مع القرآن

> «الأيام» علي بن عبدالله الضمبري:

> يقول ربنا الغفور الرحيم في الآية 8 من سورة التحريم: {يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار يوم لا يخزي اللهُ النبيَّ والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير}.

إن الله تبارك وتعالى ينادي المؤمنين بنداء الإيمان، ويصفهم بصفة الإيمان {يا أيها الذين آمنوا} لأنه يعلم أثر نداء الإيمان في القلوب الصافية المؤمنة، وفي الفطرة السليمة المستقيمة والنفوس المطمئنة الموحدة التي جعلت التوحيد طاقة تنبعث منها طاعة لا تنتهي .. لأن توحيد الله معناه يقين القلب بأنه لا معقب لحكمه، ويقين النفس بأنه لا راد لأمره، واطمئنان الروح بأنه {يغفر الذنوب جميعاً} الزمر 53، ومعناه أيضاً أنه ليس لمن وحّد الله أن يلجأ لأحد سواه، أو يطلب من غيره، أو يستعين بمن هو دونه وفي هذا كله تصحيح للتوحيد، وتصميم من المؤمنين على الرجوع إليه واللجوء إلى بابه، فهو - ما أكرمه وما أعظمه وما أحلمه - لا يرد أحداً دعاه ولا يخيب من رجاه {كُلاً نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا} الإسراء 20 .

ومن العطاء الالهي السخي الندي الكريم المستمر (التوبة) التي نجد عبرها وبواسطتها تجديد علاقتنا بالله، وتوجيه مسار أرواحنا إلى مغفرته العظيمة ورحمته التي وسعت كل شيء.

وتبدأ التوبة بممارسة الاستغفار لأن الاستغفار هو إقرار من العبد وفرار من الذنب إلى الرب {ففروا إلى الله} الذاريات 50 . والاستغفار لجوء ورجوع إليه وإذا رجعت إليه وأقـْبلت عليه أقـبَلَ عليك، وتقبل منك {إنما يتقبل الله من المتقين } المائدة 27، وقبلك وأعطاك سؤلك وأملك. قال النبي [ من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب، وقد علـَّمنا سيدنا محمد [ صيغة رائعة بليغة للاستغفار فقال: «سيد الاستغفار أن يقول العبد: اللهم أنت ربي لا إله أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوءُ (أعوذ وأرجع) لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت» رواه البخاري.

هذا الاستغفار من أسباب دخول الجنة فقد جاءت تكملة الحديث تؤكد أن من قال هذا الاستغفار حين يمسي فمات دخل الجنة وإذا قاله حين يصبح فمات دخل الجنة» أخرجه البخاري برقم 6306 .

على أنه ينبغي أن ننبه على أن حركة اللسان الغافلة اللاهية بكلمات الاستغفار أو الاذكار الأخرى دونما عزيمة قوية وخشوع صادق، وقلب حاضر، مهما تكن كثرتها، فإنها عمل غير صالح.

إن هناك أعمالاً يسيرة لها حسنات كثيرة يستطيع بها المرء المسلم والمرأة المسلمة أن ينالا مغفرة الله ورضوانه مثل إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة، ومثل خشية الله {إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كريم} الملك 12 . بل الأعمال الصالحة كلها وعلى عمومها سبب لمغفرة الله القائل في الآية 9 من سورة المائدة {وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر كريم} ويبقى وعد الله {وعد الصدق الذي كانوا يوعدون} الاحقاف 16 .

اللهم يا غافر الذنب الكبير، ويا جابر القلب الكبير نسألك أن تغفر لنا موبقات الجرائر، وتستر علينا فاضحات السرائر، وتطهرنا من الصغائر والكبائر.. آمين.. وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى