عيد سعيد..

> د. هشام محسن السقاف:

> ينقضي رمضان الكريم سريعاً، كدأب الأشياء الجميلة والنفحات المباركة التي تترك عبقاً في الزمان والمكان ثم تتلاشى من بين أيدينا قبل أن نفوق من حلاوتها. وإذا كان الشهر الفضيل مناسبة لمراجعة النفوس والتطهر من الآثام والتقرب إلى الله، فإنه كان اهتبالاً غير مشروع للفرص السيئة من شياطين الإنس -الذين لا يقيدون بالسلاسل في هذا الشهر للأسف- للكسب الحرام، واستغلال حاجة الناس في رفع الأسعار التي عمت معظم -إن لم نقل كل- السلع المهمة وغير المهمة من الكبزرة وحتى ثياب العيد، وكاد قلمي أن يزل ليكتب: أمام سمع وبصر الحكومة، غير أني تداركت الأمر لأن معظم أساطينها الكبار هم من الفئة التي أشرت إليها آنفاً. والعجيب أن مواعيد الحكومة بالتسكين الوظيفي الجديد لموظفي الدولة، والوقت العصيب الذي مرّ على الناس في انتظار الزيادة المنتظرة، ناهيك عن تأخير متعمد لرواتب قطاعات هامة من المؤسسات والمرافق، كلها مرت في ضمائر ميتة ودماء باردة من المسئولين، بينما أصحاب الشأن شأنهم شأن «العيس في الصحراء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول». فالمؤكد أن المال يعبث به المرابون والمرتشون والفاسدون وصناع الروتين والبيروقراطية باقتدار، ولا تصل الخيرات المفترضة إلى أصحاب الشأن - المواطنين في كل مكان - إلا النزر اليسير وبشق الأنفس والأرواح. وبالمقابل تنشط الحكومة في جباية الزكوات والضرائب وكأنها (بل هي كذلك) حكومة جباية باستحقاق. ونسي هؤلاء قول الخليفة الصالح عمر بن عبدالعزيز: إن الله لم يبعث محمد جابياً بل هادياً. وعموماً الغالبية والسواء الأعظم من الناس يستعينون على مثل هذه الأوضاع بدعاء الوالدين وصلاة الفجر.

كما لم يخل الشهر المبارك من ارتفاع في ترمومتر السياسة، بدأ بالفعل وردة الفعل على تصريح السفير الأمريكي في صنعاء بشأن توقف العملية الديمقراطية في اليمن من عدمه، وكان موضوع الطلب اليمني من الحكومة السعودية تسليم الشخصية السياسية المعروفة الأستاذ عبدالله الأصنج على خلفية نشاط سياسي يقوم به الرجل وما رافق ذلك من تناقضات في التصريحات الرسمية كادت أن تذكر الناس بالرد الحكومي على أمر اللجوء السياسي للسفير أحمد عبدالله الحسيني ووصمة بادعاءات لا يجوز أن تكون في سفير يمثل بلاده في الخارج طوال أربع سنوات!! ومعظم الكتابات المتزنة التي خاضت في موضوع الأستاذ عبدالله الأصنج أشارت إلى رحابة صدر فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح، وهذه حقيقة لا يمكن نكرانها لتستوعب أي رأي أو فكر سياسي سلمي، خاصة وأن الأخ الأصنج ينتمي الى مدرسة سياسية لا تجوز العنف وسيلة في العمل السياسي، وكان حرياً أن يعامل أسوة بقوى مارست العنف وتصادمت في معارك دامية مع الدولة وقد شملها عفو الأخ الرئيس مؤخراً.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى