كــركــر جــمــل

> عبده حسين أحمد:

> نشرت الزميلة صحيفة (أكتوبر) يوم الأربعاء الماضي (مانشيت) بالبنط الكبير (رفع مرتبات المتقاعدين إلى 20 ألف ريال) .. وفي تفصيل الخبر قالت الصحيفة :«وقـَّع كل من وزارة الخدمة المدنية والتأمينات ممثلة بالوزير حمود الصوفي والاتحاد العام لنقابات عمال الجمهورية ممثلاً برئيس الاتحاد يحيى الكحلاني اتفاقاً حول تنفيذ الاستراتيجية للأجور والمرتبات .. يقضي برفع الحد الأدنى لمرتب المتقاعدين إلى 20 ألف ريال ابتداء من العام الجاري 2005م .. على أن يُدفع الفارق لهم على أربع مراحل سنوية بالتساوي».

فإذا افترضنا أن المتقاعد يحصل على معاش قدره عشرة آلاف ريال شهرياً .. فالزيادة سوف تكون عشرة آلاف ريال أخرى خلال أربع سنوات .. أي بزيادة ألفين وخمسمائة ريال .. وهذا يعني أن معاشه الشهري سيكون 12.500 ريال فقط في السنة الأولى .. ثم يتضاعف حتى يصير بعد أربع سنوات عشرين ألف ريال.

والملاحظ أن هذه الزيادة الضئيلة 2500 ريال شهرياً .. لن تقدم شيئاً للمتقاعد .. ولن تكون عاملاً مساعداً في تحسين مستوى معيشته الغذائية .. فهل يستطيع المتقاعد أن يواجه غلاء الأسعار الذي يتنامى كل يوم بهذه الزيادة الضئيلة؟.. وبعملية حسابية بسيطة كيف يمكن أن يصرف المتقاعد معاشه الشهري 12.500 ريال على طعام غذائه هو وأفراد أسرته؟ فإذا كانت الأسرة تتألف من الأب والأم وأربعة أولاد مثلاً .. وهم بحاجة إلى ثلاث وجبات في اليوم.. الفطور والغداء والعشاء .. فإنَّ تكاليف وجبة الغداء فقط سوف تلتهم المعاش الشهري كله.

وإليكم الحساب : نصف كيلو سمك ثمد بثلاثمائة ريال .. يتبعه معجون الطماطم والخضروات من بصل وبطاط وبامية وباذنجان وطماط حبوب وغيرها بمائة ريال .. وذلك لإعداد (مقلى الصانونة) وهي التي تكمل الوجبة الرئيسة للغداء في عدن (الرز والصانونة).. ومعنى ذلك أن (مقلى الصانونة) هذه سوف تكلف أربعمائة ريال يومياً أي بإجمالي 12.000 ريال شهرياً .. وعلى أفراد هذه الأسرة أن يأكل كل واحد منهم قطعة صغيرة من السمك (بدون رز) .. وأن يشربوا بعد ذلك ماء الصانونة .. وأن يمسحوا أفواههم وأن يقبـّلوا ظاهر وباطن أيديهم .. وأن يقولوا : «الحمد لله على كل حال».

والذي يبقى بعد ذلك هو السؤال : أين طعام الفطور .. وأين طعام العشاء؟ وهل تنام هذه الأسرة وبطونها خاوية .. ثم تصحو في الصباح على بطون فارغة أيضاً؟ .. ثم تنتظر طعام الغداء الذي لا يشكل شيئاً في قائمة الغذاء الضروري للفرد حسب توصيف منظمة الصحة العالمية .. ثم من أين يدفع المتقاعد فاتورة الكهرباء .. وفاتورة الماء.. وأين مصاريف المدرسة من رسوم وكتب ودفاتر وأقلام .. وأين قيمة العلاج.. دواء السكر .. ودواء الضغط .. ودواء القلب وفقر الدم .. والسل .. والقرحة .. والربو .. وغيرها؟.. وكل هذه الأمراض قد تجمعت في كل مناطق اليمن .. وبؤس وشقاء وعري وجوع .. بسبب زيادة الأسعار والسياسة التجويعية التي تنتهجها الحكومة الموقرة.

العالم يتغير ويتبدل كل يوم .. فهل تغـّيرنا نحن ولم نحس بهذا التغيير ..غير الإحساس بالتغيير إلى الأسوأ؟.. إن الذين وضعوا استراتيجية الأجور يجب أن يعيشوا معاناة الشعب ومتاعبه ومشاكله .. فلا يكفي أن يجلسوا داخل مكاتبهم .. ويصدروا القوانين لحل المشاكل على الورق.

ادفعوا للمتقاعدين الحد الأدنى للمعاشات 20.000 ريال كاملة بدون (مراحل).. لكي يفطروا (روتي وشاهي) .. ويتعّشوا (خبزاً وماء)

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى