حتى القتل صار عشوائياً

> محمد سالم قطن:

> قديماً كانت العشوائية حالة نادرة، وكان المنطق طبيعة من طبائع الأشياء. ولهذا لم يظهر بين آلاف الشعراء الذين حفل بقصائدهم ديوان العرب شاعر تلقب بالأعشى، إلا واحد فقط، هو أعشى قيس.

ولعل هذا الشاعر المسكين قد نعت ظلما بالعشوائية. فلربما كان مصابا آنذاك بالعشا الليلي، وهو كما يعرف الجميع مرض من أمراض سوء التغذية لا علاقة له من قريب أو بعيد بهذه الظاهرة النكدة التي استفحلت، في السنوات الأخيرة، على كل صعيد.

في إحدى الإدارات الحكومية عندنا، تم تعيين سائق سيارة المدير العام مديراً لفرع الإدارة في إحدى المديريات. وفي كل العصور الماضية كان طالبو اللجوء إلى خارج البلاد يخترقون الصعاب ويتسلقون الجبال ويقطعون الفيافي والقفار فوق الأوحال وتحت الغبار. أما في عصرنا العشوائي هذا الزمان فقد صاروا يمتطون السحاب على أغلى المراكب في أفخر الثياب وأفخم الوفود.

الأدهى والأمر، أن تتمادى العشوائية في غيها ليصبح القتل عشوائياً ايضاً، ويقتل الرجل الذي أخرج (الرسالة) على أيدي أناس يدعون أنهم يقتفون أثر الرسالة! المبدع العربي المهاجر مصطفى العقاد، مخرج فيلم الرسالة، الفيلم الذي طوع به هذا العملاق آخر تقنيات الفن السابع لكي تتجلى حقيقة الإسلام وتنجلي عن عيون العالم غشاوة هذا الـ misunderstood religion ، ويستخدم التقنيات الإعلامية الحديثة ذاتها وبأكبر نجوم هوليود (انطوني كوين واوليفر ريد) ليشرح لكل الدنيا جرائم الفاشية بحق أسد الجبل الأخضر العجوز الشهيد عمر المختار.. ياللهول! أيقتل مصطفى، ابن حلب الشهباء، الذي رفض أن يبدل اسمه العربي، رغم إغراءات عاصمة السينما العالمية. كيف لنا بحق السماء أن نفهم لماذا يقتل هذا الرجل مع ابنته الغالية، وتتمزق أشلاء حقيبته الثمينة التي تضم السيناريوهات الجاهزة لفيلمه الحلم الجديد عن الناصر صلاح الدين .وأين؟ في عمّان العروبة، وعلى أيدي أناس يدعون أنهم في انتظار صلاح الدين!!

إننا بحق نعيش زمنا عشوائياً غريباً، انعدمت فيه الرؤية وتاهت معه البوصلة. ولا حول ولا قوة إلا بالله.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى