبار أنه سيتم عد بعض الفئات من الأفراد المتغيبين عن أسرهم منتصف ليلة الإسناد الزمني ضمن أسرهم حتى ولو كانوا متغيبين عنها منتصف ليلة الإسناد الزمني للتعداد.

وعليه فإن هناك مجاميع كبيرة لم يتم عدها اعتماداً على هذا التوجيه المركزي، مع أن هذه المجاميع المتواجدة في عدن وهم مواطنون من محافظات أخرى لهم الحق في التعليم والصحة واستهلاك الكهرباء والمياه والاستفادة من الخدمات الأخرى في محافظة عدن، وكل هذه الأمور لها استحقاقات مالية يجب أن تضاف إلى موازنة محافظة عدن.. فكيف لا يشملهم العد ضمن المحافظة ويشملون في المحافظات الأخرى التي أسرهم فيها؟ هنا يكمن الخطأ والغبن وعلى حساب موازنة محافظة عدن وعلى حساب التمثيل البرلماني لها، كما نؤكد هنا أيضاً أن رقم السكان المنشور في نتائج تعداد 2004م لا يعكس الحقيقة وأقل بكثير من الواقع المعاش لمحافظة عدن.

من المعروف أنه بعد الانتهاء مباشرة من تعداد السكان، يجرى مسح تقييمي يطلق عليه «المسح البعدي» يتم من خلاله التأكد من التغطية والتعرف على مكامن القصور في التعداد، ومن المؤسف جداً أن يعلن رسمياً إلغاء هذا المسح الهام بالرغم من رصد ميزانية خاصة به، فلماذا لم يجر هذا المسح البعدي؟

الله يعلم بالخفايا والنوايا!

المحور الثالث: الإيرادات والنفقات في الموازنة
1- من البديهيات أنه عند إعداد الموازنة السنوية للمحافظة يجب مراعاة عنصرين على الأقل هما الزيادة السكانية وزيادة الأسعار، الأمر الذي يقودنا إلى أن الموازنة يفترض أن تزداد عاما بعد عام، وما حصل لموازنة محافظة عدن في السنوات الأخيرة أنها كانت تنخفض عاما بعد عام، فيلاحظ أنه في عام 2003م بلغت 13.7 مليار ريال، بينما في عام 2004م رصد لها 11.7 مليار ريال وخفضت إلى 11.2 مليار المخصص لعام 2006م.

2- إذا أخذنا إجمالي الإيرادات الحكومية نجد أنها في عام 2003 قد بلغت 688 مليار ريال منها 480 مليار ريال إيرادات نفطية وتمثل 70%، ومساهمة محافظة عدن 38 مليار ريال وتعادل 5.5% من الإجمالي، أما اذا استثنينا النفط فإن نسبة إيراداتها تصل إلى 18.3%. والجدير بالإشارة هنا أن نسبة الإيرادات النفطية من إجمالي الإيرادات الحكومية - مع ارتفاع أسعار النفط - تقدر بحوالي 86% لعام 2005م. أما إذا قارنا إيراد محافظة عدن من الرسوم الجمركية 14.7 مليار ريال مع إجمالي الرسوم الجمركية للدولة 42 مليار ريال نجدها تمثل 35%.

3- بلغ إجمالي النفقات العامة للجمهورية 777 مليار ريال عام 2003م كان منها 13.7 مليار ريال لمحافظة عدن 1.8%، أما النفقات الجارية الإجمالية لمحافظة عدن فقد بلغت 11.2 مليار ريال. وما يلفت النظر والاستغراب هو أن بند البدلات قد خصص له حوالي 3400 مليون ريال. ويدفع معظمه كعلاوات للموظفين الوافدين من محافظات أخرى إلى محافظة عدن، وإذا ما قورن هذا البند مع بنود أخرى هامة، فإننا لا نستغرب فحسب، بل ونذهل، فمثلاً خصص لبند الأجور الأساسية للمحافظة بأكملها مبلغ 3330 مليون ريال وهو أقل من المبلغ المخصص للبدلات وحدها، وماخصص للتعليم في المحافظة 3700 مليون ريال، أما البند المخصص للصحة فبلغ 2010 مليون ريال فقط وهو أقل من بند البدلات بمبلغ 1320 مليون ريال، في حين لا يخفى على أحد أن عدن تقدم خدمات طبية لا يستهان بها لأبناء المحافظات المجاورة من جهة، وأن المفارقات فيما هو مخصص لمستشفى الثورة بصنعاء وحده يصل إلى 3000 مليون ريال، من جهة ثانية أيعقل هذا التوزيع على مستوى المحافظات وعلى مستوى موازنة محافظة عدن؟

وعليه فإننا إضافة إلى ما أوردنا أعلاه نقترح الآتي:

أولاً: يعاد النظر في توزيع موازنة محافظة عدن بحيث تراعى فيها الأولويات والاحتياجات التي تلعب المجالس المحلية دوراً كبيراً في تحديدها بحكم الصلاحيات المخولة لها قانوناً.

ثانياً: يستفاد من بند البدلات المتاح حالياً على أن يعاد توزيعه بالشكل التالي:

أ- تخصيص 600 مليون ريال لإتاحة فرص عمل جديدة متوقع أن تزيد عن 1200 فرصة لتساعد في الحد من البطالة المتفشية في محافظة عدن.

ب- تخصيص 800 مليون ريال لتحسين الوضع المتردي في الصحة والتعليم في المحافظة.

ج- الاكتفاء بتخصيص حوالي 2000 مليون ريال المتبقية للبدلات، مع العمل ما أمكن على تخفيضها عن طريق توظيف أبناء محافظة عدن- التي تتوفر فيها غالباً كل التخصصات المطلوبة - بدلاً من إيفاد موظفين من محافظات أخرى تمنح لهم بدلات على حساب موازنة المحافظة، والاستفادة من الفارق المحقق لصالح حل مشاكل أخرى تواجهها محافظة عدن.

هذا ما أردت طرحه بإيجاز وشكراً.

كبير خبراء ورئيس قسم الإحصاءات الاقتصادية بالأسكوا- الأمم المتحدة(سابقاً)

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى