مع القرآن

> «الأيام» علي بن عبدالله الضمبري

> يقول الله - تقدست صفاته، وعظمت كلماته - في الآية 21 من سورة الحشر {لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدّعاً من خشية الله}.. وفي هذا الآية بيان جلي لتوضيح قدرة الله على إحداث الحياة والإحساس في الجبل، وجعله متأثراً بمواعظ القرآن وهديه، ورغم أن هذا المعنى ممتنع عقلاً وعادة، إذ أن الجبل لم يُعرف عنه التأثر والخشوع، ولا يمكن تصور خشوعه وتأثره وفق المقاييس المادية البشرية، ومع ذلك فقد استحسن هذا التعبير البليغ لأن (لو) أدخلته في باب الفرض، وهذه الأداة (لو) يقول عنها النحاة إنها حرف امتناع لامتناع.. والغرض من ذلك بيان عظمة القرآن وأن له من قوة التأثير ما لو نزل على جبل لخشع ولان على قساوته وشدته وصلابته أو تصدع وتهاوى خوفاً من الله، إذن فما للإنسان الذي تؤلمُهُ البقـّة، وتقتله الشرْقة، وتـُنتـِنهُ العرقة - كما قال الإمام علي - ما بال هذا الإنسان الضعيف {يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يُصرّ مستكبراً كأن لم يسمعها} (الجاثية 8)!؟ فهل قلبه أقسى من الجبل؟! على حد تعبير الشيخ محمد جواد مغنية في كتابه (التفسير الكاشف).

وفي هذه الآية أيضاً دعوة مفتوحة لكل مسلم ومسلمة للتعامل مع القرآن بالأدب الجم، والتسليم المطلق، والإيمان الكامل عندما تتلى آياته المقدسة، وأن علينا أن نستقبل عطاءاته بكامل كياننا الإنساني، وأن نفتح له القلوب بعد أن نكسر الأقفال التي أغلقتها، وهذه الأقفال هي المعاصي والآثام والذنوب، وأن نستجيب لهذا القرآن الذي أنزله الله {لينذر من كان حياً}يس 70. ومن أجل هذه الحياة السعيدة المجيدة نادانا ربنا سبحانه، فقال لنا: {يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم}(الأنفال 24). يقول الدكتور شلتاغ عبود، الأستاذ في جامعة سبها الليبية، في كتابه القيم (الإعجاز القرآني: أسلوباً ومضموناً) صفحة 25 معلقاً ومتأملاً: «فنحن مأخوذون من كل أقطارنا بهذا الذي يحيينا من دعوة الله ورسوله.. كيف يحيينا؟ وقل: ماذا يحيي منا؟ وهل هي حياتنا المادية أم هي في حياة الروح وحياة الغلبة والنصر والسيادة؟ ثم أما في هذا دلالة على حياتنا الثانية؟(لما يحييكم) وأية دعوة لله ورسوله لم تكن فيها حياة؟ وهل يدعون أو ينذرون إلا من كان حياً».

اللهم احينا بالتوحيد والإيمان، واجعلنا من أهل القرآن واعصمنا من الضلالة والبهتان، وزين أخلاقنا بالإحسان، واحشرنا إلى أعلى فراديس الجنان .. آمين..

وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى