الفنان يحيى محمد فضل العقربي..أمير العود بعد فضل

> «الأيام» د. هشام محسن السقاف:

> نظرا للأخطاء غير المقصودة التي وردت في هذا المقال حين نشره في العدد (4623) بتاريخ 27 أكتوبر الجاري تعيد «الأيام» نشره:تتواتر ذكريات الأمس موشاة بانفعالات طفل، لتعز حين كانت حاضنة رؤوم لحشدٍ كبير دفعه غليان الصفيح فوق بركان عدن أن يؤمها هرباً بالنفس ومنجاة بالروح بعد أن آلت مقاليد الأمور إلى فصيل دون الآخرين عشية الاستقلال. كان بين هؤلاء النازحين وجوه كثيرة من فدائيي جبهة التحرير والتنظيم الشعبي والمنظمات الأخرى والنقابات حتى أدباء وفنانون ورجال دين، اليست هي تعز التي آوت الشيخ البيحاني والشاعر علي محمد لقمان (نزيل عصيفرة) وشاعر الأغنية اللحجية صالح فقيه، وعازف العود الشهير الفنان يحيى محمد فضل العقربي؟

هنا في (بير أحمد) حاضرة المشيخة العقربية نجد تماثلا متقناً في سلوك الناس تمليه فرضية المكان الذي يربط البحر بالبر، أو العذب الفرات بالملح الأجاج حيث تتماهى سيول وادي تبن في بحر الحسوة. ولذلك شكل السكان نسيجا اجتماعيٌا خليقا بجمع تاثيرات سلوكية منسجمة للبر اللحجي بكل دفقه وعنفوانه الوجداني وبندر عدن بكل ألقه المفتوح على العالم. ولذلك جاءت السجية الانسانية لأبناء المشيخة آخذة من هذا وذاك.

وبإبراز التجليات الخاصة لأبناء العقارب لعلي أتذكر الرجل المفرط طولاً وإحساساً في سنوات طفولتي الأولى في تعز، وهو يشيعني ببعض الاهتمام ثم يمهد له والدي طريقاً للرجوع إلى مراجع عشقه الأولى (بير أحمد)، حيث تستطيع مبتكرات فنه أن تتنامى وكان بصمته الذي يطول كثيراً في بعض الاحيان يتمحص مفردات آلقه الفني لحناً وعزفاً يذكر الكثيرون ممن ينحازون للفن الأصيل بريادة فضل محمد اللحجي، عبقري الأغنية اللحجية الذي لم يحظ باستحقاقاته حتى الآن. ولأنه العقربي المجبول على سجايا الفنان الذي يُسخـّر حياته لرسالته الخالدة بعيداً عن الأضواء، فقد اكتفى الفنان القدير يحيى محمد فضل أن يقدح شرارة الإبداع الغنائي في ملاعب حاذقة لأنامل يده اليسرى بأوتار عوده، فلحّن لفنانين كبار مثل (فيصل علوي وكرامة مرسال وحسن المهنا وعبود الخواجة وبشير ناصر وكفا عراقي ومنى همشري وزين الراجل وإيمان إبراهيم وفضل مسعود وفؤاد الكبسي وغيرهم، ومحمد صالح حمدون الذي شكل معه ثنائياً فنياً بعد عودته للغناء في السبعينيات كما لحن من كلمات صالح نصيب، محمود السلامي، سالم علي حجيري، أحمد بومهدي، د. محمد عبود العمودي، أحمد سعيد دبا، أحمد سيف ثابث، أحمد صالح عيسى، عبدالله الشريف، محمد الدرزي، وعمر باسعيد من تريم وغيرهم) «الأيام» 20 اكتوبر 2005م.

ولعل ذكريات طفولتنا التالية في ربوع الوهط قد رصدت جزءاً غير يسير من ثنائية الحمدون يحيى في حفلات الزواج التي كانت مباريات فنية ترتقي بالفنان إلى ذرى الألق البين ممهداً الطريق لاعتلاء عدد من المواهب مسرح الغناء منهم من طار وحلق ومنهم من لم تجتمع له ثنائية الموهبة والشهرة، وبينهما يبقى الفنان المبدع صاحب الأنامل الذهبية يحيى محمد فضل مرجعية هؤلاء وصاحب الدرس الأول في فقه اكتشاف مواهبهم وإجلاء ما لا ينفع عن مكامن الإبداع الحقيقية فيهم.

في المجتمعات السليمة خليق بشخصية إبداعية مثل الفنان يحيى محمد فضل،أن يكون لها مرتبة عليا في مراتب الاهتمام والتقدير ورد الجميل بالجميل، لكن الحكومات التي ينخرها الفساد قل إن تلتفت إلى المبدعين والرواد، وإن حدث ذلك فبين ركام من الأغراض الاخرى الدعائية التي تأخذ باليسرى ما قدمته اليمني، ويبقى أن نوجّه عناية المنتديات الأدبية والثقافية والسلطات المحلية إلى أمثال هؤلاء المبدعين والفنانين والرواد بالسبل والامكانيات المتاحة فهي أصدق الجميع في تقدير أصحاب الفضل علينا حتى تفيق الجهات الحكومية من سباتها العميق.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى