رئيس السكرتارية الفنية لقطاع المياه في اليمن:نسعى لتأمين نصف مليار دولار لضمان تنفيذ الاستراتيجية الوطنية

> «الأيام» عن «الشرق الأوسط»:

> أوضح أنور سحولي، رئيس السكرتارية الفنية لقطاع المياه بوزارة المياه والبيئة اليمنية، ان بلاده تسعى حاليا لتأمين نصف مليار دولار لضمان تنفيذ الاستراتيجية الوطنية والبرنامج الاستثمارى لقطاع المياه خلال الاعوام 2006 ـ 2010، والبالغة قيمتها الاجمالية مليارا ونصف المليار دولار يتوفر منها حاليا نحو مليار دولار سبق ان تعهدت بها الجهات المانحة الأساسية والحكومة اليمنية.

وقال رئيس السكرتارية الفنية في حديث لـ «الشرق الأوسط» في العاصمة اليمنية صنعاء، ان الجهات المانحة تطالب بزيادة حصة الحكومة اليمنية في التكلفة الاجمالية للاستراتيجية الوطنية والبرنامج الاستثماري لقطاع المياه لتأكيد جديتها في التصدى لمشكلة شح الموارد المائية المتفاقمة والتي تعد أبرز التحديات أمام جهود التنمية بكل جوانبها، مشيرا الى ان 50 في المائة من مبلغ نصف المليار المشار اليه سيخصص لتمويل مشروعات مياه الريف، حيث لا تزيد التغطية بخدمات المياه عن 20 بالمائة رغم ان 75 بالمائة من سكان اليمن يعيشون في الريف.

وقال ان رفع حصة الحكومة اليمنية في الموازنة المطلوبة لتنفيذ البرنامج الاستثماري سيطمئن الجهات المانحة ويدفعها لتقديم المزيد من الدعم، كما أن هذا الأمر سيمكن من توسيع القاعدة الافقية لمشروعات المياه تحت مظلة التمويل الكبير من المانحين.

وحول أبرز الخطوات التي أنجزت باتجاه الإعداد لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية والبرنامج الاستثماري لقطاع المياه، قال انور سحولي ان آخر اجتماع عقد مع الجهات المانحة الاساسية، وهي البنك الدولي والحكومة الالمانية والحكومة الهولندية والبرنامج الانمائي للامم المتحدة، اضافة لجهات اخرى موقعة على وثيقة دعم الاستراتيجية ومنها اليابان ومنظمة اليونسيف والسوق الاوروبية تمخض عن عدة آليات لمتابعة تنفيذ الاستراتيجية من خلال التنسيق بين المانحين من جهة، والحكومة اليمنية من جهة أخرى عبر وحدة مختصة.

وفيما يتعلق بالمشكلات التي تواجه تنفيذ الاستراتيجية والبرنامج الاستثماري لقطاع المياه، أشار المسؤول اليمني الى ان اليمن يواجه عجزا في القدرة الاستيعابية لتنفيذ المشروعات الممولة من المانحين لأسباب تتعلق بالإجراءات البيروقراطية في أروقة المنظمات المانحة من ناحية، والإجراءات البيروقراطية في أجهزة الدولة من ناحية أخرى، اضافة الى ما يواجهه اليمن من نقص في الكوادر المؤهلة لتنفيذ هذه المشروعات، منوها الى ان الاستراتيجية تتضمن برنامجا متكاملا لبناء القدرات وتأهيل الكوادر تأهيلا نوعيا في هذا الجانب، لكن يبقى تحد آخر وهو كيفية الابقاء على هذه الكوادر والحفاظ عليها بعد تأهيلها حتى لا تتسرب للعمل في جهات أخرى نتيجة ضعف التحفيز وتدني عائدات الوظيفة العامة.

وحول الاجراءات التي تقوم بها وزارة المياه حاليا للحد من الحفر العشوائي للآبار ووقف الاستنزاف الذي تتعرض له المياه الجوفية، ذكر سحولي ان الوزارة نفذت سلسلة برامج ميدانية لحصر الحفارات العاملة في هذا المجال وشددت الرقابة على الحفر من دون الحصول على تراخيص إضافة للتوعية بقانون المياه وضوابطه في أوساط المواطنين، وأضاف يمكننى القول ان هذه الاجراءات حدت من عمليات الحفر العشوائى بدليل تزايد أعداد المتقدمين للحصول على ترخيص حفر من الوزارة، وهذا مؤشر إيجابي لأن الحفر كان يتم في الماضى من دون الرجوع الى الجهات المختصة.

وفيما يتعلق بتقييم السكرتارية الفنية للوضع المائي في اليمن، أوضح ان الوضع من حيث الموارد المائية يعد حرجا والسبب ان اليمن اعتمد على مدى العقود الاربعة الماضية على المياه الجوفية بشكل أساسي وجرى حفر أكثر من 70 ألف بئر بشكل عشوائي خلال هذه الفترة وارتفعت المساحة الزراعية المعتمدة على مياه الآبار من 30 الف هكتار في السبعينات الى 500 الف هكتار حاليا، فيما تراجعت المساحات المعتمدة على مياه الامطار والسيول من مليون هكتار الى نصف مليون هكتار خلال نفس الفترة.

وهذا يبين، بحسب سحولي، مدى الاستنزاف الذي تعرضت له المياه الجوفية ما جعل أحواض بعض المدن مهددة بالنضوب خلال عدة سنوات، موضحا ان الاستراتيجية عنيت أيضا بماهية الحوافز التي يمكن تقديمها للمزارع لتقليل الاعتماد على المياه الجوفية، وبما يمكن من إطالة عمر الاحواض الجوفية من خلال تعزيز آليات اخرى، منها رفع قدرات الادارة المائية واستخدام تقنيات ري أقل هدرا للمياه وتطوير آليات حصاد المياه بإقامة المزيد من السدود والحواجز المائية.

وحول سبل الحد من التوسع في زراعة القات والذي يستأثر بأكثر من نصف المياه المستخرجة من باطن الارض، ويمثل تحديا حقيقيا لجهود حل مشكلة المياه، أشار سحولي الى ان الاستراتيجية الوطنية للمياه دعت الى تحرير زراعة وتجارة القات الذي يتوسع بشكل مضطرد.

وقال: «إذا أردنا التحدث عن الأمن الغذائي، فلا القات وحتى الفواكه من متطلبات الأمن الغذائي لكي يستهلكا كل هذا الكم من المياه، في حين تستورد اليمن 90 بالمائة من احتياجاتها من الحبوب التي هي أساس الأمن الغذائي»، موضحا ان تحرير زراعة وتجارة القات يتضمن مقترحا باستيراد القات من دول الجوار، «إذا كان لا بد من ذلك، وفتح اسواق القات، ما دمنا بصدد فتح الاسواق ، وهى تجربة مسبوقة فقد كان القات يستورد الى جنوب اليمن سابقا من اثيوبيا».

وتحدث في ذات السياق عن الحاجة الى خطة ثقافية توعوية بعيدة المدى للحيلولة دون دخول الأجيال الجديدة الى نادي القات، تشارك في إعدادها عدة جهات كوزارة التربية والتعليم ووزارة الثقافة والاعلام والشباب والرياضة الى جانب منظمات المجتمع المدني لاستيعاب طاقات الشباب وتوظيفها بشكل إيجابي.

وفيما يتعلق بالحوافز التي يمكن تقديمها للمزارعين للإقلاع عن زراعة القات، بيّن المسؤول اليمني ان الاستراتيجية أشارت الى ضرورة التأقلم الاقتصادي والاجتماعي مع شح الموارد المائية الذي تعاني منه البلاد من خلال إعادة النظر في الانشطة الاقتصادية الحالية والاتجاه نحو أنشطة اقتصادية أخرى غير زراعية كالمشروعات الصغيرة وغيرها من البدائل. وأضاف: «أقول هذا وأعرف انه من الخيارات الصعبة لأن القطاع الزراعي يستوعب 50 بالمائة من قوة العمل في اليمن، لكن الزراعة عموما تمارس بشكل غير مستدام ولا تمثل أكثر من 15 بالمائة من الدخل القومي».

وتطرق سحولي الى ان وزارة المياه تدارست مع الجهات المانحة ايضا الآثار المترتبة على تحرير أسعار المشتقات النفطية، وأثر ذلك على قطاع المياه والصرف الصحي والعمل على معالجة هذه الآثار، اما من خلال إعادة النظر في التعرفة الحالية لأسعار المياه رغم ما يشكله ذلك من عبء إضافي على المستهلك او من خلال التزام الحكومة بتقديم الدعم المطلوب لقطاع المياه لتلافي آثار تحرير أسعار النفط، خاصة وان الحكومة سبق أعلنت أن تحرير أسعار المشتقات النفطية لن يؤثر على قطاع المياه.

وحول تحلية المياه كأحد الخيارات المطروحة لحل مشكلة المياه في اليمن، قال رئيس السكرتارية الفنية ان هذا الخيار مطروح رغم كلفته العالية بالنظر لأوضاع الاقتصاد اليمني، لكن ما يبشر ان تكنولوجيا التحلية في تقدم مستمر وأسعار التكلفة في انخفاض متواصل نتيجة لذلك، لذا تبقى التحلية الخيار الامثل لحل مشكلة المياه، خاصة في المدن الساحلية والجزر في ظل تصاعد وتائر النمو السكاني والحضري الحالي، منوها الى ان وزارة المياه تدرس حاليا إنشاء محطة تحلية في مدينة تعز بقدرة 5 آلاف متر مكعب يوميا لتحلية مياه الآبار شديدة الملوحة واخرى في مدينة عدن بطاقة 20 الف متر مكعب يوميا بالشراكة مع القطاع الخاص، إضافة الى إنشاء وحدة للتحلية وبناء القدرات في وزارة المياه تتولى إعداد الكوادر والدراسات الخاصة بذلك.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى