هل ستتحول أسواقنا إلى أسواق للتسول..؟!

> علي الذرحاني:

> لم أفاجأ عندما سمعت وشاهدت تقريراً اقتصادياً يذكر بأن الفقير والمسكين في أمريكا هو الذي دخله تحت الألف دولار أمريكي، والمضحك المبكي عندنا أن العامل الموظف صاحب المؤهل الجامعي لا يتجاوز راتبه الشهري المائة دولار أمريكي .. إنما تأتي مفاجأتي عندما أسمع كثيراً عن أسواق تسوق في البلدان المجاورة لبلادنا ولا نسمع عندنا إلا عن أسواق للتسول والشحاتة، وتزداد هذه المظاهر في ليالي رمضان، الشهر الفضيل، فأنت ترى عندما تتجول في أحد أسواق المدن اليمنية طفلا، أو رجلا وطفلا أو امرأة محجبة أو امرأتين في إحدى زوايا الشارع وأمامهما طفلان أو طفلتان رضيعتان يفترشان الشارع في نوم عميق وكأنهما معروضتان للبيع، ووزارتنا الموقرة المعنية بهؤلاء المتسولين غير مكترثة لهم وهم يتكاثرون أمامها كل يوم تكاثر الذباب داخل المنازل وخارجها وفي الأسواق والطرقات والأماكن العامة التجارية والسياحية والحكومية لدرجة أن يشدك أو يجذبك أحدهم من طرفك وكأنه يصارعك، ومظهرهم وسلوكهم السيء هذا الذي يؤذي ويزعج الآخرين، يؤكد غياب الحلول الملموسة العملية لحكومتنا الرشيدة.. ومعالجة هذه المظاهر وهذه الظاهرة المتفشية يأتي عن طريق اجتثاث كل من تسول له نفسه ممارسة ظاهرة التسول التي تحولت مؤخراً إلى مهنة مربحة، وأن تقوم الوزارة المعنية بالمتسولين بمساعدتهم في إعادة تأهيلهم وذلك من خلال تجميعهم داخل مخيمات أو مراكز خاصة بهم وتوفير متطلبات ومستلزمات لهم من أجل تفجير طاقاتهم الإبداعية والإنتاجية داخل ورش فنية تقام لهم في تلك المخيمات والمراكز كل حسب طاقته ومقدرته وهواياته وميوله ومهنته إن وجدت لديه مهنة سابقة للتسول بدلاً من أن يكونوا عالة على غيرهم، فتكون لهم قيمة داخل مجتمعهم بدلاً من مهنة الكسل والعطالة والبطالة التي يمارسونها بكل فئاتهم العمرية وفيهم النجار والحداد والطالب والخياط والفلاح والمهن الأخرى التي بأيديهم، قبل أن تتحول أسواقنا إلى أسواق تسول وشوارعنا إلى شحاتة، وتتضخم هذه الظاهرة إلى أن تصبح مؤسسات فعلية كبرى يركن كل عضو فيها إلى هذا العمل السهل غير الشريف الذي يدر على صاحبه المال من دون أن يبذل الكثير من الجهد والتعب أكثر مما يبذله من المراوغة والدجل والكذب والتضليل والتكلف والتصنع في استعطاف الناس، وعندها يصبح الجميع بلا عمل ولا إنتاج فتتوقف الحياة وتتجمد ويسود الكسل والخمول في انتظـار مـن يجود أو يتكرم عليه من فضله.

ولعل من نتائج هذه الظاهرة السيئة السمعة أن تدفع الأغنياء والموسرين إلى التصدق على الفقراء والمساكين والشحاتين على السواء دون تفريق بين من يستحق أو لا يستحق الزكاة والصدقة، وديننا الحنيف دين التعاون والتكافل والتراحم يحض على البر والإحسان وإغناء الفقراء والمساكين والمحتاجين خاصة في هذا الشهر الفضيل، شهر الخير والبركات.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى