قاموس السلبية

> هيثم الزامكي:

>
هيثم الزامكي
هيثم الزامكي
(اسكت انتبه على نفسك) (ما دخلك .. خليك في حالك) (هيا .. بطل زنقلة) (رجال .. رتب أصحابه) (يا وليد اتقرص على بطنك) (هس لا حد يسمعك) (فكر في نفسك كلهم مرتبين وضعهم) ...إلخ، من المصطلحات الانعزالية التي ينضح بها قاموس السلبية المسيطر على لغة هذا الزمان. تلك هي الثقافة الانعزالية التي تفصل الفرد عن مجتمعه، تتجلى مظاهرها السلبية في عدة صور لا تعكس القيم التي ينبغي أن يتحلى بها مجتمع يعاني مشاكل عميقة يحتاج إلى ثقافة جديدة وأكثر ايجابية من أجل التغلب على تلك المشاكل.

وتؤثر هذه الثقافة في السلوك القويم للفرد فنراها تتجسد في صورة لا إنسانية تصل بسلوك صاحبها إلى درجة ترك مصاب في الشارع وعدم إنقاذه خوفا من التورط مع ذويه أو أجهزة الأمن.

وتظهر هذه الثقافة في صورتها السلبية إلى حد تبرير ودعم كثير من التصرفات الشاذة من قبيل سرقة مال الدولة أو الرشوة أو ترتيب الوضع الوظيفي لذوي المتنفذين، وكأن تلك التصرفات تعبير عن الرجولة، والحنكة، والذكاء، بينما هي في حقيقتها تعبير عن الانتماء الضيق، وتكريس لمزيد من الانعزالية التي تفرز بدورها صراعات هامشية تعطل وتهدر الطاقة الكلية للمجتمع.

وتبدو هذه الثقافة في صورة ساذجة تتمثل في تخلي صاحب الحق عن حقه لمن لا يتسحق تجنباً للمشاكل (وجع الرأس) أكان ذلك على مستوى الوظيفة أو حق التعليم والعلاج.. وصولاً إلى الشارع والمنزل.

ومن الصور المتخلفة لتلك الثقافة ما يتمثل في رفض الأفكار الجديدة حتى وإن كانت بناءة وخاصة عندما تصدر من الشباب، وتضع الشباب وأفكارهم بين جدارين، جدار من القمع النفسي جراء إهمال وتهميش أفكارهم وخططهم، وجدار من الترهيب يمارسه عليهم المقربون منهم بثقافة (خليك في حالك .. اطّورت البلد أو لا عاد اطورت). وهناك من الصور المقيتة لهذه الثقافة ما لا يتسع المجال لذكره، وخلاصة القول إن الأوطان لا تعمر بهكذا ثقافة، والعدل لا يستقيم بهكذا سلوك، والتنمية لن تتحقق ما دام المبدعون وأصحاب الأفكار الخلاقة يحاصرون بتلك المصطلحات المحبطة.

علينا أن نبحث عن القيم النبيلة فينا، لنقيم مجتمعا متصالحا مع نفسه، لا يخشى أفراده بعضهم، بل يخشى فيه الجميع سلطان القانون والنظام، ولنتذكر أن يد الله مع الجماعة وأن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى