مع الأيــام..كلمة عن النفط والهيمنة

> محمد عبدالله باشراحيل:

>
محمد عبدالله باشراحيل
محمد عبدالله باشراحيل
أكدت الدراسات الصادرة حديثاً عن عدد من المراكز المهتمة بشؤون الطاقة في الولايات المتحدة الأمريكية أن الطاقة الشمسية أو النووية أو الهوائية وغيرها من الطاقات البديلة المتوقع منافستها للنفط ما زالت تكلفتها عالية جداً من الناحية التجارية والاقتصادية، وأنه لا يمكن الاستغناء عن الطاقة النفطية عالمياً خلال النصف الأول من القرن الحالي على أقل تقدير. وعليه يرى بعض الساسة أن الولايات المتحدة أصبح لديها قناعة تامة بأن النفط لا يعتبر أداة ضغط ومصدر قوة فحسب، بل أحد مفاصل الهيمنة التي يجب أن تسيطر عليها وتضعها تحت يدها، إلى جانب المفصلين الأساسيين والمتمثلين في القوتين الاقتصادية والعسكرية اللتين تمتلكهما، ويرى هؤلاء الساسة أن الحرب على العراق لم تأت من فراغ بل في إطار فلسفة الهيمنة الأمريكية على العالم، والتي كان العائق الأساسي أمامها في المنطقة - بعد انتهاء الحرب الباردة- الفكر الإسلامي والفكر القومي، وأن أحداث 11 سبتمبر 2001م استخدمت كجسر لها للعبور إلى أفغانستان، ثم إلى العراق تحت مبرر القضاء على الإرهاب وإرساء الديقراطية ونشر مبادئ حقوق الانسان وغيرها، بينما هدفها الأساسي هو السيطرة على النفط الذي يمثل المفصل الثالث للهيمنة على العالم.

ومن المعروف أن الدولتين تقعان في منطقتين من اغنى المناطق النفطية عالمياً، فأفغانستان تشرف على بحر قزوين الذي يحتوي على مخزون نفطي هائل والعراق إضافة إلى ما يملكه من مخزون كبير من النفط، فهو جار لدول الخليج وإيران التي لديها جميعاً احتياطي نفطي كبير للغاية، وعليه فقد جاء التواجد العسكري الامريكي هنا وهناك ليحكم السيطرة على مفصل النفط، والذي يعتبر في عصرنا العمود الفقري للحياة الاقتصادية في مختلف دول العالم، ومن هذا المنطلق، وعلى سبيل المثال، لوحظت التطورات المتسارعة والمستمرة التي تشهدها الصين في النشاط الاقتصادي والمتمثلة أساسها في :

أ) معدلات النمو الاقتصادية العالية السنوية والتي بلغت أكثر من 12% عام 2004م ويتوقع الخبراء الاقتصاديون أنه إذا استمر الحال على هذا النمط، فإن الصين ستحتل موقعاً متقدماً جداً في الاقتصاد العالمي يجب أن يحسب له ألف حساب، خاصة وأنها أيضا تمتلك قوة عسكرية ونووية لا يستهان بها.

ب) زيادة الاستثمارات الأجنبية فيها بشكل كبير وعلى حساب انخفاضها في الولايات المتحدة الامريكية.

وقد أشارت إحدى الدراسات أن المستهلك الامريكي يمكن أن يتحمل أسعار المنتجات النفطية حتى إذا وصل سعر برميل النفط الخام 100 دولار، ومن تبعات ذلك أنه سيكون له تأثيرات سلبية كبيرة على اقتصاد الصين بدرجة أساسية وعلى اقتصاديات أخرى كالهند بدرجة ثانية، الأمر الذي يؤكد حسب هذه الدراسة أن النفط يمكن استخدامه كأداة ضغط والتأكيد على أنه أحد مفاصل الهيمنة في العالم. وعليه وبالمنطق الامريكي من الضروري السيطرة على النفط إنتاجاً وتسويقاً ليتم التحكم فيه عالمياً.

هذا ما نشاهده في السيناريو الأمريكي الذي بدأ تنفيذه على الساحة العالمية بوجه عام وعلى المنطقة بوجه خاص. والأسئلة المطروحة كثيرة منها، هل سينجح المخطط الأمريكي؟ وما هو دور وموقف الكبار وخاصة الاتحاد الأوروبي واليابان من هذا السيناريو؟ وهل يخدم مصالحها أم يتعارض معها؟ وهل صحيح أن أسعار النفط ستكبح جماح المارد الصيني القادم؟

والإجابات على هذه الأسئلة وغيرها متروكة للزمن، فصراع المصالح وتشابكاتها قائم وحتمي، والمستقبل يحمل معه مفاجآت وتغيرات ترتبط نتائجها بنجاح هذا المخطط أو فشله أو تعديله.

وما يمكن أن يشار إليه هنا هو أن الزيادة في أسعار النفط ستتضرر منها الدول النامية غير المنتجة للنفط، بينما ستستفيد منها الدول المنتجة له، ومنها الجمهورية اليمنية التي كانت نسبة إيرادات النفط إلى إجمالي إيرادات الدولة فيها 70% عام 2003م وستزيد النسبة نفسها حسب المتوقع إلى 86% عام 2005م، ومصائب قوم عند قوم فوائد. ورمضان كريم.

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى