كــركــر جـمـل

> عبده حسين أحمد:

> في الأنظمة العربية وبلدان العالم الثالث .. لا تصدق بأنك تستطيع أن تكون معارضاً للنظام لا في الداخل ولا في الخارج .. فإذا فعلت ذلك في الداخل .. فمصيرك القتل أو السجن أو المطاردة والملاحقة والفصل من العمل والموت جوعاً أنت وأطفالك .. وإذا كنت معارضاً في الخارج فالاتهام (جاهز) بأنك خائن وعميل للاستعمار والمأسونية العالمية وإسرائيل ومتآمر بقلب نظام الحكم وتستحق الإعدام شنقاً حتى الموت .. ولكن هناك حالة واحدة فقط .. وهي أن تكون معارضاً (ديكوراً) في الداخل .. ولا بأس أن تستلم مخصصاتك المالية من الدولة سنوياً بنجاح عظيم .. وهذه هي المعارضة الوحيدة التي تسمح بها الأنظمة العربية وبلدان العالم الثالث.

وهذا الذي حدث مع الأستاذ عبدالله الأصنج .. وزير الخارجية والمستشار السياسي السابق لرئيس الجمهورية .. فهو مطلوب من المملكة العربية السعودية .. لأن له (نشاطاً سياسياً) ضد النظام في اليمن .. مع أننا نعرف تماما بأن المملكة العربية السعودية لا تسمح أبداً لأي شخص أن يقوم بأي نشاط سياسي معاد من أراضيها ضد أي دولة من دول الجوار أو غيرها .. وقد أكد ذلك سعادة سفير اليمن في السعودية الأخ (خالد الأكوع): «بأن المملكة لا يمكن أن تسمح لأي أحد يقيم على أراضيها بالقيام بأنشطة سياسية من شأنها الإساءة لعلاقتها مع اليمن».

وقد استغربت جداً عندما قرأت الخبر المنشور في صحيفة «الأيام» يوم الأحد قبل الماضي :«بأن الارتباك الذي حدث في تصريح وزير الخارجية د. أبوبكر القربي ما بين النفي والتأكيد حول طلب اليمن رسمياً من حكومة المملكة العربية السعودية بتسليم عبدالله الأصنج .. مرده إلى ظروف (الصيام) في شهر رمضان المبارك مما أدى إلى عدم التركيز» .. فإذا كانت وزارة الخارجية اليمنية لا تطيق الصيام ولا تستطيع التركيز في شهر رمضان المبارك .. فإنني أقترح على الدولة أن تعطي وزارة الخارجية إجازة رسمية في هذا الشهر الكريم .. حتى لا يصدر عنها مثل هذه التصرفات والتصريحات المتناقضة .. وعدم التركيز في اتخاذ القرارات التي (ربما) تعرض بلادنا للسخرية أو الإساءة إلى الدول الشقيقة والصديقة.

إننا نعيش في عصر ديمقراطي جديد .. وفخامة الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية يؤكد على ذلك في كل مناسبة .. وفي الديمقراطية يجب ألا نشعر بالضيق من المعارضة .. فالنظام الحاكم ليس مقدساً .. لا يمس .. ولا ينتقد ولا يعارض .. فهذه المخاوف لا أساس لها في الأنظمة الديمقراطية .. وما دمنا قد حطمنا القيود وتحررنا من حكم الإمامة والاستعمار .. يجب أن نسمح للشعب أن يبدي رأيه بغير خوف أو تردد .. فالرجال الشجعان هم الذين يقولون رأيهم بدون أن ترتجف فرائصهم .. والأستاذ عبدالله الأصنج واحد من هؤلاء الرجال .. يقول رأيه بحرية وشجاعة مثل أي مواطن يمني حر وشجاع في الداخل أو الخارج .. ويمارس حقوقه السياسية (سلمياً) من خارج الأراضي السعودية .. وهذه هي الديمقراطية التي نريدها.

والذي يثير الدهشة أيضاً أن الدولة هاجمت الأستاذ الأصنج .. وأشهرت عليه كل أسلحتها .. ومعها كل الصحف ووسائل الإعلام .. ولم نسمع للأصنج صوتاً .. ولا قرأنا أن له (أنشطة سياسية) معادية لليمن .. ولم نكن نعرف أن (للصمت بلاغة .. وأن السكوت يمكن أن يحدث ضوضاء تزعج (الأقوياء) كما حدث في هذه الأيام).

هل أصبحت المعارضة بالكلمة والقلم جريمة يعاقب عليها القانون .. عجبي يا يمن !!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى