المحطة الأخـيـرة..في قلب الزحام واأبتاه انظر..!

> علي عمر الهيج:

>
علي عمر الهيج
علي عمر الهيج
زحام وبشر وشاحنات وباعة وضجيج ونيران ملتهبة تلسع جموع البسطاء وهم يقارعون مدافع وفوهات المعيشة بشق الأنفس,(اللي ما يشتري يتفرج) كل شيء معروض في السوق.. معارض ضخمة وباعة متنقلون وعربيات(جواري) ودلالون وحدَّث ولاحرج.

(من كل ما تشتهيه النفس) أزياء وعطورات وسجاجيد وكهربائيات وملابس ومأكولات وحلويات وعصائر وخضار وفواكه ولحوم وأسماك.. كل ذلك معروض في السوق.. وجيبك هو الحاكم.. والشاطر الفهلوي فقط هو من يتقدم لهذه الفوهات المدفعجية.

زحام وضجيج.. وفقراء جياع يحركون أعينهم يميناً وشمالاً يرقبون هذه المتاع فيتجولون لاهثين دون حراك.. فالزمن زمن حمران العيون الذين ينفشون أجنحتهم المطرزة (بالزلط الأخضر) ويملأون سياراتهم بكل ما لذ وطاب.

مدن تكاد تختنق من شدة الزحام، وأسواق كوكتيل فاخرة آسرة تشع أمام الجموع المطحونين الذين ينساب من شفاههم لعاب التمني والحسرة والألم.

وفي قلب السوق يتسمّر رجل حائر وحوله ثلاثة من أطفاله وقد بدا عليهم الكثير من الضيق والحرج.. فيجر الأولاد أباهم من سرواله حاثيه ومؤشرين بأصابعهم نحو بعض الألبسة المعلقة في السماء.. فيما يحاول الأب مقهوراً إدخال يده في جيبه لتفحص ما لديه من ريالات بلهاء ثم يعيدها مرة أخرى بسرعة بحركة عصبية رسمت على وجهه كل ملامح الحزن والبكاء.

وبين إصرار الطفولة البريئة التـّواقة إلى هذه المتع...وبين الواقع المرير الجبروتي للهياكل واستراتيجيات الخطط الجوفاء القاسية، ينهار الرجل في غيبوبة وسط السوق فيتجمهر حوله بعض الخيرين لنقله إلى أقرب مستوصف.

وبين ترنح هذه الضحية، استمر السوق غير مبالٍ كسوطٍ ساخنٍ يضرب كل البطون والعقول ويعتقل فرحة الفلذات وتتضاعف على المسنين أمراض الضغط والسكر والسقوط المريع.

سيارات فاخرة تتدلى من نوافذها حيوانات أليفة (قطط وكلاب) وهي مكتسية ومتأنقة بثياب وألعاب العيد، فيما (أطفال البشر الآدمي) يصرخون قائلين (انظر.. انظر.. يا أبي).

شعب بسيط يترنح على قارعة الطريق فيما دُعاة الإصلاح سادرون في ضلالة لا يعلم بها إلا أرحم الراحمين.

اللهم إننا نعود بك من الهمّ والحزن والعجز والكسل والبخل والجبن ومن غلبة الدين وقهر الرجال..آمين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى