مفخرة المرأة العربية د. سلوى مبارك الممثل المقيم لـ «الفاو» في دمشق

> نجيب محمد يابلي:

> كسرت د. سلوى مبارك استثناء القاعدة عندما قبل السيد كوفي عنان، الامين العام لمنظمة الامم المتحدة أوراق ترشيح هذه الخبيرة اليمنية التي قدمتها حكومتها لتصبح اول امرأة عربية تتبوأ منصب الممثل المقيم لمنظمة الزراعة والاغذية FAO على المستوى الاقليمي بل وعلى مستوى ديوان المنظمة في روما.

لم يأت ترشيح الدكتورة سلوى من اي اعتبارات مناطقية أو قبلية او عشائرية او اسرية، إنما جاء لاعتبارات اكاديمية وعلمية وعملية ووطنية وأهلية، وأملت تلك الاعتبارات نفسها على اتخاذ القرار المناسب في الشخص المناسب للموقع المناسب .. ورب سائل يسأل من هي الدكتورة سلوى مبارك؟

حافة حسين مسقط الرأس
سلوى مبارك عبدالله عمبر من مواليد الحي الكريتري العريق «حافة حسين» في خمسينات القرن الماضي، ووالدها مبارك عبدالله عمبر الحضرمي الاصول كان واحداً من صاغه وباعة المجوهرات في عدن، ومن المال توفر المناخ الصحي لنشأة ابنته سلوى.

تلقت سلوى مبارك مرحلة تعليمها العام في مدارس كريتر (عدن) وأما تعليمه الثانوي فقد تلقته في كلية البنات الذائعة الصيت بخورمكسر والذي توجته بستة مواضيع في شهادة الثقافة العامة G.C.E. في المستوى العادي O Level وثلاثة مواضيع في المستوى العالي A level وكلها من جامعة لندن العريقة.

حصاد الشهادات العليا من بريطانيا
في العام 1970م شدت سلوى مبارك الرحال الى بريطانيا لتلقي دراستها الجامعية، وكان الانتصار الاكاديمي الاول الذي حققته بنيل درجة البكلاريوس في الاقتصاد بمرتبة الشرف Hons من جامعة كوفنتري عام 1973م ثم عادت الى ارض الوطن لتلتحق بوزارة التخطيط بعدن، عاصمة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وعينت ضابطة تخطيط، رئيسة لقسم المتعدد الاطراف.

وفي العام 1975م عينت سلوى مبارك مديرة لدائرة الزراعة بوزارة التخطيط، ثم انتقلت الى وزارة الزراعة والاصلاح الزراعي بعدن عام 1977م مديراً عاماً للإحصاء والتخطيط الزراعي، وبعد ثلاثة أعوام تقرر سفر سلوى مبارك الى بريطانيا مرة أخرى، حيث حصلت على الدبلوم العالي في العلوم الزراعية من جامعة ابيري ستويث بويلز خلال الفترة 1980/1981م وبعد عام آخر حصلت على الماجستير في التنمية الزراعية والريفية من جامعة درهام خلال الفترة 1981/1982م.

عزمت الدكتورة سلوى على انجاز مشوارها العلمي والاكاديمي بتتويجه بدرجة الدكتوراه إن آجلاً ام عاجلاً، واجتاز عزمها مرحلة الاختبار الصعب عندما تفرغت خلال الفترة 1996-1999م للتحضير لدرجة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة درهام والتي توجت بنجاح باهر عندما قدمت اطروحتها الموسومة (التحول الاقتصادي والسياسي في اليمن).

الدكتورة سلوى والمهام المتشعبة
تحقق تراكم نظري وعملي لدى الدكتورة سلوى وتحقق من وراء ذلك التراكم الاساس المكين لأي موقع تبوأته وتعاملت مع مفرداته بلغة الواثق من نفسه والواثق من قناعاته وقراراته في سياق المهام المسندة لها، وفي ذلك السياق عملت على التنسيق بين الجهات الحكومية والوكالات المختصة من خلال المراسلات مع المنظمات الوطنية والاقليمية والدولية.

كما عملت في ذلك السياق على مراجعة كل المشاريع التي تمولها أو شاركت في تمويلها المنظمات الاقليمية او الدولية مع القطاعات المعنية، وتحيلها الى السلطات المختصة فور إقرارها مركزياً، كما عملت على مراجعة وتقييم تمديد النشاطات الدولية مع جهات الاختصاص وطنياً ودولياً، وقامت الدكتورة سلوى ايضاً بتقييم كافة البرامج الاستثمارية اقليمياً ودولياً مع القطاعات المختصة وإعداد التقارير بأداء تلك البرامج لرفعها الى صانعي السياسة.

من واقع التنويعات في مهام الدكتورة سلوى انها كانت مسؤولة عن كافة البرامج الاستثمارية الزراعية، وشمل ذلك التنمية السمكية والريفية ومؤسسة الثروة السمكية سواء كانت مواردها وطنية أم ثنائية أم متعددة الاطراف.

من المجالات التي شملتها مهام الدكتورة سلوى مجال مراجعة كافة العقود والاتفاقيات في قطاعات الزراعة، وبلغت حداً من الصلاحية أنها توقعها نيابة عن الهيئات الوطنية.

صوت الدكتورة سلوى مسموع
داخلياً وخارجياً

لم يكن صوت الدكتورة سلوى مسموعاً داخل أروقة وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي ومن قبلها وزارة التخطيط وحسب، بل وكان مسموعاً داخل اللجنة العليا للتخطيط ووزارة الدولة، حيث قامت بمراجعة كافة الدراسات والتقارير الاقتصادية الخاصة بقطاعها قبل رفعها للجهات العليا في الوزارة.

كما قامت الدكتورة سلوى بوضع التحليلات الخاصة بالقطاع الزراعي لمناقشتها مع منظمات دولية مثل منظمة التنمية الصناعية التابعة للأمم المتحدة (يونيدو) ومنظمة الزراعة والاغذية (فاو) ووكالة التنمية الدولية، التابعة للبنك الدولي (إيدا).

شاركت الدكتورة سلوى المؤسسات الحكومية المعنية بوضع السياسات المالية والنقدية للحكومة مثل البنك المركزي اليمني ووزارة المالية والبنوك التجارية ووزارة التموين والتجارة وغيرها، وشاركت الهيئات المعنية لتحديد السياسات الاجتماعية المناسبة لتنمية المرأة والسكان مثل الاتحاد العام لنساء اليمن وجهاز الاحصاء المركزي والوزارات المعنية بالخدمات الاجتماعية.

الدكتورة سلوى نائبة الوزير ومستشارة رئاسية
شغلت الدكتورة سلوى منصب نائب وزير الزراعة خلال الفترة 1982/1987م وتحملت مسؤولية عدة دوائر منها دائرة التخطيط والإحصاء والإدارة العامة لمزارع الدولة والتعاونيات والمؤسسة العامة للدواجن ومؤسسة تسويق الخضار والفواكه وادارة البحوث والارشاد، وارتبطت خلال توليها مهام مناصبها في الزراعة بالبرامج السكانية منها مشاركتها النشطة في الاحصاء السكاني والزراعي والترويج لبرامج محو الامية بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم وجهات مختصة أخرى.

عملت الدكتورة سلوى خلال الفترة 1990-2003م مستشارة اقتصادية في مكتب رئاسة الجمهورية بدرجة وزير ومارست خلال تلك الفترة عدة مهام منها تقديم النصح في السياسات الاقتصادية الراهنة (السياستين المالية والنقدية) واكتشاف مواطن ضعفها وتقديم النصح في البدائل.

منها ايضاً مراجعة السياسات المقترحة المقدمة من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي التي تمحورت في برامج التكييف الهيكلي المقترحة لمواجهة الازمة الاقتصادية التي عانتها البلاد عقب حرب الخليج الثانية وقدمت النصح في قضايا كثيرة منها الخصخصة ودور المجالس المحلية وغيرها.

الدكتورة سلوى ناشطة اجتماعية
يحسب للدكتورة سلوى انها كانت واحدة من العضوات المنضويات في صفوف الجبهة القومية اثناء فترة العمل الوطني في المحافظات الجنوبية وكانت ناشطة مدنية في القطاع النسوي للجبهة.

اما في المجال الاجتماعي فقد عملت خلال الفترة 1966/1967م نائباً لقائد جمعية الصليب الاحمر البريطانية في عدن وكانت خلال الفترة 1965/1967م عضواً تنفيذياً في جمعية المرأة العربية اليمنية وعضواً تنفيذيا في اتحاد الطلاب اليمنيين واتحاد طلاب الجامعة العربية في المملكة المتحدة خلال الفترة 1968/1971م وعضواً في جمعية الصداقة اليمنية الفيتنامية وجمعيات أخرى خلال الفترة 1976/1980م ورأست وفد بلادها الى المنتدى الدولي المكرس للمرأة والتنمية الذي انعقد في نيويورك وإلى مؤتمر السكان العالمي في بوخارست (رومانيا) عام 1974م.

شاركت الدكتورة سلوى في العديد من اللجان والسيمنارات والمؤتمرات الوطنية والاقليمية والدولية (فنية وسياسية) في عدة بلدان آسيوية وافريقية واوروبية خلال الفترة 1974/1989م. عملت الدكتورة سلوى مستشارة لجمعية الفتاة الاجتماعية في الكويت ورئيسة لجمعية رعاية الطلاب الايتام والفقراء في عدن وعضو المجلس المركزي للنساء اليمنيات وضمن المكلفات بقضايا الجندر.

أي غرابة بعد ذلك؟
هل يستغرب القارئ ان تكون الدكتورة سلوى اول عربية تشغل منصب الممثل المقيم للفاو في دمشق بعد عرض هذا المشوار الحافل بالتأهيل والمهام والأعمال والمشاركات خلال الفترة 1973-2003م؟

هنيئاً لك يا دكتورة هذا الموقع، فهو انتصار للمرأة العربية ولعدن وعموم اليمن!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى