على هامش ندوة العلاقات اليمنية - المصرية حالة الاستعصاء والعلاج

> د. هشام محسن السقاف:

>
د. هشام محسن السقاف
د. هشام محسن السقاف
انتهت قبل أيام ندوة العلاقات اليمنية- المصرية في دورتها الثانية عشرة، وقد احتضنت مدينة عدن الباسلة هذه الدورة التي تأتي ضمن أنشطة دؤوبة يقوم بها مجلس السلم والتضامن، الذي يترأسه الدكتور حسن مكي ويقابله في الجانب المصري الأستاذ أحمد حمروش، وهما شخصيتان تقترب من التاريخية للأدوار التي تكفل كلاهما بها على المستويين الوطني والقومي، ويحاولان - كما أعتقد- مساعدة صانع القرار السياسي في البلدين استثمار تاريخية العلاقة بين مصر واليمن، والخروج بها إلى أفق آخر يواكب هذه التاريخية ويعمقها لصالح البلدين اللذين امتزجت أواصر العلاقة بينهما بآصرة الدم الذي تفجر دفاعاً عن الثورة مصرياً في ربوع اليمن لتبقى الجمهورية، وبالتالي تبقى العلاقات الأخوية قوة وزخماً أو وهناً وضعفاً حسب الأوضاع السائدة التي أعقبت خروج القوات المصرية من اليمن نتاج نكسة حزيران المشؤومة عام 1967م.

ولعلنا في مقام يتيح لنا إعادة القراءة لمثل هكذا ندوات بدأت بمقاصد خيرة بلا شك قبل عقود من الآن، ولكنها كررت رؤى كلاسيكية فيها كثير من المجايلة والمسايرة لحال العلاقات العربية- العربية التي لم تعد بحاجة للبحث في أضابير الاتفاقيات والبروتوكولات التي يبرمها الجانبان في لحظات ودّ، وتظل رهناً بحالة الود هذه، حتى إذا ما تعكر الوجه السياسي بين الطرفين تكدست ملفات العلاقة الثنائية حتى إشعار آخر. ولذلك نقدر لبيت العرب (الجامعة العربية) بقائها على مدى السنين المنقضية -رغم هشاشة بناء هذا البيت - لأنه يعبر عن حالة سكان البيت - الدول العربية- فرادى أو مجتمعين على صيغة معينة كمجلس التعاون الخليجي والمجلس المغاربي، وعليه ينبغي الذهاب إلى إصلاح الدولة العربية -ركيزة الجامعة- إصلاحاً حقيقياً يعيد الاعتبار للدولة القـُطرية العربية، التي من حقها بعد ذلك البحث عن مصالح اقتصادية متبادلة مع شقيقاتها في المحيط العربي، بدلاً من إضاعة الوقت في تأكيد المؤكد من وشائج العروبة كالأرض واللغة والثقافة، والتي لم تتجاوز فرقعات ديماغوجية في الخطاب السياسي المرفوع من قبل هذ الطرف العربي أو ذاك، للمزايدة على الآخرين دون أن نتقدم خطوات حقيقية على طريق الوحدة العربية، بينما مضى قطار الأوروبيين سريعاً ليوحد كيانات متعددة تختلف لغة وديناً وقومية عن بعضها البعض، بفضل تغليب المصالح الاقتصادية مرعية بنظم سياسية ديمقراطية شرعية تحترم إرادة مواطنيها. وقد تستطيع منظمات المجتمع المدني العربية خدمة بلدانها بالاعتماد على بدائل تتجاوز حالة الشعار إلى ما هو أعمق، وبما يؤصل حالة الوعي الجمعي بالدخول إلى العصر عبر منظومة متكاملة من الإصلاحات الديمقراطية في بنيان الدولة القـُطرية العربية التي استهلكها الوقت ولم تعد شرعيتها الثورية -كما لم تكن في الماضي- سوى تعطيل للقدرات الجماعية للأمة العربية بما سمح بتأخرها في سلم التطور الدولي، بسبب توجسها الداخلي من مواطنيها، وقمعها للتطلعات الديمقراطية التي هي أول المعطيات الصحيحة للالتحاق بركب التطور العالمي.

إن إصلاح مفردات التكوين العربي -الدولة القـُطرية- إصلاحاً ديمقراطياً حقيقياً كفيل بوضعنا في الطريق الصحيح للتقارب والتماثل المصلحي والمنفعي المتبادل بدلاً من استجرار مكونات تاريخية لن يختلف عليها أحد، لكنها في حالة الافتقار إلى الديمقراطية لن تغدو أكثر من شعارات للمزايدة والكيد بين الأطراف العربية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى