مع القرآن

> «الأيام» علي بن عبدالله الضمبري:

> يقول الله جل في علاه :{يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون} البقرة 21 .

إن هذا النداء الرباني السماوي الباقي للوجود الإنساني الارضي الفاني يمثل دعوة إلهية من الحق تبارك وتعالى لكل أبناء الإنسانية من أجل القيام بوظيفة (العبادة) لله وحده لا شريك له.. والعبادة في الإسلام اسم عام جامع شامل لكل ما يحبه الله تعالى ويرضاه من الأعمال الظاهرة والباطنة.

ويورد المؤرخ والاكاديمي العراقي د. عمادالدين خليل في كتابه (مع القرآن في عالمه الرحيب) صفحة 123-138 اسم سمات العبادة في الاسلام، وأهمها:

أولاً: أن العبادة في الإسلام تقوم على الحب والتعاطف والتناغم بين الله وعباده ويبلغ الحب والود والتعاطف درجاته القصوى حينما يحدثنا الله على لسان نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم بأحاديث قدسية ملؤها المحبة والود للإنسان المؤمن.

ثانياً: تقوم الممارسة التعبدية في الإسلام على الوضوح والمنطق والتدبر في خلق السماوات والأرض وترفض أشد الرفض الدجل والخرافة والاساطير والشعوذة لذلك ظلت العبادة الإسلامية محافظة على صفائها ووضوحها وانفتاحها مع معطيات العقل البشري.

ثالثاً: العبادة في الإسلام تشحذ كل مقومات الكينونة الإنسانية عقلاً وروحاً وعاطفة وجسداً ووجداناً في انسجام وتوافق بين متطلبات الوجود الإنساني في الارض ونداء مصيره في السماء، فإن من يعمل مثقال ذرة خيراً في الحياة الدنيا يجده خيراً في الحياة الخالدة.

رابعاً: تساهم العبادة الإسلامية في تحرير الإنسان في ثلاثة اتجاهات ديني إذ تتيح للمسلم أن يتصل بربه بدون واسطة، وثانيها: سياسي اجتماعي يحرر المسلم من الخضوع لأي قوة على الارض وثالثها: فلسفي ميتافيزيقي يبصر الانسان ليتحمل مسؤولية عن أعماله.

خامساً: تشكل العبادة الإسلامية حافزاً ومنبهاً يقود المسلم إلى يقظة الضمير الدائمة والابداع أو الاحسان في كل عمل يمارسه، ومن ثم يصف القرآن الكريم المؤمنين الصادقين بأنهم {يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون} المؤمنون 61 وكأن حياتهم المحدودة فرصة للسباق مع الزمن لتقديم كل عمل صالح.

سادساً: إن كل فاعليات الانسان المسلم تبدو عبادة لله طالما وضع المؤمن ربه نصب عينيه، وما الصلوات الخمس إلا محطات للتذكير ولشحن الطاقة الروحية الناهية عن الفحشاء والمنكر، وما صوم رمضان إلا محطة سنوية يلقى المسلم فيها غفراناً لما تقدم من ذنبه بالصيام والقيام .. أما الحج فهو محطة العمر التي يغادرها الإنسان نقياً طاهراً كيوم ولدته أمه كما قال النبي [ .

اللهم ارفعنا بطاعتك، وانفعنا بعبادتك، وادفعنا إلى امن كرامتك، وشرفنا بولايتك، واحشرنا إلى جنتك، وأفض علينا من نعمتك، وتغمدنا بعفوك ورحمتك، وأعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.. آمين.

وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله الطاهرين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى