كارثة الكهرباء

> محمد علي محسن:

>
محمد علي محسن
محمد علي محسن
لو أن هذه الانطفاءات اليومية للكهرباء في بلد آخر غير اليمن لقامت الدنيا له ولم تقعد سوى بإصلاح ومعالجة هذا العيب أو الخلل الطارئ المسيء لدولة تحسب نفسها على الألفية الثالثة، أما أن نقول بأزمة طاقة ناتجة عن المصدر ووصل مقدار العجز لأكثر من 40 ميجاوات في الذروة، فأقل تقدير سيطيح برؤوس عدة من المسؤولين في وزارة الكهرباء إذا لم تقدم للمساءلة والمحاسبة، إلى جانب سقوط أكبر حكومة أو حزب تحت ضغط الحاجة المتفاقمة لتيار الكهرباء وفي مجتمع يحتفي بأعياد ثورته المجيدة في ظلمة الانطفاء.

بلد لا يملك من الطاقة مقدار ما هو مستهلك في حديقة ألعاب أطفال أو حيوانات، ومع ذلك لا (نختشي) من دعوة للاستثمار في الصناعة والسياحة أو المنطقة الحرة صيفاً وشتاء، وبلد كل مصدره من الكهرباء لا يزيد عن 500 ميجاوات فقط ومع هذه الطاقة المحدودة التي لا تضاهي مدينة استثمارية في دبي أو مدينة مثل الكويت راحت أجهزة الإعلام تشبعنا خطباً وكلاماً عن إقامة محطة توليد إسعافية هنا وأخرى هناك وبسعة للواحدة لا تتجاوز بضعة ميجاوات، بينما المعالجة المأمولة علنياً انتظارها حتى عام 2007م بإنجاز محطة مأرب بسعة 1700 كاملة إجمالي الطاقة الموجودة في البلاد وقت افتتاح المحطة، ودون النظر لمقدار الزيادة السكانية والطلب المتزايد الذي يفوق أضعاف ما هو مخطط ومنتظر.

بصراحة الكهرباء في بلادنا تعد فضيحة وكارثة والقول إن الحكومات المتتالية أنفقت 400 مليون ريال على الصيانة المستمرة للكهرباء خلال العشر السنوات الماضية ليس إنجازا يعتد به اليوم أمام المعاناة المستديمة، كما أن الحديث عن تخصيص الحكومة 17 ملياراً و490 مليونا و637 ألف ريال كقيمة مولدات كهربائية أو أعمال، إضافة لـ 7 مليارات و134 مليوناً و751 ألفا كمساهمة حكومية في تمويل مشروع المحطة الغازية بمأرب يعد هذا الرقم المعتمد في الموازنة الإضافية البالغة 451 ملياراً مبلغاً زهيداً لا يرتقي للحد الادنى من حجم المشكلة أو المعضلة الرئيسية في البلد، خاصة إذا ما نظرنا لحجم المرصود للنفقات الجارية 312 ملياراً والنفقات الاستثمارية والرأسمالية 112 ملياراً أو36 مليارا و647 مليونا و486 ريالا لشراء واستيراد قاطرات نقل للقوات المسلحة أو 4 مليار لمواجهة التزامات طارئة محتملة متوقع صرفها لدائرة الأشغال أو 25 مليارا و719 مليونا كنفقات غير موزعة وغيرها وغيرها من البنود المالية الموزعة على مصروفات ثانوية لا يمكن مقارنتها بمقدار الضرورة والأهمية لأزمة الكهرباء وكان الأجدى والأنفع أن تأخذ الاهتمام الأكبر في مشروع الموازنة الإضافية للحكومة ووصلت نسبتها لـ 55% من الموازنة الأصلية 836 مليارا في مخالفة صريحة للقانون الذي لم يجز سوى نسبة 5% ولا تكون لغير القضايا الطارئة والاستثنائية كالكوارث والزلازل أو الحرب أو غيرها، وهي المبررات التي تشفع على أقل تقدير لإنفاق فوارق النفط البالغة 2 مليار دولار لصالح الكهرباء.

الكهرباء في هذا البلد كارثة وأكثر من زلزال أو حرب أو تسونامي أو إعصار، ورغم فداحة الضرر والمعاناة الدائمة لسكان تعصرهم الحمى أشد من إعصار كاترينا آلاف المرات، استكثرت الدولة على هؤلاء وعلى سمعتها الممرغة في التراب مواجهة الكارثة بصدق ومسؤولية وشعور ومن فارق أسعار النفط التي نزلت عليها هكذا ودون أن يخطر ببال أحد تسخيرها على شاكلة المنح والهبات والعطايا، فيما هي جديرة بإنقاذ الملايين من البشر ممن تتصاعد دعواتهم للسماء مع كل انطفاء للكهرباء.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى