مع الأيــام..رمتني بدائها وانسلت

> عبدالباري طاهر:

> قرأت باستغراب واندهاش تصريح السيد علي صالح عبدالله وكيل وزارة الشئون الاجتماعية والعمل لقطاع التنمية الاجتماعية، وهو التصريح الناري الذي يتهم فيه مؤسسات المجتمع المدني، هكذا كل مؤسسات المجتمع المدني: الأحزاب والنقابات والجمعيات الأهلية والخيرية والصحافة والاتحادات، فهو يعمم الاتهام ليشمل كل مؤسسات وهيئات المجتمع المدني، يتهمها بتكوين تحالفات مشبوهة غير قانونية. ويتهمها بإفساد الحياة المدنية وإجهاض تأسيس مجتمع مدني وأنها أدخلت العمل نفق الحزبية الضيقة. ويكد ويؤكد على تحالف مزعوم ويصفه بالمسخ، ويهدد ويتوعد بالاحتكام للقانون رقم 1 للعام 2001م بشأن الجمعيات والمؤسسات الأهلية ويلوح بحظر النشاط الحزبي في النقابات والجمعيات الأهلية!

ويشير بأصابع الاتهام بنهب الموارد وتلقي المساعدات الخارجية، ويدعو إلى تأهيل هذه المنظمات بعد التحريم والمحاكمة.

الفاجع حقاً أن الأستاذ علي إنسان نقابي فهو إضافة إلى كونه قاصاً وأديباً عضو نقابي من القيادات النقابية البارزة.. ويعرف الأستاذ علي وهو صديق عزيز ورفيق قديم أن نشاط الأحزاب ليس محظوراً في مؤسسات المجتمع المدني، ولعله خلط بين مؤسسات المجتمع المدني والقوات المسلحة والأمن والقضاء التي يرأسها الأخ علي عبدالله صالح رئيس المؤتمر الشعبي العام، وهي الجهات التي يحرم الدستور وكل القوانين العمل الحزبي فيها، ليس في اليمن وإنما في مختلف بلدان العالم حتى في الأنظمة الدكتاتورية، حيث يعتبر القضاء مستقلاً، والجيش والأمن مؤسستان مستقلتان تحرسان الدستور. وإذا حظر نشاط الأحزاب في مؤسسات المجتمع المدني واحتكر الحزب الحاكم النشاط فيها وفي أجهزة الجيش والأمن والقضاء والوظيفة العامة والمال العام، فماذا يبقى للمعارضة، ألا تصبح أقل أهمية من الزائدة الدودية؟

والأغرب الاتهام بالفساد ونهب المال والتمويل الأجنبي، فالزميل يعرف أن الدولة تشرف وتراقب التمويل الأجنبي وعليه كمسئول أن يحدد الجهة التي يتهم لا أن يعمم الاتهام على الجميع. إن الدولة الموصومة دولياً بالفساد وغياب الشفافية، والاستبداد لا تجد «من تفش فيه غلها» غير شعبها الجائع والمحروم من أبسط الحقوق.

المحزن أن اليمن التي ترشح عالمياً كثالث دولة لرعاية التحاور مع مؤسسات المجتمع المدني والحكم تبدأ عملها باتهامات جزافية لهذه المؤسسات، وتتوعدها بالويل والثبور وعواقب الأمور. فما أن أصبحت اليمن إلى جانب تركيا وإيطاليا مسئولة عن الحوار بين المجتمع المدني والدولة حتى بدأت صحيفة (الثورة) - الصحيفة الرسمية بشن هجوم مباغت وعنيف ضد هذه المؤسسات، وانبرت وزارة الشئون الاجتماعية والعمل لتنزع صفة القانونية عن ائتلاف مدني يجري التنسيق بين هذه المؤسسات للدفاع عن حرياتها. وأما الاتهام بالمشبوه فهو الجديد والتهمة آتية من ترسانة عقلية المؤامرة والتخوين والتحريم. وأخشى ما نخشاه أن نصبح في حكومة نظيفة وشريفة وشعب فاسد وخائن.

حقيقة لو كنا في اليمن نمتلك قضاء كفؤاً ونزيهاً ومستقلاً لتقدمنا نحن كمواطنين بالشكوى ضد مثل هذا الإسفاف وكيل التهم ضد مؤسسات المجتمع المدني، وما كنت أحب للأخ علي صالح عبدالله وهو الأديب والنقابي أن ينجر إلى مثل هذه الأساليب التي لا تستر عورة العجز ولا تغطي على ضعف وهشاشة المستبدين وتذمرهم من الاحتجاج المدني

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى