مع الأيــام..فاقد الشيء لا يعطيه

> صالح علي السباعي:

>
صالح علي السباعي
صالح علي السباعي
عندما تتردى الأحوال العامة يتم تغيير الحكومة وتأتي حكومة جديدة ترفع شعار الإصلاح وتنادي بأن يلتف الناس من حولها لإصلاح ما أفسده الدهر وعجز عن إصلاحه العطارون السابقون، الذين رفعوا الشعارات نفسها عند توليهم مهامهم في السابق، ثم أكلوا الأخضر واليابس حيث وجدوا أن الإصلاح صعب في ظل وجود القيادات الوسطى المتربعة في أماكنها ومراكزها منذ عشرات السنين، واقتنعوا بأن المواجهة مع هذه القيادات الوسطى المسيطرة على المؤسسات صعبة وغير مجدية.

وفي الوقت الذي كان الناس يتوقعون من الحكومة بعد تشكيلها أن تشن هجوما كاسحا على مرمى هؤلاء وإخراجهم من «الدوري» .. كانت الحكومة ترى غير ذلك، وهو أن أفضل الطرق للدفاع ليس الهجوم وإنما التعايش مع الواقع، والتعادل في المباراة أفضل من الفوز أحيانا، لأن ذلك لن يغضب الفريق الآخر وسيجلب الفائدة للحكومة والاستفادة من خبرات هؤلاء المتمترسين في خاصرة الدولة، وبدلاً من رفع شعار الإصلاح يتم رفع شعار لا ضرر ولا ضرار والكل يستفيد.

وفي ظل هذه الأحوال تنتعش أمراض خبيثة في المجتمع بفعل مراكز القوى والمادة والواسطة والغش وشراء الذمم، وتكون النتيجة أن المجتمع يسير في طريق منحدر ويستمر في انحداره إلى ما لا نهاية.

وتتعجب أحيانا عندما تسمع بعض المسئولين يتحدثون عن الإصلاح المالي والإداري، وأن أشياء عظيمة قد تحققت في هذا المجال، بينما القيادات التي كانت سبب التردي هي نفسها تنتقل من مؤسسة إلى أخرى وتمارس الأساليب نفسها وساهمت بشكل أو بآخر في كل ما حصل، وهم السبب في التردي والغلاء والفقر والبطالة.

وقد يقول قائل إن هذا كلام عام دون دليل .. فهل يريد هؤلاء دليلا أكثر من الواقع المعيش؟ وليذهب من لديه شك ويسأل عن الشركات التي تؤسس والقصور والفلل التي تبنى، سيجد أن أكثرها لموظفين عموميين رواتبهم محدودة وخلفياتهم فقر مدقع، ربما المحظوظ من هؤلاء ورث «عشة» أو «خرابة» وبضع نعاج. وبعد ذلك يأتي من يقول هؤلاء هم الإصلاحيون!!

إن عملية الإصلاح تحتاج إلى قناعة بأهداف الإصلاح لتطور وتنمية المجتمع وأن يكون لدى أصحاب القرار الرغبة والقدرة على مواجهة الانحراف في المجال المالي والإداري، والتخلي عن أسلوب التوازن السياسي والاجتماعي، وتقديم ذوي الكفاءة والخبرة وبذلك سيتحقق الإصلاح، أما إذا استمر الحال على المسكنات والتوازنات فإن الصعوبات حتماً ستزداد وسنظل نحرث في البحر ونبني قصوراً في الهواء.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى