مع الأيــام..الحكم المحلي..حاجة ملحة غير قابلة للترحيل

> نجيب محمد يابلي:

>
نجيب محمد يابلي
نجيب محمد يابلي
شدتني عبارة وردت في إحدى خطب فخامة رئيس الجمهورية في محافظة تعز ومفادها أن المركزية ليست بديلاً للمجالس المحلية. عجلت تلك العبارة برغبة سابقة لي للكتابة في هذا الموضوع.

رحلت إلى الماضي لأتقصى أحوال السكان العرب في الجزيرة العربية بعد الإسلام لوضع المفاضلة بينهم وبيننا، فوجدت البون شاسعاً، وجدت لعدن مكانة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قسّم اليمن إلى خمسة أقسام وهي: صنعاء وكندة وحضرموت وزبيد وتهامة وعدن، وقد اعتمد د. دائل محمد إسماعيل المخلافي في كتابه (الإدارة المحلية -أسس وتطبيقات) دراسة مقارنة بنظم كل من المملكة المتحدة وفرنسا ومصر واليمن على تلك الحقيقة الواردة في كتاب (اليمن الإنسان والحضارة) للقاضي الشماحي و(اليمن عبر التاريخ) لأحمد شرف الدين و(هذه هي اليمن) لعبدالله أحمد الثور(ص 86).

بعد اتساع رقعة الدولة الإسلامية في عهد عمر رضى الله عنه أعيد تقسيم أقاليم الدولة إلى أقسام كبيرة كي تسهل إدارتها، وجعل على كل إقليم والياً يقوم بإمامة الناس في الصلاة والفصل في الخصومات وقيادة الجند في الحرب. كان الوالي يستقل بإدارة شؤون الإقليم ويقوم بتنفيذ المشروعات العمرانية التي يحتاج إليها السكان (مرجع سابق ص 88).

كان الإمام علي رضى الله عنه يوصي الولاة بالرفق بالرعية والاقتصاد في المعيشة ويحدد لهم اختصاصاتهم ومسؤولياتهم، وكان الخلفاء يوصون الولاة بمشاورة أهل الرأي من السكان عند اتخاذهم القرارات المحلية (مرجع سابق ص 90).

كان الولاة يتمتعون باستقلال مالي وإداري، فالزكاة والصدقات كانت تؤخذ من الأقاليم ولا يرسل منها إلى العاصمة المركزية سوى ما زاد منها عن حاجات المجتمع المحلي، وهذا الحق المثبت في قانون السلطة المحلية اليمنية تم تجاوزه ورحلت الزكوات إلى العاصمة صنعاء.

من واقع المعايشة في ظل دولة الوحدة التي تحققت سلمياً في 22 مايو 1990م وأعيدت بقوة السلاح في 7 يوليو 1994م، برزت مستجدات وظواهر لم نجد لها مثيلاً في التاريخ الحديث، لأن الدولة إطار واسع مجرد غير محسوس ويصير محسوساً بمناطقه أو وحداته الإدارية، والوحدة الإدارية هي مجموع الأرض والسكان وهنا مكمن وجعنا وهاجس هواجسنا ورغبتنا في الخلاص مما نحن فيه، ولن يتأتى لنا ذلك إلا بصدور قانون للحكم المحلي يبرز من خلاله أبناء المنطقة ليديروا شؤونهم المحلية على المستويين: المكتب التنفيذي والمجلس المحلي.

إن هذه الرغبة الملحة برزت بعد مصادرة الأرض وإلغاء السكان وتهميش الكوادر وتركينها في البيوت والترحيل الجماعي للموظفين إلى التقاعد، حيث تم فصل 1200 كادر تربوي في المحافظة مؤخراً وحصرهم في كشف واحد تحت مسمى «كشف المتقاعدين والمتوفين» والهدف منها حرمانهم من الاستفادة من هيكل الأجور الجديد وهو هيكل وهمي حتى تدل القرينة على خلاف ذلك، لأن السلطة طمأنت المواطنين أثناء أحداث 20 و21 يوليو 2005م بأن الحكومة ستدر عائداً قدره 180 مليار ريال، سيوظف منه 120 مليار ريال لزيادة الأجور اعتباراً من يوليو 2005م وتقرر تأجيل ذلك حتى أغسطس وفاجأوا خلق الله بأن الازدواج الوظيفي لا يزال قائماً وسيحتاج إلى ستة أشهر ليتم استئصاله، والازدواج الوظيفي آفة أدخلها الفاسدون على المال العام اليمني في السبعينات من القرن الماضي ولن يستأصل هذا الداء، لأن الإرادة السياسية عملة صعبة في بلادنا.

على مؤسسات المجتمع المدني في المحافظات أولاً أن تتحرك باعتبارها جماعات ضغطPRESSURE GROUPS لتحرير السكان المحليين من واقعهم العبودي، فنحن في عدن قد خبرنا الحكم المحلي والمجلس التشريعي ومؤسسات المجتمع المدني ودولة النظام والقانون على رقعة صغيرة مساحتها 75 ميلاً مربعا أي 193.5 كيلومتر مربع ولا يعقل أن نرتد عشرة قرون إلى الوراء، لأن عجلة التقدم تسير إلى الأمام. وللحديث بقية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى