في ذكرى ميلاده التسعين محمد عبدالقادر بامطرف شخصية وتاريخ

> «الأيام» محمد حمود أحمد:

> يصادف هذا العام الذكرى التسعينية لميلاد المورخ الأديب الكبير محمد عبدالقادر بامطرف، الذي يعد من أعلام الأدب والتأليف والفكر والبحث التاريخي، ومن قلائل الكتاب الذين ربطوا ربطاً وثيقاًُ بين المعرفة وبين الحياة ودرس وتعمق في البحث التاريخي والتأليف الأدبي وترك سلسلة من الأبحاث والمؤلفات والكتابات الادبية في شتى مجالات الفكر والثقافة والفنون، والتي وضعت اسمه بأحرف مضيئة بين أعلام اليمن، ولازالت مؤلفاته وآراؤه مرجعاً لكل باحث ودارس.

يقول الأستاد عبدالرحمن عبدالكريم الملاحي في مقال له تحت عنوان (البامطرف ورحلة البحث عن الحقيقة التاريخية): «قليل من المؤرخين وباحثي التاريخ من يرى في الوقائع التاريخية - حوادث السنين أنها نتائج لمسببات تفرزها المجتمعات في كل العصور، وهذه رؤية تحليلية للتاريخ، كونه مادة وحالة اجتماعية في نفس الوقت. ولا ريب أن هذا النهج في كتابة التاريخ برز حديثاً ونهجه المثقفون العرب الذين اطلعوا على الثقافة الاوروبية مع تمكنهم من ثقافتهم العربية، فاستجابوا لها واستوعبوها واستفادوا منها وكان أستاذنا الراحل محمد عبدالقادر بامطرف من هؤلاء الكتاب القلائل المعاصرين المستجيبين لتطورات الفكر المعاصر اسلوباً ونهجاً، بل إنه من أفذاذ الكتاب اليمنيين الذين ينهجون نهج التحقيق والتحليل في الكتابة التاريخية». هذا ما ذهب إليه الأستاذ عبدالرحمن الملاحي حول بامطرف المؤرخ. وما يؤكد هذا الرأي وصوابه هو الاطلاع على بعض المؤلفات التاريخية لبامطرف كالشهداء السبعة، وفي سبيل الحكم، المختصر في تاريخ حضرموت، المعلم عبدالحق، ملاحظات على الهمداني، الهجرة اليمنية، تاريخ جزيرة سقطرة، وغيرها من المؤلفات التاريخية التي تندرج ضمن هذا المنهج التحليلي الذي اختص به بامطرف.

ولعله من الأهمية بمكان الاشارة هنا إلى مؤلفه القيم (الجامع) الذي وضعه بامطرف في أربعة اجزاء وهو يضم أنساب المهاجرين اليمنيين وقبائلهم، وقد صدرت طبعته الثانية عن دار الهمداني في العام 1984م هي طبعة مزيدة ومنقحة فيها الكثير من العناية والتدقيق والمراجعة، فهو يقول عن الجامع وأهميته: «إنني وضعت هذا الكتاب وجمعت فيه أعلام اليمنيين من المهاجرين المنتسبين الى اليمن، والسبب الذي حملني على تأليفه هو لأن أحدا لم يسبقني الى تأليفه»، ويضيف بامطرف : «لقد خصصت هذا الكتاب لتراجم أعلام العرب المنتسبين الى اليمن، وقد اشتهروا خارج اليمن، ولم أشرك غيرهم من الاعلام العرب، والسبب هو أن مثل هذا التخصيص يساعد كثيراً على تسهيل وتقريب المعرفة والرجوع الى مصدرها الموحد للدراسين والباحثين ذوي الاختصاص». ولعل من الدوافع النبيلة في تأليف هذا المرجع القيم هو إبراز الدور الذي قام به المهاجرون اليمنيون ومساهمتهم في الحضارة العربية الإسلامية، وبالتالي ما كان لهم من تأثير على الحضارة الإنسانية.

ولا تقل مؤلفات بامطرف الأدبية عن مؤلفاته التاريخية وأبحاثه من حيث الاهمية التي تصل الى الريادة الخاصة ككتابه (الميزان)، الذي وضع فيه حصيلة خبرته الأدبية ودرايته وثقافته الواسعة في مجال الادب الشعبي وأوزان الشعر وقوانينه ووضع أسس وقواعد ذات قيمة وأهمية كبيرة في إيقاعات وميازين الشعر الشعبي المتعارف عليه بالشعر الحميني، وقد تطلب وضع هذا الكتاب خمس سنوات من البحث والدراسة والقياس والتأمل والتفكير والتحليل، أدت الى وضع أسس ومبادئ وميازين عامة تساعد على ضبط أوزان الشعر الحميني، وقد نجح بامطرف بطريقته العروضية الخاصة التي اتبعها في مؤلفه الميزان في تبسيط أساليب الوزن وجعلها سهلة على الفهم، لأن الشعر الشعبي يقوله المتعلم وغير المتعلم، وقد اختص بامطرف بالريادة في هذا الميدان، فلم يسبقه مؤلف آخر على وجه الخصوص على المستوى اليمني. ويمتلك بامطرف ذائقة أدبية و شعرية وحساً موسيقياً مرهفاً واطلاعاً واسعاً في مجالات الفنون المختلفة، وله آراؤه النقدية المتميزة ونظرته الثاقبة إلى المسائل الأدبية وتقويماته الصائبة حول التراث والفن والأدب بمختلف ألوانه، ومن مؤلفاته في هذا المضمار: (الشعر الشعبي فن وصناعة) خمسة أجزاء، و(التراث وصناعة الشعر) و(حداد بن حسن الكاف الشاعر الغزل)، و(المتنبي المفترى عليه) و(الأمثال الشعبية) و(الهاجس والحيلة) و(قصة القصة)، ومن أدب الثورة ودراسات وأبحاث أخرى مثل (الغزل في شعر المحضار)، نشرت في مجلة آفاق لسان حال اتحاد الأدباء فرع حضرموت.. و(دراسة في شعر حسين محمد البار).

وله عدد غير قليل من النصوص المسرحية التي قدمت على خشبة المسرح في العديد من المناسبات والأعياد الوطنية.. فضلاً عن تقديمه العديد من الدواوين الشعرية ودراساته في عدد من المجموعات الشعرية لشاعر اليمن الكبير حسين أبوبكر المحضار، كـ (دموع العشاق) و(ابتسامات العشاق) و(الشاعر باحسن) تأليف علي أبوبكر الصبان وتعريف بالشاعر حسن باحارثة في ديوانه (الى غالب لبوزة) و(خواطر في أنغام الشاعر الكبير صالح عبدالرحمن المفلحي)، وتقديمه لمجموعة (الحذاء) للقاص الكبير الراحل عبدالله سالم باوزير.

فضلاً عن أنه قام بمراجعة وتدقيق ترجمة شعر ونثر من حضرموت للكاتب البريطاني (سارجنت) ترجمة الشاعر والأديب اليمني (سعيد دحي).

وبامطرف واحد من الرعيل المؤسس لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين ومشارك نشط منذ مؤتمره الأول في العام 1974م وكافة مؤتمرات الاتحاد حتى وفاته، رحمه الله رحمة الأبرار.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى